* القلم كائن مشاغب في يد الكاتب والشاعر مصطفى الحاج حسين، فهو لا يدعُكَ تتركُ حرفاً يغيبُ عنكَ إنْ أنتَ أردْتَ أن تقرأ شيئاً ممّا يسيل من أجله.
فالحروف تتقافز، والحركات تتراقص، وعلامات الترقيم تُزاحمُ بعضَها بعضاً، فتدخل النصّ ولا تتركه إلاّ بعدَ أن تمرّ عليه كلّه؛ فمهما كنتَ في حالة تعب...
مصطفى الحاج حسين.
مجموعة قصص: (الإنزلاق)
* الإنزلاق..
ما إن وصلت الحافلة، حتّى تدفقت جموع الركاب للصعود من كلا البابين، ثمّة عدد من الفتيان الأشقياء، تسلٌقوا أطرافها وتسلّلوا من نوافذها.
اتخدت مكاني في المنتصف، وقد أمسكت يسراي الكرسي، المشغول بامرأة ورجلين، و كانت يمنايّ...
* خاصرةُ النّشوة..
أحاولُ أن لا أظهرَ ما عندي من حزنٍ
بعدي أتمسكُ بأذيالِ الوقوفِ
وما زلتُ أوزعُ على لغتي الأجنحةَ
وأخفي في سرداقِ غصتي
بكاءَ أقفاصِ الخطا اللائبةِ
تنوءُ لهفتي بأثقالِ دهشتِها
وتموءُ الهواجسُ في دمي
أبحثُ عن فضاءٍ بحجمِ الخيبةِ
وعن أرضٍ تتسعُ لأوجاعي
رماني الأفقُ بأسوارِهِ...
أعلنت وزارة الترببة مسابقة لتعيين مدرّسين للّغة العربية، فسارع "تحسين" وقدّم أوراقه.. لقد مضى على تخرّجه سنتان وهو دون عمل.
كان عليه أن يخضع لفحص المقابلة في العاصمة،وحينما عاد كان متفائلاً
، لأنّ اللجنة الفاحصة سرّت من أجوبته، ومما ضاعف من سروره، إعجابها بقصيدته التي ألقاها على مسامعهم.. ذلك...
صوّري لي قبرَكِ
لأصوّرَ لكِ قبري
أحسدُكِ أنا
لقد مِتِّ في بلدِكِ
وأنا دُفِنْتُ في بلادِ الاغترابِ
هنا الميّتون لا يكلّمونني
لا لأنَّهم يجهلونَ لغتي
بل لأنهم كانوا منذُ البدايةِ
غيرَ مرحِّبين بلجوئي إليهِم
أنتِ محظوظةٌ
حتماً لكِ أصدقاءٌ في المقبرةِ
وكلُّ الأمواتِ يتْقِنون لغتَكِ
حدِّثِيهِم عنّي...