ناجي ظاهر - خطاب الى نجمة الفجر...

ما الذي حدث لنا.. لك ولي.. لماذا ابتعدت كل هذا الابتعاد؟.. تعتقدين انني مجنون وان البعد عني غنيمة.. الا يمكن ان تكوني انت المجنونة.. بدليل انك تنازلت عني بكل تلك البساطة؟.. اعرف انك تبتعدين لتقتربي، اعرف هذا جيدا. هذا ليس الابتعاد الاول. بإمكاني ان اذكرك بأكثر من ابتعاد. اول ابتعاد لك، اذا لم تخنى ذاكرتي المخلصة الوفية، كانت يوم تمردت علي وقلت لي: اذا اردت ان تتحداني ستكون انت الخاسر ولست انا بأية حال.. يومها لم اعرف بماذا اجيبك.. كنت ادرك تمام الادراك.. ان مناورتك هذه قد تقضي على علاقتنا ولو مؤقتا.. وما كان بإمكاني ان استغني عنك وعن كلماتك الشاعرية الجريئة تطير عبر المسافات طاوية المسافات الواسعة الشاسعة بجبالها.. سهولها ووديانها.. لتستقر هنا في اذني.. قلبي وروحي. يومها ارتبكت.. حققت لك ما اردت.. صمت.. وطال صمتي.. فما كان منك الا ان اخذت صمتي ذاك ذريعة لان تقولي انك قررت الا تتصلي خلال شهر.. وحدّدت اتصالك المظفر ذاك باليوم الساعة بل الدقيقة والثانية.. في فترة انقطاعك تلك كنت كلما رن تلفوني اهرع اليه معتقدا انك انت المتصلة الكريمة.. الا ان اعتقادي هذا كان يخيب ليكون المتصل احد الثقلاء.. اعترف انك صدقت يومها.. ففي الساعة .. الدقيقة والثانية المحددة.. رن تلفوني لتكوني انت المتصلة المنتظرة. ولأنعم بسماع صوتك المخملي الرنان:
-ها انذي عدت اليك.. اياك واغضابي. قلت.. بعدها عبثا حاولت اقناعك بانني لم اغضبك.. بل انني بالغت بوعودي السخية لك.. فتبرعت بالا اغضبك مهما كلفني الامر. في الابتعاد الثاني، وانا لا انسى تلك الابتعادات، فقد خبرت سياطها على جلدي العاشق الطري.. حدث امر آخر لم يكن في حسابي ولم اكن اتوقعه. فقد تناقشنا في امور شتى كالعادة، فما كان منك الا ان تطلبي مني ان اعيد ما قلته لك. وهو اننا يفترض ان نلتقي ان نتقارب اكثر. فسألتني بأية صفة.. تطلب هذا الطلب؟ قلت لك بصفة من انتظر المطر يهمي ليسقي ربوعه و.. وروده العطشى. قلتِ افصح.. فأفصحت وليتني ما فعلت.. قلت بصفتي سكني وبصفتك سكني.. نهاري وليلي.. يومها قلت انك لن تلتقي بي الا بصفة محددة.. ولما كنت افتقر لمثل هذه الصفة، صمتُ وطال صمتي، فما كان منك الا ان اجريت لي محكمة ميدانية وقررت الابتعاد مدة نصف شهر. مُكررةً تفاصيل تلك القطيعة.. امامك نصف شهر ابتداءً من اليوم بإمكانك ان تسرح به وتمرح.. اطلقت عقال هذه الكلمات.. بعدها حددت موعد الاتصال.. حينها انتهت المكالمة بيننا وانا اندب حظي.. واصبر نفسي على بعدك الغليظ. في الموعد المحدد رن تلفوني وبالفعل جاءني صوتك ليصل فيما بيننا ما انقطع من حلم بهي استرخى في ديارنا.
فعلت هذا كله وانا لا اتخذ ضدك اي اجراء فقد غلبني حبي لك وغلبني..
لقد بقيت على هذا الوضع من الشد اذا شددت والرخي الى ارخيت(قاتل الله معاوية ابن ابي سفيان فقد علم الناس كيف يتصرفون في لحظات التواصل الجدية)، بقيت كذلك الى ان ايقظتني كلماتك الاخيرة تلك.. وابتدأت استوعب ان الوقت حان لان ارد عليك وان اخذ زمام المبادرة، فإما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا)، لا تصدقي كلامي هذا، انت تعلمين انني لا استغني عنك.. حتى كانت حياتي الثمن.. اعرف ان هذا ليس مهما حاليا.. المهم انني قررت ان ادخل اللعب، لعبة المحبة، بأسلوبي الادبي الخاص. قلت لك في احدى مكالماتنا، انني لا استطيع ان ابقى هكذا بعيدا عنك وان بُعدك عني يكاد يقضي على روحي. يومها قلت لي بالحرف الواحد الواضح، والحل؟.. قلت لك الحل هو ألا تبتعدي وان تقتربي اكثر، فانا انسان وبحاجة الى من تأخذ بيدي فتشنف اذني بأبهى الكلمات وارق الروايات. يومها شعرت انك اقتنعت بما قلته، وهو ما افصحت عنه في فترة تالية حين قلت لي ان كلماتي كانت اشبه ما تكون بعصافير بلادنا ذات الارياش الملونة. بعد اقتناعك ذاك انفتح الباب السري في علاقتنا انت وانا، وابتدأتُ انعم بسماع صوتك بصورة يومية تقريبا. كانت تلك فترة ذهبية في علاقتنا المشتركة، فما كنت اطلب منك اي طلب مهما كلف.. وأيا كان.. حتى كنت تستجيبين لي زاحفة وماشية وراكضة.. كانت اسلاك التلفون حينها تجمعنا. تلك كانت الفترة الذهبية في علاقتنا التاريخية. وكان كل منا يعيش كل لحظة وكل دقيقة وثانية كأنما هو ينتزعها من قلب الخلود وصميمه الدافئ. ما اروع تلك اللحظات.. ما زالت حلاوتها تبعث الحياة في لسياني واكاد اقول في وجودي. لكن مثلما يحدث وآه مما يحدث هذا، لم يدم نعيمُنا، وعدت بقسوة راسك المعروفة المعهود الى شخصيتك القديمة، شخصية معللتي بالوصل، وفاجأتني بما لم احسب له حسابا. قلت لي الان انتهى، افعل ما يحلو لك. لن انساق وراء كلماتك الدافئة بعد اليوم.
قلت لك يومها:
-والحل؟
-الحل عندك. اجبت.
ما ان سمعت كلماتك هذه.. حتى شعرت بنفسي تهتز وبوجود يرتعش، وتابعت قسوة راسك قلت بصريح العبارة: اريد ان اتحدث اليك بصفة محددة. قلت لك انت كل الصفات. الا انك رفضت الاستماع الى حجتي هذه. واصررت على موقفك. قلت ان ذاك هو قرارك الاخير. واكدت انك ستبتعدين مدة ثلاثة ايام، بعدها ستعودين لتصغي الى قراري الاخير. اما ان تكون لك صفة واما لا تكونين.
بعدها اغلقت هاتفك.. وتركتني لأحلامي اكاد اقول لأوهامي.. ليمر اليوم الاول والثاني.. في موعدك المحدد رن تلفوني... رن.. رن.. رن.. كنت اعرف انك انت المتصلة.. الا انني لم ارد، وبقيت مصرا على عدم الرد، الى ان صمت تلفوني ودخل في حالة موت سريري.. لم يكن لدي ما اقوله لك.. كل ما كان بإمكاني ان افعله هو انك تريدين مني شيئا واحدا هو الصفة.. اما انا فقد كنت اريد ان امنحك كل الصفات.. يا نجمة الفجر الاولى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى