ماجد سليمان

1 ـــ رُسُومٌ على الخارطة العربية ما الذي يرسمه الموت على الخارطة العربية؟! غير الأشلاء، وبقايا الأحشاء!! فكما هُوَ الموتُ، يتجوّل في السكك وأمام الأسوار ومن خلفها، يمشي الهوينى على قَدَرٍ مرسومٍ ليلتقط الأرواح المأمور بها، ويحملها مسافراً، يأتي من بعده تائهون يطوون الظلمات خلف قَبسٍ في يد شيخٍ...
يوميات نيئة ضحى الإثنين، صبيٌّ في السابعة، وصوت مشيٍ عسكريّ، يُسرع إلى أذنه، تفتح أمه درفة الباب مقدار ما ترى منه العين، لترى جماعة من الجند يحملون على أعناقهم تابوت جنديّ من زملائهم، بدى أنه من قتلى الحرب، يتبعهم صفّان من الجند بالأعلام والطبول، وكثير من الأتباع، خلفهم موسيقى جنائزية صادحة،...
شَرْقُ الـمَدِيْنَةِ العَتِيْقَةْ فِي الطَّرِيْقِ الـضَّيْقَةْ سَعُلَتْ شَمسُ تِشْرِينَ الثَّاني شِقَّةٌ في الطَّابِقِ الرَّابِعْ دَلَقَتْ غِنْاءَ النُّسْوَةِ مَتبُوْعَاً بِقَرْقَعَةِ أَوَانْ. الأولَى رَفَعَتْ سَبَّابَتَهَا: اعبُرُوا بِدُونِ رَايَاتْ ابْصُقُوا عَلَى النَّوَافِذِ وَاقْرَؤوا...
بعد أن انقطع دبيب الأقدام الآدميّة، انسحبت من دفء فراشي كي ألـمس قبور الموتى من الأحبة، وأحيِّي الـمنازل الراقدين فيها، وأجُسّ تراب القبور، سريت حافياً ووقفت بباب المقبرة حاملاً مسبحتي الصفراء في يد، وعصاي القصيرة في يد، رأيت حفّار قبور لا همّ له إلا الحديث عن عدد الموتى الذين دفنهم، وعن الوقت...
كَبرتُ وكأنّي أدخل في تجاويف أكثف ظلمة، يحيط بي صمتها العميق وتتضاعف سماكته كل ما تآكلت أيامي، وقبل أن أبتر من الليل غصناً نديَّاً، أتين من عمق الظلام جمع من الذكريات، أوكأن قِرَبَـهُنّ، وساوين فُرشهنّ العتيقة قربي، ومضين يمشطن جدائل الأحداث والمشاهد وهنّ يُغنِّينَ بصوت متقطّعٍ مـخنوق. سألت...
في لَيْلِ بَنَاتِ آوى بَيْتٌ يَرِنُّ العَزَاءُ بَيْنَ حُجُرَاتِهْ الشُّرُودُ يَنْحَتُ الـمُعَزِّينَ تَـمَـاثِيْلْ شَيْخٌ في السَّبْعِينْ يَتَّكِئُ عَلَى ظِلِّ حَفِيْدِهْ يَسْأَلُهُ: ــــ خُذ الحيَاةَ وَخُذني حَامِلاتُ الجِفَانِ يُعَزِّينَ القَمَرْ يَدْلُفْنَ العَزَاءَ كَظلٍّ يُطِلُّ عَلَى عَطَشْ...
رُوَيْدَاً رُوَيْدَاً تُتْعِبُكَ الطَّرِيقْ مَضَتْ سِنِيْنُكَ وَأَنْتَ عِنْدَ بَابِكَ تُغَازِلُـهَا بـِهَمْسْ تَتـَحَسَّسُ النَّدَمَ قُبَّعَةً عَلَى رَأْسِكْ تَرْفَعُ كَأسَكَ لِتَشْرَبَ سُلَافَةَ يَأْسِكْ تَكِرُّ إِلَيْكَ الذِّكْرَى وَهِيَ فِي لِبَاسٍ مُهَرَّى تُحَدِّثُكَ بشَفَتَيْنِ...
أَمَرُونَا بِالوُقُوفْ أَطْلَقُوا عَلَيْنَا كِلابَاً أَكْثَرَتْ النُّبَاحَ نَحْوَنَا ضَرَبُونَا بِأَحْزِمَتِهِمِ العَسْكَرِيَّةْ وحَشَرُونَا في حَافِلَةٍ مُهْتَرِئَةْ اصْطَفَّتْ عِنْدَ مَـحَطَّةِ التَّزَوُّدِ بِالوَقُودْ سَائِقُهَا يَتَمَايَلُ بها عَلَى الطَرِيقِ كَعَجُوزٍ مَرِيضَةْ ضَوءُ...
أَضْحَيْتُ كَدَارٍ خَلاءْ عَلَى جَرَبِ جُدْرَاني صُلِبَتْ أَشْبَاحُ مَن كَانُوا نَوَافِذِي مَقْلُوعَةُ الأيْدِي وَأَبْوَابِيَ فُقِئَتْ قُفُولُـهَا لَا يَغْزِلُ سَقْفِيَ نُعَاسُ الـمَطْرُوحِينَ تَحتَهْ وَلَا يَتَّسِعُ صَدْرُ فِنَائِي لَجَلْجَلَةِ الطُّفُولَةْ لَمْ تَكُن أَحْلَامِي مُضِيْئَةْ...
1ــ هواءٌ فاسد: قِمَاطٌ رَمَادِيّ دُخَانٌ يَتَسَلَّلُ إِلَى قَبْوٍ مَهْجُورْ هَوَاءٌ فَاسِدٌ كَثِيْفٌ يَتَضَخَّمُ في الـمَكَانْ مَغِيْبٌ ذُو عَيْنَينِ تَعِبَتَينْ تَعُدَّانِ الأجْسَادَ الـمُمَدَّدَةَ قُرْبَ البَابْ. 2 ــ حُـجـرة: نَـهْرٌ فِضِّي تَدَفَّقَ مِنْ كُوَّةِ حُجْرَتي فَابْتَسَمَ...
رجلٌ بدين محاذٍ للطريق العمومي، يُشير بيمينه ولا يقف أحد، يرفع عصاه ولا يقف أحد، يكرر رفع يمينه سائراً، ولا يقف أحد، حتى تجاوزته مركبة صغيرة بيضاء، وتوقفت غير بعيد، ليخرج مراهق من المقابل ويتكئ على نافذة الراكب ويداه تطوحان كناية عن شدة الحوار، فهرول نحوها، وفور اقترابه فتح المراهق الباب وصعد...
مشهد/ ليل / آخر المدينة / أمام سورة المقبرة اللقطة 1: الصورة: الجهة الأمامية لسور المقبرة، إضاءة متوسطة بالكاد تظهر لقطع خردوات، بقربها ضوء نار، تتحرّك آلة التصوير ببطء مُبتعدة لتكشف الشكل الكامل لرجل جالس قُرب السُّور، ماضٍ في حكّ حجر في الأرض. الصوت: موسيقا رتيبة (عاطفية). اللقطة 2: الصورة...
الفصل السادس من مسرحية: وليمةٌ لذئابٍ شَرِهَة * (نورمان تتملل على كرسيّها وترشف قهوتها، يرن هاتف مكتبها) نورمان: نعم سيّدي.. الرئيس: هل من اجتماع اليوم.؟.. نورمان: لا.. فقط هناك موعد للوزير منير بعد قليل.. الرئيس: حسناً.. (الرئيس مُنشغلٌ بمسّ شاربه الكثيف، وهو يتأمّل صورة الحاكم مسرور،...
بِيُوتُ الطِّينْ خَرْسَاءُ تَحْتَ سَقْفِ الضُّحَى، بَاعَةٌ يَهْذُرُونَ تَحتَ مَائِلِ الظِّلْ تَسُوقُني قَدَمَايَ بِخُطَىً عَرْجَاءْ عَزْفٌ يُنَاوِرِهُ قَرْعُ دُفْ بـَخُورٌ يَتَمَوَّجُ في فَضَاءِ الـمَكَانْ جَسَدَانِ يَتَحَدَّثَانِ رَقْصَاً يُفْصِحَانِ عَنْ إِيمَاءَاتِ طَرِيِّ الأعضَاءْ...
أسكن في الطابق العلوي وعيّوش في الطابق الأرضي، في حي السليمانية الصغير، الذي تتلاصق منازل سكانه بشكل شعبي واضح في طريقة بنائه، وطرقاته الضيقة التي تنبعث منها رائحة الحميميّة الأصيلة، أغلب ساكنيه من أصول نجدية خالصة، عدا البعض من مناطق أخرى، كالحجاز وتهامة والأحساء وشمال الجزيرة، وبعض الأسر...

هذا الملف

نصوص
65
آخر تحديث
أعلى