عبدالله البقالي

بغض النظر عما يمكن إن تسفر عنه"كورونا" من خسائر بشرية صادمة. فيجب الإقرار أنها تدفع بنا رغما عنا إلى إعادة النظر في مجمل سلوكياتنا و أفكارنا انطلاقا من أي موقع نحتله. أول ما كشفت عنه هذه التجربة المريرة، حاجتنا لتعلم الانضباط. و أن لا نضخم ذواتنا لنتطاول على ما ليس لنا بدرايةبه. و أن نظل في حدود...
من عادتي أن أنام قبل منتصف الليل بساعة أو ساعتين. لذلك لم يقدر لي متابعة ما حدث الليلة المنصرمة. و حتى حين فقت فجأة بفعل الصراخ حوالي الساعة الثالثة، اعتقدت في البدء إن حريقا شب في أحد الدور المجاورة. و حين استفسرت أهل البيت، أفهموني أنها تظاهرة في أنفاسها الأخيرة. التظاهرة التي تتابعت فصولها...
لم أفكر يوما بمبررات تحفظي على ما قد يعنيه الاحتفاء بمناسبة هذا اليوم. بل وجدت ذلك أشبه بتعبير ساخر يحتفي فيه الجزء بالكل. أو الشكل بالمضمون. أو احتفاء القشور بالكنه. و مرد ذلك أني أجد الحياة بشطآنها الممتدة، و أغوارها و تخومها المكشوفة و المخفية ليست في النهاية سوى حضنا لأم، أو هفوا لمعشوقة، أو...
فتش في جيوبه عن قلم. كان في حاجة إلى تسجيل و ترجمة الذبذبات التي كان يستقبلها بشكل متواصل وواضح، و الواقعة بدروها تحت تاثير المشهد الخلفي الممتد وراء الهدوء الذي كان يعي انه لن يدوم طويلا. عملية البحث لم تسفر سوى عن وجود ولاعة و نظارة طبية وقلم احمر. اعاد القلم إلى الجيب بعفوية. و عاد ليتأمل...
- مرافعة الاديب القاص عبدالله البقالي سيدي القاضي انتظرت ان يثير احدهم اهتمام هذا الصوت القادم من موقع الإدعاء العام، إلى كوننا في صك الإتهام الثاني. لكن ذلك لم يحصل، و لذلك لا أجد بدا من الرد على الإتهام الموجه لي، و الذي يشكك بموجبه المتدخل بنفي ارتباطي بالتربة الأدبية المغربية. و انا أتساءل...
إلى ناريمان الدرقاوي تلبية لرغبتك. لا اعرف كيف وجد "اميو" (الذي يلفظ اسمه هكذا كمواء قط) في غفساي. و لكنه كان من الغلابة بتعبير المصريين و مرتبط بمجموعة من الدور، حيث يؤدي بعض الخدمات، مقابل الحصول على الأكل و بعض القروش التي كان يدخرها لشراء سجائر أو بعص مشروباته المفضلة. ارتبط اميو بشكل أساسي...
البحر هو البحر. مثلما كان و مثلما سيظل. هامد كالدهور المقبورة. متأهب كمارد ينتظر انعتاقه. امتداد و حدود. زرقة. ملوحة. و شتى انواع الحياة. ثم ذلك الحوار اللامتناهي المشكل من مد و جزر كانه يبحث من خلاله هدهدته على مساعدة الكوكب على استعداة هدوئه . او يبحث على وضع الحياة في منأى من اندفاع...
حين ارتفعت الهلكبتر تشق عنان السماء، بدأ القبطان يلعن في نفسه الطبع الفظ الذي رسبته داخله الطبيعة العسكرية، و التي تدفع به إلى المزيد من العناد بدعوى الحفاظ على هيبة الاوامر التي يصدرها، حتى و إن تبين له في حينه انه قد جانب الصواب. هو لا يستطيع مثلا ان ينسى كيف بدات علاقته بهذا الكائن الغريب...
أحكم قبضة يده على عنقه حتى جحظت عيناه . أزاح كفه مدة ثم عاود الضغط . دمعت عيناه وصار وجهه قانيا . ارخى القبضة من جديد . وضع رأسه على المنضدة و سكن مبحرا بين لجات دواخله الدفينة . في استرجاعه للمنعطفات الكثيرة داخل رحلة عمره ، يجد أنه كان دوما يركب تحديات خاسرة انتهت به الى الانحصار في زوايا...
مقدمة : في مسيرتها الطويلة استفادت القصة القصيرة العربية , من العديد من تقنيات القص وآليات السرد الحديث . فمضت في مجرى نهر الحياة , منسابة بإيقاعاتها المتباينة في مختلف المراحل نحو أرخبيل الواقع العريض , لتصب فيه كصدى للوقائع والأحداث .. هذه الأصداء المتلاشية , تسفر عن الجوهري والأصيل , بما...
العيش بمشاعر و احاسيس محنطة هو امر في منتهى الغرابة. لا ملامح. لا انفاس اضافية غير التي تمد الجسد بالهواء. و لذلك فانا الان لست حريصا على شئ. لست بالتعس و لا بالسعيد. لا ارغب في الضحك و لا شئ يدفع بي الى البكاء. شئ واحد أتابعه حتى بدون شغف. هذه الطبقة المتكاثفة المتمددة فوق بساط مشكل من العمر...
هدير الطائرات لم يكن قد تلاشى بعد. و صدى قصف المدافع، كان لا يزال يتردد في الزوايا و التخوم و الأفئدة. و الأبصار لم تكن قد بارحت الطريق الغربية للقرية حيث اختفت قبل وقت قصير آخر فيالق "لاليجو" حين استشرى النبأ كالوباء. منطلقا كإعصار، لم يحمل في اجتياحه صور القتل و القهر فقط، بل و قذف للواجهة...
في ذلك الزمن البعيد، كان هناك شخصان لم يمنعهما فقدان حاسة البصر من مواصلة نشاطهما في العالم الخارجي. الأول كان " ابن العربي" أو " بلعربي" و الصورة التي ترسخت عنه لدى الأجيال التي لا تعرف تاريخه هي صورة رجل مكفوف يصنع الحصائر و يبيعها في " الكراج " . لكن الأكثر أهمية كانا جحرا عينيه العميقين و...
الى احلام بشارات صوت قوي ينتزع الناس من اعماقهم، و نظرات قاتلة تشل المخاطب أولا، لتجرده من كل الاندفاعات ، و تسكب فيها الرعب عبر مجار ضوئية تنطلق من عينيه. حاجبان مقوسان يؤالفهما شعر كثيف ، شديد السواد، يتحركان في انسجام مع ملامح قاسية، صارمة . يؤطرهما غليان داخلي لا يهدأ كشمس حياتها في توقدها...
لا أحد في المنطقة بأسرها سمى مولودا باسم " بوزيد" و السبب الانطباعات و الأفكار التي صارت ملتصقة بهذا الإسم الذي صار مرادفا لاسم " باخوس" عند اليونانيين. أي آله الخمر. لم يعرف بوزيد بمواقف سياسية مناوئة لتوجهات السلطة و آن كان قد تعاطف بشكل صامت مع المعتقلين السياسيين الذن كان يتم تداول أخبارهم...

هذا الملف

نصوص
184
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى