مصطفى المحبوب

هذا كلامي ياصديقي.. ستضيع عمرك وأنت تفكر في الجلوس على كرسي شاعر... و ستضيع متعا أخرى كثيرة وغير مكلفة... لا تقتطع أجزاء من قلبك لبناء جزء ساقط من حائط أو قصيدة .. ستتفاجأ ، ستصاب بالدوار .. ستدرك معنى الخيانة حينما تجدهم ملتفين حول أجزاء قلبك في حفلة شواء .. ستدرك من جديد أن كل ما عرفته عن...
ثمة في بيتي ما يشبه السحر.. كلما تذكرت المدن التي زرتها تقف أمامي صور الأسواق والممرات المؤدية إلى الأدراج المظلمة حيث يتقابل المحبون والهاربون من أبناك الألم .. تقف أمامي مطابخ العزاب التي تنتظر زيارة أطعمة لذيذة حضرتها أيادي الأمهات .. لا أفكر الآن في زيادة وزني أو في المصاريف التي تطلبها علاج...
ماذا سأفعل بنفسي هل أتركها تغادر هكذا ببساطة أعرف أنها قد إمتصت روائح كثيرة أعرف أنها ترتاح أيضا وسط الأوحال .. لكن الرجل الذي نصحني بأن أخلع نافذتي وأرميها بسرعة لم يكن يعرف معنى الشعر.. لا أحد له الحق أن يطردني من هذه الحياة لن أغادرها حتى أتمكن من مواعدة غيمة قد يحصل بيننا سوء تفاهم قد يحدث...
لا أريد أن أعترف.. حتى الآن زنزانتي لم توافق على توقيت الأكل واستراحة الصباح.. أما شكل نوافدي فلم يُسْعِد الحيطان التي صاحبتني وساعدتني على التقيؤ أيام كنا نساعد أنفسنا بسلق البطاطس في الخلاء القريب من بيوتنا .. مرة أخرى لا أريد أن أسمع شعراء يتحدثون عن دناءتي التي أغضبت مدير النشر عن كتاباتي...
أنشغل دائما بالأحاديث التي تدور صباحا بين بائعي الخبز والنعناع ووجبات الإفطار ... أحاول أن أسليهم بقراءة قصص قديمة بشعر القدماء والمحدثين بروايات الغرام والعشق .. بآخر صيحات الهايكو ... يمتعضون ، يتجنبون كلامي ، ينصحونني بالإبتعاد ثم ينصرفون قائلين : الشعر يا سيدي لا يطيل ساعات النهار لا يخيط...
بقليل من الحظ وصلت في الوقت المناسب لم أكن أتصور أن تجتمع كل قصائدي لتعلن العصيان ضدي.. أن تتجرأ وتشتم وجباتي وترمي توابلي من النافدة دون أن تستشير حراسي الفقراء.. لم تعد ترغب في العيش معي بنفس السكن .. حتى الملابس التي تعبت في اختيارها وجدتها ممزقة ومرمية أمام بائع الملابس المستعملة الذي...
فكرت كثيرا وجدت أنه من الضروري البحث عن دكان تستريح فيه مشاعري .. تتنفس هواء يليق برجل مسن أتعبته أدراج البيت وستائر النوافذ وشتائم الأصدقاء.. هنا الجو جميل يساعد على التمتع بألوان الشارع بعربات الباعة التي لا تتعب من الإسفلت وصراخ النساء.. هنا المشاعر تتلذذ بهدوء مذاق الطعام الرخيص وشاي...
الشعر لعنة يمكنني رؤيتها وأنا نائم أضع ضمادات على مشاعري أتفقد أعضائي لأعرف إذا مازالتْ حية أم لا .. أًلُفُّ الموت وسط ورق تضمن شعرا لم يفتن صديقتي.. أو ألفه وسط قماش رديئ حتى لا يمسه أحد وأنتظر الفرصة حتى أرميه في أقرب حاوية للقمامة.. أعرف أنه مارد يحب الحياة بمفرده.. وأعرف أيضا كيف أتعامل معه...
كل يوم أنتظر قدوم زوار أو لصوص على طاولتي ربما استطاعوا جلب بهارات أو مسروقات تجعل طعامي مختلفاً عن طعام جيراني او على الأقل افضل من طعام الأيام الماضية .. مطبخي المزعج ينام من زمان بهذا المكان يتسلى بإعادة ترتيب توابل البلدان التي زارها لم يسبق له أن تشاجر مع مطابخ الحي أو سرق فحما من الدكاكين...
هنا لا أحد يتفوق على الآخر هنا طابور المرضى يزحف بهدوء يساوي بين الأجساد ويعدها بمقابر جميلة.. هنا تجلس امرأة في ممر ضيق تحاول ما أمكن ألا تئن تضغط على صوتها بين فكيها حتى لا تزعج الممرضين الذين يمتعضون باستمرار من روائح مرضى يلفهم مستقبل بعين واحدة يكتمون أنفاسهم مثل فئران باغثها حريق لكي تمر...
الأمر غريب بعض الشيء لا أستطيع الإرتياح والنهوض غذا لمتابعة حياتي.. كلُّ انفعالاتي صارت تتعجل مخاصمة الفصول الباردة .. حتى ملابسي لم تعد قادرة على حماية جسمي.. أتوسل لها تخذلني .. الصيف الماضي اشتريت ملابس كثيرة استعداداً لفصل البرد .. مع ذلك جاءت كتاباتي ضعيفة لم تتحمل صقيع هذه السنة .. كانت...
كل يوم أتجه إلى مكاني المفضل أراجع مسروقاتي وأتمتع بجمالها فكرت كثيرا بأن أهديها لمشردين أو بائعي السلع المهربة .. أو أقرضها لنهر أتعب نفسه وزارني ليلا ليحكي لي عن طرق تتغير بينما أنا جالس .. الآن أنا منشغل بحديث موتى طالما ركضوا بجانبي بجرائم سخيفة تجرني من قفاي لأتذوق نكهة قدر سافر بمفرده ...
هذا الصيف يخيفني قليلا لم يمهلني حتى تنمو قشرة ملابسي وتدعو الحجارة لتنام بجانبي مخافة هجوم كائنات على هذا البحر أما الألم لن أهابه لأني أعددت له صفحات كثيرة تكفيه للتسلية .. لا أتحمل رؤية الصيف يمر بجانبي دون أن أهديه كوبا من الحب الدافئ.. أحتاج لكرمه ودفء حرارته حتى استطيع إدخال جسدي وسط...
لا أحب التحدث في الهاتف.. أشعر أن كل أعضائي ترغب في البحث عن إيجار جديد .. أشعر أن كل المشاعر تراقبني.. وتفكر في أن تأتيني ذابلة وبلا توابل .. كلما حاولت ملاطفتها تخبرني بأنها تفضل السفر إلى مجرة هادئة.. أشعر بالغضب لأني لن أتمكن من إرسال إبتسامة لصديق.. ربما استطاعت أن تعوضه عن...
كل مساء أضغط على أضراسي أقضم أظافري بشدة دون أن أخبر شعراء الحي بفشلي في تحضير وجبة فرح .. أعرف أنهم أضاعوا قصائد هذا العيد وينتظرون قدوم صيف بقبلات أكثر رحابة.. أما أنا فمازلت لم أعرف كيف أنهي كلامي مع جوع تحدثه بلادة قصيدة ترفض مغادرة جيبي .. كلما استيقظت لأسأل أصدقائي عن هذه الأشعار التي...

هذا الملف

نصوص
87
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى