عبدالعزيز فهمي - على قارعة الذاكرة...

استيقظت اليوم وبي رغبة
في قراءة شعر ابن زيدون....

لا يترك أثرا من يمشي على الماء
لا يتبلل من يرتدي الغيم
أهديك جذوة نور متقدة
غرفتها من كتبان الذاكرة
كي تريْ الطريق المعوج
من أسفل التيه إلى أعلى الهذيان
حين تتحرك الغيمة كأفعى المنمنمات
تكبر كإعصار في فنجان
ينقض الجنون عليك
لذا لا تلومي الظلال التي تلبس بياضها
كي تختفي
لا تكنسي أثار الشوق عن نبض الحنين
لا تحرقي أثار الخطو على تربة الجنون
كل الأفواه كاذبة إن فُتِحت
وفمك حين ينزوي جهة الغضب
تتسوس الكلمات في سفر التكوين
فتنبح الكلاب
تنعق الغربان في الكوميديا الإلهية
فأرى إليغاري يصفق
يرقص مع طيف هاملت
ومع شياطين المعري
رقصة الغور في دهاليز السؤال
فلماذا كل الأسئلة مزعجة..؟
أتعرفين كيف نمَّحي دون أن نثير سؤالا
أو نحدث جعجعة...!
نُكَسِّر كل الكؤوس التي قرعناها
شوقا
نمزق كل الصفحات التي ملأناها
عشقا
نحفر بئرا في الفراغ
ندفن كان وأخواتها
وإن وبناتها
نئد أمام الطباقات
يجب علينا
ولا بد...
فلابد أن تتعلمي من البحر
كيف يتكلم
المسافات البعيدة في النصوص
لا تتجاوز رمشة نسيان
فتكبر القصيدة تصبح ركام أحلام
يعوج عجزها
يضمُر صدرها
يتلاشى خصرها
ينهد بيتها
القصائد لا تحب
أن تكون على صورة سدوم
لا تحب أن تسخر منها
جوقة الآلهة المتسكعين
على أرصفة الأسطورة
الآلهة الذين يلحسون كعب عشتار
الذين يقبِّلون أظافر أفروديت
فتشتكي من حربائية الاحتمالات
فلا أحد يسمع أنين المتكلم
حين تُفتل حبال حنجرته من وجع الذكريات
الفجر يلقي قمامة الذاكرة
على قارعة اللامبالاة
فيغني كمخمور آمن بالريح
كي يدرب المشكاة المطفأة
على التقية
والتقوى
فلا تحدث النكبة مرة ثانية
لا تسقط الأندلس في يد الذئاب
آه يا ولادة بنت المستكفي
أضحى الذي أضحى
بين الفتح والهزيمة
وأنت لازلت تدسين نهاية بني الأحمر
بين حاجبيك
تخبئين المعتمد في منذيل دموعك
لماذا ابْعَدْتِ قرطبة عن قرط أذنيك
لماذا عريت اشبيلية من بسمة التين
الوجهة تعي تعب القادمين
تُدرك تيه الذاهبين
إلى أين سأذهب
يا ولادة...!
قشتالة تملك كل الجسور
تعتلي كل الصهوات
وأنا غجري وهب غده لأمْسِك
وهاجر في نغم المسافات
لماذا تنأين كخيط دخان شد يد الريح
وذهب
لماذا ...؟؟
وبماذا ستنفع لأنَّ
والبحر غاضب
والشمس حارقة
وأنت بعيدة بُعْدَ 1492 في يومية وجودك...؟؟؟
هل أنسى
وتنسين
تشتكين أمرك للموشحات
أشتكي ولعي لقصيدة النثر
كي تلتم أوصال القصيدة
تسترد ما فقدته من ياسمين
نيلوفر
أوريكيدا
بنفسج
عوسج
وريحان
تكف الدوائر عن الدوران
لا سقوط بعد الآن
أرتاح من هجرة الأوطان
ترتاحين من رعي الشطآن
فأقول
"أضحى التنائي بديلا عن تدانينا..."
تجيبين
" هي هجرة أخرى..
هي ردة أخرى..."
أقول
"بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي..."
تردين
"ما كل ما يتمنى المرء يدركه..."
أجري
وتهربين
نقول أيتها النار في الأحشاء
زيدي اشتعالا
لعل المشكاة تلمع في بحر الظلمات...
فأجيء إليك
جيئة السنونو المتعب
إلى العش
تأتين إلي
إتيان المد الهادر
للرمل
فنسقط سقوط من يتوهم الخلود
بعد "ستين حولا دون سأم
أو ملل"...
عزيز فهمي/كندا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى