1
يعبر النهر غيم رديف
يدي قد تمازجه
وأرى الماء لي
ثم أسند للطرقات
خطى تتبلل بالانحناء
وتأكل جمرتها
إذ تمر النساء بها
في ثياب الحداد.
2
أناشدك الله
أن تحتفي بغيابك
حتى ولو تم ذاك
بشبه احتفاء
وتختن حلمك بالاشتهاءات
حتى ولوتم ذاك
بفضل رعاية شيخ الشيوخ المسمى
بسيدهم ميكيافيللي.
3
تلوّت على بعضها...
أيها السيد المنتقي صمته
لك آن ولوج الظلال
كما لك آن احتساء النبيذ المقدسِ
أو تطأ الأرض منشغلا بالرغيف
إلى فيك تلقيهِ
تدني إليك غديرا تراه
يؤكد فطرتهُ وهْوَ يحمل
إصْرَ السنين
إلى سالف العهد من ضفتيهِ،
قراك التي طعنت في النموّ
هي الأن تكسر طوق الغيابِ
وتنضج جاهدةً خبزها على
حجر واضحٍ
تتنسك حين...
ما يتبقى من ظمإ نتوارثه تكتبه الريح
عن البحر
وتكتب أيضا تاريخ الأشياء المجبولة
عن حب الليل على معصمها
لم تفتأ تتناذر دمها الطرقاتُ
تلابس بلدا ببلد
حتى انطفأت في رئة الطين الٱيات
وحتى اصفرّ خديج الماء علانيةً
ألتمس زهو العتبات بلا كلل
ثم إليها أزجي حمر النعَم
وأوقن أني منها الأقربُ
سوف أوَطّن...
من رأس الغيمة أشرفت
على الكون
أمام مراياه استيقظ ظلي
والحجر السيد
لم أدخر الجهد إلى أن أمسكت
بسلسلة الطير
على حين ارتفق النهر مباهج
ضبحت مسفرة عن حجل
في عينيه تنمو الأقمار
ويبلغ سن الرشد ثلاثة أضعاف
أثناءتغيم عواطفه
أو يلتبس النوء به مدة قهقهة
ثم يفيض إلى مدح التاريخ السفلي
لمدائن كانت آهلة...
جئت إلى القومِ
وكانت معجزتي أن أسمع قلب الماء
يزمجرُ
أو يزجي الدفء إلى الضفةِ
أن أدع الريح تهب عليّ بقافلةٍ
من ضحكٍ ضافٍ
وأنا متكئٌ نِصبَ المدفأةِ،
لقد حققت الغاية من أرقي
فجمعت صعاليك الأرضِ
وسميت الله لدى شن الغارةِ
حين بدت لي جاهزةً،
لحقول النارنْج سلامي
كنت أمرّ عليها لما أتوَلّهُ
فأصاب...
أنا ذاك الباحث عن نجمته
في جبة مقبرةٍ
تأخذني الآفاق إلى رئة الأرض
وآونةً
تحت عيون النهر الضارب في السمنة
أبني بيتا يجدر بي أن ألقي فيه
عصا الترحال
سأنوي فيما بعد مكاشفة الشجر الموضون
على خاصرة الحقل
بفاتحة الوقت
لأني أعشق أن أتكلم وفي كفي
باقة وردٍ
ورهن يدي تاريخ الزمن الموثوق
بطيبته الحادّةِ...
أشعلتُ بنافذة المنزل نرجسةً
فانطلقت تحيا
والشمس تحيط بها مثل فلاة
تنعم بغزال منفردٍ
قولي لي سيدتي
ما أدراك بأني أدمنت مشاهدة الغيم
يجرّ قوافلَ من ماءٍ؟
بل قولي لي
من أضرم في عينيك العشقَ
إلى أن شهق الظلُّ وصارَ
يراجع رتْلَ مواسمهِ؟
أتذكر أني لما زرت الجبل العالي
كان يرافقني الليل
فأوقدت النار...
قد نميل إلى النهر في لحظاتٍ
ونأتي إلى عرسه خبَبا
من بداهتنا ننظر الماء
في حينَ لا نصطفي منه
غيرَ دوائرَ
فيها بياضٌ على ظهره
من حمولةِ قيظ المسافاتِ
مقدار ظلٍّ يفي بالغرَضْ...
حجر الله ذو الخاطر الرحبِ
لف على يده نخلةً
ثم قال لها:
"لو نوى الرمل أكلكِ
أو حاك لليل مقبرةً
ارتقِ الهاجس المستقلَّ...
تسمعني الريح
إذا هي لم تتنكّبْ
لبلابة بيتي
منها أعرف أن الشرق
له جهة ثانية وقريبا
سيسير إليها
حتى يرفع عنه الكلْفةَ ويصير
طريقا مفتوحا
للكرَز خلال مواسمه
تلك اللاتقليدية ،
يرتاح دمي ساعةَ أغلقه
كي ينمو مثل الطلح على
شفة النبعِ
وأصعد من حمَإي
لكأني أقرأ دائرة تحتاج
إلى القوسِ
يؤرقني الطين...
أفرضُ أني جئت النهر صباحا
وأمامي انتصب الأفْقُ
فهل كنت سأبقى حذِرا من
غائلة القصبِ الناشزِ؟
في الضفة ما زال العشب ينامُ
مررْت به يوما فمضت تبرق
في عينيّ هواجسُهُ
أردفَ يلغو
ثم تناءى عني منشطرا سائرُهُ
واليوم أنا أحتفل بأحجاري الوثنيةِ
ورآني قرفصتُ
فمالَ يمينا يسأل شلته عن
تاريخ السلف الصالحِ...
كي أنهض من أرقي
يلزمني حجرٌ لم تنته بعدُ صلاحيته
البارحة فقط
كنت عقدت الهدنة مع عاطفتي
لم أستثن البحر
لذا ألقيت عليه ألذ سؤالٍ:
هل في حيّز قدرته أن يمسك
بتلابيب الشاطئِ
كي يجعل رهن يديه كرّاسَ تجاربهِ؟
كنت نبيها وأنا ألبس ما يتيسر لي
من قلق الوقتِ
ويلزمني اللحظةَ أن أتذكر أن الليل
كثيرا ما كان...
عند الضفةِ
كنت أنقّي أسئلتي من
وصَب الشيخوخةِ
أنا دالٌّ
أبسط كفا في الجوّ سدى
والأخرى أضع الأقفال بها
في جذر النهر
تغوّل هذا النهر فأصبح والريح
يسيران ببطء
وثَمَّ مساءٌ أخلص وهْوَ يخيط عباءته
بفتور رحبٍ
واليتُ السير إلى حيث الشجر الأسطورةُ
فاندلعت في رأسي مدُنٌ
وقرىً لم تفتأْ تتخثّرُ هي أيضا...
ها أنا أفْرِكُ حجر النارِ
أسوق الزمن العارج في جسدي
نحو الحرف الأزلي
أنضّد بِنْيته
أنا ذاك الأولُ
أعني ذاك المنذور لقلق الدهشةِ
كم كنت حريصا أن أدخل
زمنا آخرَ
أن أرتاد جهات أكسر فيها هوسي
أهرع منها نحو موانئَ كانت قبلُ
تؤازرها الريحُ
إلى أن مال بها الوقت إلى أرق
لم يفتأ في الأهدابِ يشيّدُ
أروقةً...
وأفقتُ
فلاحظت كأن النافذة انكفأت
تذبلُ
وعصافير تناظر في مسألة الوِرْدِ
لها لِدةً
تفتح للريح مراوحها
مغضيةً عما في الشارع من عرباتٍ نازعةٍ
صوب الميناء
إذنْ
لتقم من جلستها الأرض
متى ما اتضح القصب الراشد في النهر
وعاضل ضفته
سوف تكون عليه شاهدةً
وستعلن عن بهجتها حين ترى الأمطار
تحط على كتفيها
تذكي...
كل سحابٍ يتفاءل بالغابات
أنا سيده
أعطيه من نيراني العذبة
مقدار هزيع من لهَبٍ
وأدلّ عليه النوء ،
كثيرا ما تغبطني الأشجار
على ألقٍ
ينساب من المطر الرحبِ
ويقصدني
لم يسقط قطُّ على الأرض
كنت سعيدا
وأنا أبصره يجري
أوفد لي الماء رفيفا من حاشية الطيرِ
وصار الجو أنيقا
يلبسُ جبة حجر غجَريٍّ
لكن أثناء...