مصطفى معروفي

وجهي متكأٌ بل مُنطلَق نحوَ جحيشِ الماءِ وعندي اللهب الكاسر أعرفها من سحنتها الأمطارُ إذا نزلت ناظرةً لي أعرف صيرورتها حتى آخر يوم من نشأتها ماذا ينقصني في الغدِ لو أني مِلتُ إلى كمَإٍ شرسٍ في الغابة ثم قلت له: "خذ طينك وارحلْ" سأزوج أحلى الطير بأنهار الأرض وأمشي متئدا نحو الشجراتِ ألقّنها أن...
لا رسمَ يساعدني أن أجتاز جسور الهاجرةِ ولا صفرةَ ماء تتئد فتأخذَ ركضي نحو ينابيع الشمس على محملِ جدٍّ أبهرني أن الخضرة يتسع محياها أثناء سبات الأرضِ ، على عجلٍ أثّثتُ بليغ القول بكرّاسٍ يَضرب في القِدَمِ تماهيتُ قليلا بهسيس الأنهارِ فأقبل نحوي رجل دمِثُ المرأى ثم مضى ينصحني أن أتزيّى بيعاليل...
وراء خيام القبيلةِ تنشطر الريح قسمينِ قسم يحب الغدير وقسم يقود البروق إلى بلد حاضنٍ للنبوءات يكثر من إقامة أعراسه خاصةً في الطرقاتِ ، أنا عند منتصف الجهة المستديرة من ثبَج السهْبِ كنت أعاين أشكالهُ ذات يوم مضى يشرئبُّ إلى النوء حتى لقد خلته يتطلع نحو مرَاثٍ غاصّة باحتمال وجيهٍ لكل مآلاته ولكل...
في الطريق الذي يفصل النهر عن تَلَعات الحديقة والريح تمشي وتهمسُ قد طفق الشيخ ينظر في الأرض طورا وطورا يقوم بعَدّ أصابعه كان يعرف أن مناخ المدينة صار يساير أمزجة الداليات وأن الهواء الرخيم غدَا عنده ولعٌ بالوقوف لكي يتأمل واجهة المقبرةْ... واستوى نِصبَ عيني بكل مهادنةٍ حجر يقَقٌ يمسك الظل من...
بعد أن تستظلّ بمائك سوف أسيرُ أنا نحو مائي وثَمةَ أبني فنادقَ من لبِنِ العاج للطيرِ كل خريف ستأتي إليها وتشكرني كن جديرا بسنبلة الوقتِ واجعل غناءك أخضرَ بين فراسخه دَلِّ نباهة قلبكَ واحسُ نبيذ القبيلةِ عندَ مشارف زهوكَ تلك إذن هي ليلتك الثالثةْ... أحمل الأبْجديّةَ في الكفِّ ثم أسمي مدائنها كل...
ها كُم فرحي إني أحتفل اليوم بدالية العشق على الأرض وضعت حمولة هوَسي حتى لاعِجَ لغتي وتباريح مسافاتي العذبةِ كم كنت سعيدا وأنا أرمق قصب النهر الواقف في الضفة وأراجعه في مسألة العشب الممتد إلى عنق القرية ما زلت إلى الآن أذكّره بوداعته بالأمس فقط رزت خطاه فقادتني صوب مواقفه أبهجني جدا أن أجد...
ما أخشاه ـ فعلا ـ حصلَ لقد حامت أسراب الطير صباحا فوق مدارته أشعلت الجوَّ صداحا لم ينشطر الرجل كما كنت أظنُّ بل ارتقب الريحَ تميل إليهِ لتعطيه منسأة ترشد قدميه إلى دالية تقع اليوم على هامشها مدنٌ دافئة الأبراج وتمتاز مراياها بإحصاء الأوجهِ للمارَّةِ أثناء القيلولةِ أو أثناء نزول الأطفال...
عن حجري الموجَزِ أتحدّثُ يعجبني فلقد كان يحاججني في معدنه الأسمى ثم أخيرا أوشك يتدفق بين يدَيَّ أراهن أن له صنوا وأتى كي يأخذ من تعبي فانوسا يخرج منه زوبعةً واضحة الوجه أراه لو غادره الطين الصرف لأضحى يظمأُ ما انفك ينادى دمه يوما حتى أورق في كفيه نبيذ خضِلٌ لكن أسفر عند نهاية عزلته عن شغف...
حينما لج في النزَق الوقت قلت له:"سأدل عليك الحمأْ" ليس من عادتي أن أنعت للريح سيقانها جملةً إنها إن سرت في ذرى حندس الليل تحتجْ لطمأنينةٍ لقد امتلأ الوقت بالاحتمالاتِ أما أنا فأخذت على ذمتي أن لا أبيح مواسمه للعواصفِ ذات الأديم الحديديّ إلى وجهتي ملت ذاتَ ضحى فانبرى الوقت يسألني عن بروجي التي...
على ثبَج الأبْجديّةِ أسرجت غيما حنيذا وناصرت سنبلة ألفتْ حائطا لا يني يسفح الريح في ضبنه أيَّ وقت يشاء ، وضعت يدي في المياه التي بين صدري وبين اليبابِ سمعت الفراسخ تشكو مدار الطريق إلى الطير والطير ترفل في غَبَش الصبح قاصدةً حقلها المنتهي في الحقيقة عند ابتداء القبيلةِ، لم أدر ما كان يجري وراء...
عصفور يتهادي في الأفق وينفعل لمرأى الغصن أوائله الأشراف تعاطوا لمكاشفة النبع خلال شبيبتهِ وهو التزم الرقص برجل واحدةٍ إن اليوم إذا استطال على غاربه شد النهر إليه بخيط حجريٍّ وتثاءب طينا حين أرى هذا العصفور اغني وأود عبور الجسر بكل حياءٍ كي أضع القلق الباذخَ رهنَ يدي وأدعو الحدآت إلى عرس الماء...
كنت أفكر في أن أنأى حيث الغابة لم تبق لديها الرغبة في أن تترك لي كل صباحٍ إشراقتها المعهودةَ ، وأنا طفل جرت العادةُ أن أمسك بتلابيب الماء وأهرق تاريخ الكون على يده وأذكّر ذاك الفندق قربَ الميناء بأسماء السفن الملقاة خلال دقيقة سهوٍ تحت أديم البحر... وراء البابِ وفي الغرفة ذات الأهداب الفضية...
أغبط جذر الزهرة لمّا يتشنّجُ فتداعبه الشمس أنا في معطفهِ كنت أخبئ طيني المزرَقَّ أذرّي الريح على مرأى منه فينام ويتئد إلى أن تظهر فوق محياه علامات الماء الراهنِ هل كان اللؤلؤ ثملا؟ ألقى بعصا الترحال على الشاطئ لكن شطَر الرأيَ فراح يصانع موج البحر بضحكته ثم انداح الليل فأكمل بلَلَ الروح تماما...
في معصمه آلت ساعته أن تتريّثَ في السير كأن اليوم له منتصف سيجيء نهاية هذا الأسبوع ، سرابٌ يَققٌ أومض كرداءٍ تلبسه قنطرةٌ بقناديل تضيء بلا أمَدٍ فوق طريق ما انفكّ حديث العهدِ بكمّثرى طازجة وكأن الدرب تلخّصَ في حجر فصار حديقةْ... ياربّ هنا السنبل لاح شراعا تأخذه الموجة من يده لتميط به مطرا يظهر...
ها أنا واقف عند بئري أشنف سمع المدى بمديح مياه الطفولة أجني الأساطير من نخلة الله أرسم قافلة للخضير البهيِّ على وجنة النهر أدرك أني وكل مدار مجيد نشكل مفتتحا متقنا لطقوس تخص قبائلنا الوثنية ها هوَ ذا الليل يقترف الهمس يخرج متكئا من هلام البحارِ على موجة يعلك الملح مختزلا لرؤاه بكل اقتدار...

هذا الملف

نصوص
1,086
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى