عبدالرحيم جيران

تحدثنا في المقال السابق عن ثلاثة أوضاع تخصص الحبكة في «الليالي»، وقاربنا وضع «الورطة»، وسنعمل في هذا المقال على مقاربة الوضع الثاني المتصل بـ«المحنة»، فما المقصود بهذا الوضع؟ وما الفرق بينه ووضع الورطة؟ وكيف ينشأ؟ وما هي الاقتضاءات الدلالية التي تصل به؟ لا ينشأ هذا الوضع من وجود الذات أمام مشكلة...
لنتّفق أوّلا على أنّ تأويل التخييل يحتاج إلى فهم خاصّ يقطع مع كلّ تأويلية عامّة تتجاهل خصوصية الحقول الخطابيّة واختلافها. كما أنّ من المطلوب القطع مع كلّ أشكال التقعيد الكونيّة، التي وُضعت من أجل فهم الحكاية وإرجاعها إلى شكل منطقيّ واحد، بل القطع مع التحليل القيميّ الأحادي. مناسبة هذا القول هو...
سأترك مرحليًا ممارسة الشغب على الليالي حتّى أرفع الالتباس الحاصل في السجال حول التخييل التاريخيّ، وحتّى أنبّه إلى ما قد قد ينجم عن تناول غير محترس لهذا المفهوم من مزالق. وأحبّ أن أُذكِّر بأنّني نشرت مقالات أربع متتابعة في الموضوع في جريدة «القدس العربي»، وهي كالآتي: «أصل التخييل والتمثيل...
«قبل أن أسترسل في مغامرة إعادة تفكيك النصّ الليليّ تأويلا، أحبّ أن أشير إلى أنّ ألف ليلة وليلة تتضمّن رسائل مُسنَّنة تُركت للتاريخ في انتظار من يكتشفها، شأنها في ذلك شأن القارورة التي رُميت في البحر مُتضمِّنة داخلها رسالة، ورماها الموج على الشطّ، لعل فضوليًا يفتحها كي يقرأ ما في داخلها». لقد...
سيكُون مدخلا لهذا المقال معرفة كيفية إنتاج الحكاية المُؤطَّرة، ومحاولة تفسيرها من داخلها، وربط هذا لتفسير بالتأويل العام الذي أشرنا إليه في أكثر من مقال سابق حول «ألف ليلة وليلة». والذي يتّصل بالسوء التاريخيّ المُحدَّد في التجديل بين تباشير الانهيار وفقدان الثقة في التاريخ. وسنأخذ منطلقًا لهذا...
تنبغي الإشارة- قبل مُعالجة العلاقة بين فعل السرد وسارده والتجربة – إلى مجموعة من التحوّطات الإجرائيّة، وفي مُقدِّمتها اتّخاذ الحكايات المُؤطَّرة مجالًا لفحص هذا الأمر، وثانيها، أنّ مفهوم التجربة لا يقلّ تخييلًا عن الحكاية، وثالثها، النظر إلى فعل السرد من منظور مختلف عن التصوّرات السائدة في النظر...
لزيرافا قول مهم في تحديد الرواية، إنها كانت تتطور في حدود المساحة الحرة التي تركت لها من قبل الفنون الشعرية المكرسة، ويرى بأن أصالتها تكمن في في هذا التطور الهامشي، وأنها كانت تؤسس قواعدها انطلاقا من متاح تلك الحرية الظاهرية، ونظن أن الرواية تنتج فنها انطلاقا من الحرية المعيارية التي لا تتقيد...
ستأخذ مسألة مُعالجة الزمان في هذا المقال وجهة أخرى، لكن سنُؤجِّل الحديث عن خلفيتها النظريّة إلى حين اكتمال الكتاب، الذي نُنجزه حول «ألف ليلة وليلة»، ونكتفي بالقول: ينبغي تجاوز البعد التقنيّ في النظر إلى الزمان في السرد، وكلّ نظرة ظاهراتيّة لا تأخذ بعين المُراعاة كونه يتمتّع بتكثيف للتاريخ والرمز...
ما استقر في عديد من الدراسات التي قاربت «ألف ليلة وليلة»- خاصة منها تلك التي تحولها إلى وثيقة مشابهة للوثيقة التاريخية- أن من بين القضايا التي تشخصها حكاياتها مسألة الحريم السلطاني. ويكاد يكون هذا الربط الميكانيكي مشتركا بين الدراسات الاستشراقية والعربية، على حد سواء، لكن ربطا من هذا القبيل...
يعَد العجيب مقولة تصنيفية – إجناسية، بينما يعَد الأعجب صيغة تفضيل تحمل في طياتها بعْدا تثمينيا. والخلط بينهما غير مقبول، وقبل الفصل في هذا الأمر لا بأس من ترتيب القضايا المتعلقة به. وهي ثلاثة: ما المقصود بالعجيب؟ مدى انطباقه على الحكايا في»ألف ليلة وليلة»؟ وبأي صيغة ممْكِنة؟ أتعَد صيغة التفضيل...
تُعَد مفاهيم الموت والتاريخ والعقاب أسسًا في فهم علاقة التخييل الحكائي بالواقع السياسي، وهي مفاهيم تكاد تُحدد علاقة الحبكة التخييلية بالسوء التاريخي، الذي ميز زمان ما قبل الانهيار الشامل للدولة العربية المركزية. وتتجمع هذه المفاهيم بوصفها عناصر نصية مُتفرقة لتُشكل في النهاية نسقًا تأويليا يسمح...
أُريد أن أُوضِّح- قبل الشروع في مُقاربة الليالي الصامتة في ألف ليلة وليلة – أنَّ الصمت الذي نتوخّى مُعالجته لا يتّصل بما هو نفسيّ (المسكوت عنه)، أو الغياب بالمفهوم الذي صاغه به جاك دريدا، أو البياض البنيويّ الذي يضطلع مفهوم الثغرة السرديّة بالإشارة إليه، وإنّما بشيء آخر يتعلّق بما هو تكوينيّ –...
لا تكفّ «ألف ليلة وليلة» عن مُخادعة الدارسين، إنّها تُظهر في الوقت الذي تُخفي فيه، وهي في هذا تفتح دائرة التأويل وتُغلقها في الوقت ذاته، أي أنّها تتضمّن في بنيتها وعياً نصيّاً داخليّاً يجعل كلّ انفتاح غير نهائيٍّ في التأويل مُقيَّدًا. ومن ضمن ما تفتحه وتُغلقه مسألة تدوينها في شقّيْها المُخيّل...
كانا نقيضين، ولم يكن ممكنا أن يكونا كذلك إلا لأنهما حين يلتقيان يبدوان نوتتين لا بد منهما كي تستوي سيمفونية الخلق، مثل وجهي عملة من زجاج، القفا يتداخل مع الوجه، وأشياء أخري، أحدهما يزيد من نحوله طول ينم عن نشوز غير مراقب، بوجه متفاوت التركيب، الأسفل منه مثل ورقة كمشت، بينما الأعلي كان له مروق...
لأنها ليست إلّا هي، بميراثها الثقيل من الرؤي الطالعة من أحشاء الأرض، لا يسعنا إلا أن نصدق- علي الرغم من أنّنا لم نتعود علي التسليم بالخارق من الأحداث بسهولة- أنها كانت تحاذي حدود الحقيقة بطريقتها الخاصة، كانت تفعل ذلك من دون أن تقصد شيئاً محدداً مما تلقي به من فمها، كانت تقول الأشياء لتقولها...

هذا الملف

نصوص
64
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى