عصام سعد حامد - حاكموا رب الكعبة و..

في نفس العام، الذي تم تصنيفي فيه عالمياً.. كأحد أعظم ثلاثة معماريين.. تم أتهامي بتهم مارقة. ما أغربها، أمقتها..( تآمر على الأديان، إرهاب هندسي), التي شغلت الإعلام..،.. منع النشر عنها، بأوامر.. لا أدري مصدر قوتها، تراجع معظم المحاكم..، اعتذارها بعدم إختصاصها، إحتجاج إحداها.. الأكثر طرافة.. بأن الدعوى أعلى من سلطتها..
بداية الأمر.. كانت بإجتماع، دعاني إليه.. مجلس إدارة شركة دولية.. بصفتي خبير استشاري.. لإضافة لمسات لأحد المباني.. لتجعله آية، معجزة بنائية، طفرة معمارية، سفيرها لقرون آتية، تحدياً لعبقرية البنائين القدماء.. هذه كانت رغبتهم نصياً.. تم تكليفي..، بكلمات رئيس ممثلي رأس المال:
ــ بصفتك أمنحوتب عصرنا. نرجو تحقيق رغبتنا..، تزويد المبنى بميزات خالدة. تجعله أسطورة واقعية، لعصور قادمة..
نظرت لرسومات المبنى:
ــ والميزانية..؟
ــ اعتبرها مفتوحة..
ــ والخطوط الحمراء..؟
ــ انطلق كما تشاء، نريد إبداعاً مطلقاً..
وبناءاً عليه. اشترطت شروطاً..، وافقوا عليها..، بعدما ألمحت لهم .. بأفكار استثنائية لما يأملون، ينشدون..، تفوق توقعات العامة..، لغزاً على الخاصة.. استلمت رسومات المبنى، بيانات تحليل الموقع، كافة المعلومات..، طلبت مهلة خمسة أيام.. بعدها ينعقد الاجتماع. لسماع رأيي المبدئي, ربما الأخير.. اعتكفت بمكتبي..، طلبت يوماً آخر. أكملت خلاله تصوراتي، قياساتي المعمارية.. حانت ساعة اللقاء.. انعقد مجلسهم.. دخلت عليهم، متألقاً ببهاء حاجتهم.. انتبهوا..، لتلقي فيض قريحتي.. بادرتهم:
ــ أخيراً.. تفوقنا على (أمنحوتب). رب الهندسة الفرعونية، هذا المبنى.. يشهد بذلك..
المدير العام مستفسراً، مترجماً نظراتهم:
ــ كيف..؟
أشرت إلى المجسم:
ــ كما ترون.. المبنى تحيطه حديقة. يحدها سور خارجي.. طبعاً.. تريدون الإعجاز في المبنى، ليس في الحديقة أو سورها
اومأت رؤوسهم..، لتكملة شرحي.. أوضحت لهم، بأن اوجه الإعجاز، التي طلبوها.. حصلوا عليها..، بدون تغيير الرسم الحالي.. فقط. تعديل في إتجاه المبنى، تحديداً تسع عشرة درجة.. يمنحه تفرداً عبقرياً، إبداعاً معمارياً. لا مثيل له..، السؤال الذي فرض نفسه، بلسان مدير عام الإنشاءات:
ــ ما هي المميزات؟، التي نحصل عليها من الإتجاه، الذي أشرت إليه!
ــ هذا الجانب الشرقي هو الأطول. مقارنة ببقية جوانبه الأخرى.. تصبح جميع فتحاته.. منفذاً للشمس، الهواء. طوال العام..
رئيس مجلس الإدارة، بحزم يناسب مسؤولياته:
ــ حضرتك متأكد..! أم أن هذا مجرد توقع هندسي؟
ــ عفوا..ً أرفض التشكيك.
سكنت لحظات..، راقني ما سمعته من أحدهم:
ــ حقاً.. أشهد لك بعبقرية الإبداع، بأنك أبو الهندسة..
شكرته..، أكملت حديثي.. بالمفاجأة الكبرى، التي أذهلت عقولهم، جعلتهم يتشبثون بحلم الإعجاز،.. بأنه بعد التعديل..،
، بناءاً على ما ناقشته، أثبته برسالتي للدكتوراه الأخيرة، التي حصلت عليها منذ ثلاث سنوات، كانت بعنوان (علاقة مقاييس الهندسة المعمارية بمعايير عمارة كوكب الأرض). أن زائر المبنى. تنخفض طاقته السلبية، ترتفع طاقته الإيجابية ــ بطريقة مبسطة ــ يدخل المبنى يائساً تعيساً، يخرج منشرحاً سعيداً.. بسبب مجال كهرومغناطيسية الأرض، تأثيره على طاقة الإنسان الحيوية..، هذا يمكن الحصول عليه بتغيير الإتجاه، الذي أشرت إليه..،.. كانوا في حاجة لهذه المعجزة، أتضح ذلك من وقوفهم، دوي تصفيقهم..، كدت أوقن لحظتها.. أن الإجتماع. لم يكن أصلاً.. إلا ليستمعوا، يتأكدوا.. إنها ضالتهم، حصلوا عليها، أصدر المجلس قراره، بلا تحفظات.. بتغيير خريطة المبنى. وفقاً لرؤيتي المعمارية..، تسليمها للمهندسين المدنيين..، سار المشروع .. كما اتفق عليه..
بعد عامين..، انتهت الأعمال، تم إعلان ذوي الشأن..، للأسف.. رفضوا استلام المبنى.. ولأنه كاتدرائية.. ثارت مشكلة عقائدية معقدة، من ذوات الخمس وخمسين عقدة،..أتسعت.., اتخذت لها أبعاداً.. سياسية، تاريخية، دينية..، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية. اتجاه المبنى صوب القبلة، للكعبة بمدينة مكة. أتفق ذوي الصلة.. للتنصل من الأمر. تقديم كبش فداء..، بأعلى صوتي.. صرخت في قاعة المحكمة:
ــ يا سادة.. حاكموا رب الكعبة والكاتدرائية.. والأرض والكون..، إبراهيم وبنيه..


بقلمي
الكاتب القاص / عصام سعد حامد ــــــــــ مصر ــ أسيوط ــ ديروط
15 / 6 / 2020

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى