فوز حمزة - رسالة بالصّمت - قصة قصيرة -

ضحكات .. قبلات .. حكايات ..
هذه هي قصة حبي التي ولِدتْ من لقاء بيّننا كان بالصّدفة.
أغصانُ لهفتي أزهرتْ شوقًا وصرختْ من فرط النّشوة: ما زلتُ على قيد الحياة، ما زلتُ على قيد الرّبيع!
لنْ أقولَ أنّ القصة انتهت بالزّواج، بل تكللتْ به وتزينتْ!
بدأتُ أنظر لكل شيء من شرفات الأمل والسّعادة، أهمسُ لأوراق شجرتي وأنا أحتسي فنجان القهوة أن الفصول الموجعة قد رحلتْ وستعود غاباتي تشتعل باللون الأخضر ثانية.
الحّبُ يشاركنا وجباتنا ثم يسابقنا نحو السّرير، يقتسم الفرح بيّننا ليكبر ثم يقسم الحزن بين قلبينا فيصغر!
ركلنا به مؤخرة الألم مبتسمين لوجه الأيام الملوحة لنا من بعيد بالبشائر وعلى أجنحتها يتوهج الأمل!
منح كل منّا زهرة شبابه للآخر ليفوح عبيرها ويعم الشّذى على البيت الذي في زواياه تكونت لنا ذاكرة جديدة.
بالحبِ أنجبنا أبناءنا، وهاهم كبروا أمام أعيننا وبين أيدينا.
الحب منحني الفرشاة والألوان لأرسم صورة مثالية للرّجل الذي أتمناه لأكتشف بعدها أن صورته في الواقع لا تحمل إلا لونًا واحدًا قاتمًا!
أقنعتُ نفسي بالتنازل عن أحلامي ورغباتي لأجله، غررتُ بنفسي لاجدني أخلق الأعذار لأخطائه بالقول: ما زال هناك وقت للغفران!
الحبُ من أوحى لي بإخفاء انكساراتي لأبدو أمام أبنائي كما عهدوني، أم قوية، وأمامه زوجة صلبة.
يا ترى هل كان الحب محقًا حين أمرني بالصمت لئلا أهدم البيت الذي كان يسمى باسمه، بيت الحب؟!
بهذا الحب ذاته صبرتُ وأنا أراه يبتعد عني بعد مرور عدة سنوات، أحيانًا تنتابني لحظات أعتقد فيها أن حلمًا شديد التّصحر يمرُّ بيّ عليّ أنْ أعيشه!
انحنيتُ للعواصف كي تمر حياتنا بسلام، وانتظرت غيمة منه تأتي فتغسل ظلالنا من الغبار العالق بها.
الحب تولى ستر دموعي حينما علمت بخيانته، وهو من هداني لفكرة ترك جسور العودة ممتدة هامسًا لي:
بالحب انتظري عودته ثانية لخيمة قلبك.
من بين شفاهي المرتجفة جاءه الجواب :
بئسًا لك من حبٍ يأمر بالصمت ساحبًا خلفك الهزائم مربوطة بسلاسل الخذلان!
ماذا لو أخبرتك أن صقيع خيانته حول أيامي المزهرة إلى أخرى تعزف فيها الرّيح لحنًا حزينًا يبث الخوف من الآتي؟!
هل يمكن لك أيّها الحب أن تولد ثانية من رحم الغياب؟!
هل يمكنك من بعد غياب أن تشفي ألم الذاكرة وتزيل ندوبًا تركت أثارها عميقًا؟!
لن أهدر وقتي في البحث عن إجابات تحولني لامرأة تدور حول نفسها حدَّ بالأعياء فتفقد القدرة على رؤية ما حولها، لن أكونَ الغريقة التي تتعلق بقشة بل سأتعلم العوم بمفردي ليصبح بمقدوري الوقوف ثانية على شواطئ الحياة لعلي أجد هناك من يشاركني مقعدي الشاغر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى