ماجد سليمان

ــ مِنْ أَيِّ طَرِيْقٍ سَتَجِيء؟ ــ مِن طَرِيقِ السَّهَرْ ــ وَمَن يَغُضُّ الطَّرْفْ؟ ــ السَّهَرُ، وَالقَمَرُ أَيْضَاً ــ وَآلافُ الشُّرُفَاتِ الـمُطِلَّةِ عَلَيْكْ؟ ــ سَتَجْرِفُهَا غَيْبُوبَةُ الظُّلْمَةْ ــ وَهَل سَتَجِيءُ بِإِيْقَاعْ؟ ــ وَبـِمَلايِينِ النَّغَمَاتْ ــ ادَّخَرْتُ لَكَ...
ـــ 1 ـــ الـمَغِيبُ، كَظُلْمَةٍ تَتَمَدَّدْ يُضيِّقُ حُدُودَ السَّهَر وَيَنْصِبُ في الأُفُقِ خَيْمَتَه. ـــ 2 ـــ الـمَغِيبُ، قَدَحٌ غَيرُ مَـملُوء. ـــ 3 ـــ الـمَغِيبُ، يَسْعُلُ في حُنْجَرَةِ النَّهَار. ـــ 4 ـــ الـمَغِيبُ، يَظْهَرُ في قُفْطَانِ عَجُوز. لا تَتَّسِعُ لـَهَا أَرضْ. ـــ 5 ـــ...
الفصل السادس من رواية: عينٌ حمِئَة يَرقدُ في زاوية السجن التي انحرف عنها الضوء النحاسي الداخل من نافذة أُحكمت بحديدٍ صَدئ، سجينٌ حسبته في طريقة نومه كلباً مجدوراً، ففي كل لحظة يَحكُّ أعضاءه، وينتفض ويئن. بعد أن طُويت أسرار منتصف الليل، صحوت على صوت سُعاله، نهضت رامياً بصري إليه، رأيته وهو يُسعل...
4 ـــ رجوم الصبر أخذتُ بحبلٍ من رجوم الصبر، وعدت بذاكرتي إلى ما بقي من مواسم الذكريات، ودلفتُ أحياء التأمِّل تارة، وأقمتُ في مُدن التفكّر تارة، وأمعنتُ في وَهَنِ أحلامنا تارة، وتجاوزتُ أسواراً، وقَلَّبتُ أطوراً، وتَصَفَّحتُ قلوباً عسى أن أشتمّ من عبير حدائقها ما يُبرئ شكّي ويمحو قلقي، وتفحصّ...
1 ـــ رُسُومٌ على الخارطة العربية ما الذي يرسمه الموت على الخارطة العربية؟! غير الأشلاء، وبقايا الأحشاء!! فكما هُوَ الموتُ، يتجوّل في السكك وأمام الأسوار ومن خلفها، يمشي الهوينى على قَدَرٍ مرسومٍ ليلتقط الأرواح المأمور بها، ويحملها مسافراً، يأتي من بعده تائهون يطوون الظلمات خلف قَبسٍ في يد شيخٍ...
يوميات نيئة ضحى الإثنين، صبيٌّ في السابعة، وصوت مشيٍ عسكريّ، يُسرع إلى أذنه، تفتح أمه درفة الباب مقدار ما ترى منه العين، لترى جماعة من الجند يحملون على أعناقهم تابوت جنديّ من زملائهم، بدى أنه من قتلى الحرب، يتبعهم صفّان من الجند بالأعلام والطبول، وكثير من الأتباع، خلفهم موسيقى جنائزية صادحة،...
شَرْقُ الـمَدِيْنَةِ العَتِيْقَةْ فِي الطَّرِيْقِ الـضَّيْقَةْ سَعُلَتْ شَمسُ تِشْرِينَ الثَّاني شِقَّةٌ في الطَّابِقِ الرَّابِعْ دَلَقَتْ غِنْاءَ النُّسْوَةِ مَتبُوْعَاً بِقَرْقَعَةِ أَوَانْ. الأولَى رَفَعَتْ سَبَّابَتَهَا: اعبُرُوا بِدُونِ رَايَاتْ ابْصُقُوا عَلَى النَّوَافِذِ وَاقْرَؤوا...
بعد أن انقطع دبيب الأقدام الآدميّة، انسحبت من دفء فراشي كي ألـمس قبور الموتى من الأحبة، وأحيِّي الـمنازل الراقدين فيها، وأجُسّ تراب القبور، سريت حافياً ووقفت بباب المقبرة حاملاً مسبحتي الصفراء في يد، وعصاي القصيرة في يد، رأيت حفّار قبور لا همّ له إلا الحديث عن عدد الموتى الذين دفنهم، وعن الوقت...
كَبرتُ وكأنّي أدخل في تجاويف أكثف ظلمة، يحيط بي صمتها العميق وتتضاعف سماكته كل ما تآكلت أيامي، وقبل أن أبتر من الليل غصناً نديَّاً، أتين من عمق الظلام جمع من الذكريات، أوكأن قِرَبَـهُنّ، وساوين فُرشهنّ العتيقة قربي، ومضين يمشطن جدائل الأحداث والمشاهد وهنّ يُغنِّينَ بصوت متقطّعٍ مـخنوق. سألت...
في لَيْلِ بَنَاتِ آوى بَيْتٌ يَرِنُّ العَزَاءُ بَيْنَ حُجُرَاتِهْ الشُّرُودُ يَنْحَتُ الـمُعَزِّينَ تَـمَـاثِيْلْ شَيْخٌ في السَّبْعِينْ يَتَّكِئُ عَلَى ظِلِّ حَفِيْدِهْ يَسْأَلُهُ: ــــ خُذ الحيَاةَ وَخُذني حَامِلاتُ الجِفَانِ يُعَزِّينَ القَمَرْ يَدْلُفْنَ العَزَاءَ كَظلٍّ يُطِلُّ عَلَى عَطَشْ...
رُوَيْدَاً رُوَيْدَاً تُتْعِبُكَ الطَّرِيقْ مَضَتْ سِنِيْنُكَ وَأَنْتَ عِنْدَ بَابِكَ تُغَازِلُـهَا بـِهَمْسْ تَتـَحَسَّسُ النَّدَمَ قُبَّعَةً عَلَى رَأْسِكْ تَرْفَعُ كَأسَكَ لِتَشْرَبَ سُلَافَةَ يَأْسِكْ تَكِرُّ إِلَيْكَ الذِّكْرَى وَهِيَ فِي لِبَاسٍ مُهَرَّى تُحَدِّثُكَ بشَفَتَيْنِ...
أَمَرُونَا بِالوُقُوفْ أَطْلَقُوا عَلَيْنَا كِلابَاً أَكْثَرَتْ النُّبَاحَ نَحْوَنَا ضَرَبُونَا بِأَحْزِمَتِهِمِ العَسْكَرِيَّةْ وحَشَرُونَا في حَافِلَةٍ مُهْتَرِئَةْ اصْطَفَّتْ عِنْدَ مَـحَطَّةِ التَّزَوُّدِ بِالوَقُودْ سَائِقُهَا يَتَمَايَلُ بها عَلَى الطَرِيقِ كَعَجُوزٍ مَرِيضَةْ ضَوءُ...
أَضْحَيْتُ كَدَارٍ خَلاءْ عَلَى جَرَبِ جُدْرَاني صُلِبَتْ أَشْبَاحُ مَن كَانُوا نَوَافِذِي مَقْلُوعَةُ الأيْدِي وَأَبْوَابِيَ فُقِئَتْ قُفُولُـهَا لَا يَغْزِلُ سَقْفِيَ نُعَاسُ الـمَطْرُوحِينَ تَحتَهْ وَلَا يَتَّسِعُ صَدْرُ فِنَائِي لَجَلْجَلَةِ الطُّفُولَةْ لَمْ تَكُن أَحْلَامِي مُضِيْئَةْ...
1ــ هواءٌ فاسد: قِمَاطٌ رَمَادِيّ دُخَانٌ يَتَسَلَّلُ إِلَى قَبْوٍ مَهْجُورْ هَوَاءٌ فَاسِدٌ كَثِيْفٌ يَتَضَخَّمُ في الـمَكَانْ مَغِيْبٌ ذُو عَيْنَينِ تَعِبَتَينْ تَعُدَّانِ الأجْسَادَ الـمُمَدَّدَةَ قُرْبَ البَابْ. 2 ــ حُـجـرة: نَـهْرٌ فِضِّي تَدَفَّقَ مِنْ كُوَّةِ حُجْرَتي فَابْتَسَمَ...
رجلٌ بدين محاذٍ للطريق العمومي، يُشير بيمينه ولا يقف أحد، يرفع عصاه ولا يقف أحد، يكرر رفع يمينه سائراً، ولا يقف أحد، حتى تجاوزته مركبة صغيرة بيضاء، وتوقفت غير بعيد، ليخرج مراهق من المقابل ويتكئ على نافذة الراكب ويداه تطوحان كناية عن شدة الحوار، فهرول نحوها، وفور اقترابه فتح المراهق الباب وصعد...

هذا الملف

نصوص
69
آخر تحديث
أعلى