د. وفاء الحكيم - عند منحدر العتمة

غير الحب كثيرا من طبيعتي ، فأصبحت أكثر ميلا للصمت كنغمة شهية ، مستوحشة وقابلة للترجمة إلى مختلف لغات الحب الحية كما قويت بداخلي الرغبة في تغيير نهاياتنا المفجعة . ورغم اختلافات تبدو كثيرة وعميقة بيننا الا انه لم يكن بامكاني مقاومة هذا الحب المتسربل بالسكينة والضوء والذي يلفنا سويا _ أنا وهي .
كم كنت انتفض فرحا حين أراها تظهر بغته ثم تتحرك بهدوء جيئه وذهابا داخل محيط تلك الجدران الكالحة المتشققة والتي تعلو واحدا منها نافذة ضيقة مهشم زجاجها . كانت لا ترنو كثيرا للنافذة ولا تهتم بنظراتي المصوبة تجاهها ، تغزل لفائفها علي مهل فتمتزج ووتلاقح خيوط الضوء لتهيل التراب عن العتمة العافية حولها . كانت تتحرك فأتحرك صوبها ، أحيانا كنت اتململ في جلستي وانفلت من سجن المقعد لاختصر المسافة بيننا . كانت اجتهد لفهم ضحكتها وابتسامتها وصمتها المتوجس خشية أن يفتضح أمرها ، كنت اسرع لاختراق منافذ جسدها ابحث عن موطيء قدم ارتكز عليه ثم انفجر كبئر يهبها ماء الوضوء الذي يسيل بروية علي منحنيات جسدها الصامت الملغز ،ثديها المترهل،وهذا العنق المائل دون وعي لانحناءة لابد منها تلافيا للضوء والحقيقة .
عاهرة _ليس إلا
ورغم استماتتها في التشبث بهذا الجسد الا انه كثيرا ماكان ينفلت من لزوجة الطين الفسيحة والعتمة المستكينة ليرواغ الآخرين بعريه ومجونه كنافة لا نستطيع كراهيتها مهما اقتلعت منا خيام الصمت والموائمة .
كانت تترك بداخلي في كل مرة التقي بها أثرا عصيا علي التعريف لا ينمحي بسهولة وكأنني أمارس في حبها مثلية مشتهاه وسرية لا يعرف طعمها غير رجال محنكين في اروقةالقهر والعوز والمعتقلات حيث لا يتبقى علي سطح اجسادهم من أثر التعذيب سوى آهات انثويه دافئة وناعمة ، وغير نساء يشبهنها تماما انحدرن من أسوار محرقة ومشين علي أسوار مترنحة صوب منحدرات أكثر عتمة ورهافة وندما.
من كان الفاعل ؟؟ من كان المفعول به ؟؟ الموجب والسالب في لغتنا التي نمارسها معك حد التوحد والانصهار .
انت يا نفيسة كنت الفاعل دون شك ونحن جميعا رجالا ونساء، أغنياء وفقراء كنا المفعول به والمفعول لأجله والمفعول به الثاني والذي وقعت عليهم جميعا فعلتك ككتلة نار فاحرقتهم الحرق الجميل ثم اطاحت بصبرهم البغيض وهي تبحر رويدا رويدا صوب السماء والوجود الشفيف المترامي حزنا في إطار لا يبين .
من انت يا نفيسة ؟ ضحية استثنائية لظرفي الزمان والمكان ،ضحية ناضلت بضراروة ثم خسرت فاستسلمت؟؟
ومن نحن ؟؟ ا لحزانى على أنفسنا في موقف السلب والايهام بعدم الاكتراث حين كنا نراك قد اجتثثت اشواك الحزن واعدمتها ثم اعدت زراعتها علي هواك وكما يحلو لك .
كعادتك تظهرين فجأة بعد غياب يطول أو يقصر تبعا لمزاجية القائمين علي العرض أو إعادة العرض ووسط دوامات الفراغ التى تعيد علينا عرض كل ما يسكت اسئلتنا ويملؤنا بالتثاؤب .
لكنك _ لحتميتك الوجودية _ تختالين طيور الروح فتهب من رقاده منتبهة ، تروحين وتجئين ، تضحكين وتبكين ، تنزلقين عند اسفل قاع المنحدر !! لأجل ماذا كنت تضحين؟؟ لأجل حفنة بسيطة من قروش كان بمقدورنا ان نوفرها لك بطرق أخرى كثيرة لو فقط حاولنا .
حين تغيبين لم يكن لأحد أن ينتبه القلق عليك ولم يكن لاحد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى