ريم عبد الباقي - عن الصداقة أتحدث..

خرجت تركض من المطبخ نحو حجرة ابنها البكر.. كاد قلبها يتوقف فزعا عندما سمعت صرخته هاتفا يناديها "ماما"، في تلك الثواني التي استغرقتها لتصل لحجرته كانت كل السناريوهات المفزعة قد مرت بعقلها في سرعة شريط سينمائي تم تسريعه ليتحول الى مجرد ومضات مرعبة، وجدته يقف أمام اللابتوب ممسكاً راسه،فاغراً فاه ينظر الى الشاشة بدهشة، بدا واقعاً تحت تأثير صدمة قوية..
حاولت التقاط أنفاسها بينما تقاطر الصابون من يديها وهي تردد بفزع: ماذا هناك؟؟
نظر إليها في صمت وأشار الى الشاشة..
قطعت الخطوات بتوجس تحاول تحضير نفسها لما يمكن أن تراه على تلك الشاشة وقد صدم ابنها بتلك الطريقة.. نظرت ملياً، حملقت مطولاً بالشاشة..
ضيقت عيناها لتوضيح الصورة أكثر وهي تهمس بتعجب.. ما هذا؟
كان اسمها الكامل مكتوباً بالخط العريض..
لم تستوعب لم كتب اسمها الكامل كما كانت تستخدمه في المدرسة على شاشة اليوتيوب
جلست على طرف السرير بينما انسحب ابنها جانبامفسحا لها المجال لتشاهد الفيديو القصير الذي لم يتعد الدقيقتين.
أعادت الفيديو مرات ومرات وفي كل مرة تسقط دمعة من عينيها، غمرت الدموع وجهها
حتى تقاطرت من ذقنها وهي مازالت في حالة الذهول التي لم تخرج منها إلا عندما احتضنها ابنها ثانيةً..
قال لها بحماس وسعادة: إنها هي صديقتك التي حدثتني عنها كثيراًأليس كذلك؟
تلك الصديقة التي افترقت عنها منذ ما يقارب العشرون عاماً وانقطعت أخباركما، ولكنك لم تنسيها ابدأويبدوأنها لم تنسك هي الأخرى..
كانت الكلمات تخرج منه بسرعة وحماس شديدين، ثم أعاد قراءة ما كتب على الشاشة بصوت مسموع..
أنا"..." ابحث عن صديقتي"..."وأتمنىإن رأت هذا الفيديو يوماً أن تتواصل معي على إيميلي المدون بالأسفل وأن تكمل هذه القصيدة..
"أخاف من هواك.. من لظى جفاك
أخاف من المجهول..
................................"
سألها ما امر تلك القصيدة؟
ابتسمت وعيناها متعلقتان بالشاشة كأنها تخاف أن ترمش فتختفي أو أن تشيح بنظرها عنها فتفيق من حلم جميل وهمستببضع بكلمات لم يسمعها جيداً ثم قالت:تلك هي بقية القصيدة.

سأل بإلحاح وفراغ صبر: أليست هي صديقتك التي كنت تبحثين عنها؟ ما امر تلك القصيدة؟
نظرت إليه وقد استعادت وعيها للتو قائلة بسعادة: نعم.. نعم إنها هي..
تلك قصيدة كتبتها عندما كنا سوياً في المدرسة الثانويةولا يعرفهاأحد سوانا لذلك طلبت أنأكملهالأنه لن يكملهاأحد سواي.
اخفت وجهها بين يديها وانخرطت في بكاء مجنون.. ترفع عينيها للشاشة وتضحك ثم تعود للبكاء.
وعندما هدأت فتحت صفحة الايميل وكتبت:
صديقتي الرائعة..
هذه أنا صديقتك"..."وهذه هي القصيدة كاملة..
"أخاف من هواك.. من لظى جفاك
أخاف من المجهول..
أخاف أن أقول في لحظة انفعال.. يا فارسي تعال".
لقد سبقتني بخطوة صديقتي كما كنت دائماً..
صديقتك التي اشتاقت لك كثيراً..

نوميديا
جدة/2011م

ملحوظه: هل مازلت تأكلين البطاطس المقلية بالمايونيز؟

استرجعت مشاهد تلك الذكرى القديمة بكل تفاصيلها المبهجة المذهلة في عقلها وهي تقول لأبنها الأصغر: هي أرزاق يا بني، كالصحة والمال والأهل وكل شيء جميل في هذه الحياة.. الصديق الوفي رزق عظيم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى