عبد الجبار الحمدي - القوادون الجدد

لم تسعفه الأيام وهي تحمله على كفيها دون صافرة إنذار، لقد كان الشارع مزدحما فأخرس كل الصافرات إلا تلك التي لا زالت في بطن نفسه... لم يعي انه في موقع بعيد رمت به عُهر الايام التي كانت في يوم ما تتراقص له وتعري نفسها بغية ان يضاجعها ليكشف ما بين افخاذها... أشيع عنها أنها غير مأمونة ففخاج الرغبة لاشك لها نتؤات واسلاك شائكة فما عادت عبارة ادفع اكثر لتنال الرغبة مقياس لها بل صار المقياس.. تَدَين فتسعى بين يديك رغبات الشياطين، اسلك مسلكا بوليا تنال انتفاخ اوداج وخصيتي ثور... همه الاطاحة بالكثير من بائعات الهوى...

رؤوف شخص لم ينل من التعليم إلا القليل فحبات السمسم التي كان يسير ويلتقطها من رجل واكبه كرمز للخلاص من عبودية الاصنام غيرت مجرى حياته الى ان يعبد صنما واحدا يجيد العزف على ساكسفونات العالم، لا زال يؤمن بأجراس الكنائس، ولا يزال يؤمن بأن اليهود شعب الله المختار، ولا زال يؤمن ان شعب موسى وغيرهم ليسوا من المختارين الجدد... صاغ لنفسه خاتم مثل خاتم سليمان رسم طلاسم و وجوه عفاريت امسك بالخرافة ان الحياة لا يمكن ان تستمر إلا بإله تصنعه لنفسك، فما الجاهلية الأولى ببعيدة... إن الارباب ان تكاثروا صار الاختيار متعددا والحرية مباحة، فلتؤمن بمن تشاء وتكفر بمن تشاء ما دمت تدفع للسادن... اما الرب الذي يجمع القرابين سيقسمها حين تركب اضلع معوجة لتسير عليها حيث الصراط المستقيم... هكذا ادرك رؤوف انه على حق وعدا ذلك فهو كفر وإلحاد فالانسان لا يعيش مرتين... لذا وجب يقول لنفسه ان نعلم انفسنا ان الارباب كُثر فلا نؤمن بالإله الواحد... كما الجاهلية،

رؤوف قواد من طراز القرن العشرين الذي يسير وحوله حاشية تجمع البصاق الذي يرمي به بعد كل حديث عفن... حتى دخل عالم السياسة ذلك العالم الذي غير موازين كانت ثابتة عنده، صهرت مسميات العصر والتدين الليفة التي يحك بها جلده، شعر انه ليس القواد الوحيد في مجاله وان مهنة وحرفة بأن تكون قوادا ليس مشروطة بما تملك من عاهرات او وسفن رغبة، إن العالم الجديد يحوي اساطيل من دول وحكام مهنتهم ان يكون مثل ذلك التابع في حمام بخار الرجال مهنته ان يمسد ويدلك أعضاء سادة العروش...

دخل رؤوف في اول لقاء للتعارف خجل ان يعرف عن نفسه وقد سلك قبله من تميزوا عنه بعوالم مظلمة دون ان ينبس بكلمة سمع صوتا يقول: لقد وقع عليك الإختيار يا رؤوف أن تكون الواجهة الجديدة، فبعد ان كشفت الكثير من الوجوه وأُطيح بالاقنعة صار لزاما تغيير الواجهات، و بما انك بارع في بيع وشراء العاهرات وحلو اللسان كالثعلب أرى انك الأجدر للمهمة... لا عليك فكلنا معك والى جانبك ما عليك إلا أن تُسَخِر امكانيات سلخ الجلود... خذ من حاويات الوعود ما شئت إزرع بطانة الحرافيش، ضم إليك من هم أسفل السافلين.. كن قائدا بإمتيار عُهر بغاياك لاشك سيدنيك من العين الواحدة لتراك وتصنع منك أيقونة، بعدها تكون قائدا لشعب مختار اصلا بأن يكون كالح همة البكاء والنواح، يحب الفقر حتى يستجدي حقه، يمتاز بالذلة ليصرخ طالبا طود نجاة، خذها مني يا رؤوف إنك مُقبل على دنيا يكون فيها الحرام حلال، والفساد عنوان تجارة وشرف، التدين سمة لا تنفك تتبعك أين ما ذهبت وحليت... لاشك ان عهدك سيعيد للدنيا حديث السندباد، ستصعقك الحقيقة كأنها تعيد إليك شحن افكارك بأنك تعيش عالمك بخطوط عريضة انت فيها الخيط الرفيع الى جانب الكثير من الخيوط الاخرى الملونة... ستبزغ شمس جديدة من نفس ذلك الهرم الذي ترقد عليه عين الدجال الكبير، ستغتسل من خطاياك ببول بعير، وبول بقر، ستكون من اصحاب السقايا والرفادة ستلبس ردائك الفضفاض، ستغني لك المومسات وهي ترقص على دفوف خيم الرايات الحمر، ستعلو كالمنطاد فخراج وطنك في كل مكان غيث يتلقفه الغرباء اما اهله فلهم الحصرم والشقاء، يكفيهم ما يوارونه نفاقا وبهتانا... سيُكتب في السقيفة الجديدة ان البابا مر وكان هنا، سيعيد كل القوادين صياغة مسيرة القافلة فلا غمام يظلل عليها بعد ان ازاحوا ستار مسرحية أنا وطريق الحرير المتعثر بالخيانات.

القاص والكاتب

عبد الجبار الحمدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى