فوزية ضيف الله

سقط الرمان على ارض قاحلة. حمرة الحياة تعيد للموت مفاجأة البعث من جديد. لا طعم للسقوط ان لم يكن قبله مغامرة. ولا معنى للارتماء على الأرض خارج الاعتقاد في كونها تكتض بالحياة في عمقها رغم قتامة لونها ويبس سطحها. كان الرمان يدرك جيدا أنه سينضج وسيعود للأرض التي انبتته ثم شاخت. كان يدرك أنه سينغرس...
حبست أحلام نفسها في غرفتها لأيام، امتلأت حزنا وغبنا. تكتض غرفتها بأشكال من الفوضى العارمة، ضاقت بها الدنيا وانسدت أمامها السبل. كانت تحس أنها أصبحت تمثل حملا ثقيلا على جدتها التي تتكفّل بمصاريفها. وهاهي اليوم لم تُوفّق في بيع لوحاتها. لم تعد تروق لها فكرة تعليم الرسم وخاصة للكهول. كانت تستقبل...
مضى يومان أو أكثر، على حكاية المجنون التي رجّت أركان المدينة. كانت الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة تستفزّ الرأي العام وتنشر أخبارا مُثقلة بالتساؤل عنه. من يكون؟ هل هو مجنون؟ هل هو تائه؟ ومن أي بلاد جاء؟ أمّا المجنون، نفسه، فقد غاب عن أطراف المدينة، وأراد التخفّي، مرة أخرى، لم يكن يُريد أن...
كان النهار يستعد للرحيل، ليحلّ الغروب عليه وعلى المدينة. كلّما غابت الشمس، مالت قواه وسقطت آخر ذرة من عقله. وتصاعد جنون الجماد إلى شرايينه. يعصف العقل به نهارا والجنون ليلا. أو يتبادلان المناصب. سياسة تجمع بين المتناقضات. لم يكن يفهم تلك التركيبة العجيبة التي جعلته ينتمي لبني البشر، فهو لا...
إنّ الزمانية المنتمية إلى الوجود الجماليّ هي زمانيّة المعاصرة، ذلك أنّ الأعمال الفنيّة التي تظلّ دوما محقّقة لوظيفتها، هي أعمال مواتية لكلّ عصر ومعاصرة لكلّ زمان. إنّها لا توجد في المتاحف على أنّها تحف فنيّة تنتسب إلى الماضي، بل على أنّها آفاق فنيّة تعطي تثير في المشاهد إحساس التعلّق بالخلود...
تكتب فرنسيسكا ريسنسكي: لا أستطيع أن أجيبك من أكون، من أين أتيت إن كنت ملكة دون عرش أو نجمة هوت، المرأة -المطر أو الصّحراء... أو هذه الروح التي تقبع في جسدي بكل ما فيها من خلود تفكّر في نفسها ولا تفكّر في شيء. ذات متخيّلة والآخر يدّعي أن يقول لها أنا أو بلا أيّ أنا إنّ الأنا هو آخر ما، إنّ...
يحلّ الليل. العاشرة ليلا. تترشف قهوتك ولا تدر كيف تدحرجت وانسكبت في دمائك كالوميض. تُوقظ فيك دبيب النمل في حركاته. تُطلّ من النافذة، كلّ العائلات يُفتّتون بقايا الكسل على الأرائك أمام التلفاز. ضجيج الموائد ينتقل كالحشد من إلى مكان الاغتسال. طهارة بعد دناسة آدمية. تنهمك في البحث عن شرفة من...
إن الأصدقاء الأوفياء نادرون جدا. منذ زمن كان الليل صديقه الاول والأكثر وفاء بعد القلم و الكتب. ينتظره الليل اذا نام او لم ينم. يستر الليل حماقات النهار ويفضح جمال النفس في اعماقه كشمس الحقيقة .. يشتعل الجمر ويتوهج في ليله الدامس. ينسكب الحبر من قلمه كالنهر الحارق. حروفه تتواعد وتلتقي في تناغم...
يحضرني البحر فأنحني أُرتّل موجه على أنين توجّعي وأرتديه فينجلي للشمس ويعتلي نوباتي يُصادفني الربيع في عتبات خريفه يُجدّف نحو قواربي يُصافح مساء الموج في نغماته يُقلّب صفحات الحكاية ضاحكا ويُخاطب الأسماك مُبتسمات أرتدي البحر وأنحني فيرتديني يسكبني يُلملم أطراف الموج ثم يرحل معاتبا غيباتي...
تنفّست حلما ساجدا في ظلّه صامت يتعبّد يُرتل الآيات في بسماته وينشر حبّا دون أن يتكلّم تُغازله النجوم وتنحني أمام حُسنه وتترنّح يُطيل صلاته مُتعبّدا وحوله الفراش يهيم ويلعب صلاته لله تكلّم أضلعي وأنا أصلّي لحمله المتعبّد أصلي لظلّه فلا يعلم وظلّ ظلّه يتندّر تعبرني الثنايا فأنهض وشمس النهار تطلّ...
حل المساء. تنبعث رائحة الخبز ذكية من الفرن. أطيل النظر إليه. تحدق في ضاحكة. ثم تنتفخ ويصدر عنها نفخ مثيل الضحك. تحترق وتضحك. وكلّما احترقت صارت أكثر متانة. أقلبها فتنطاع. كانت حرارة الفرن شديدة وكنت أوشك ان أمسك القارورة الماء. وكنت بين الفينة والأخرى أرش ماء على وجهي لأتذكر أنني صائمة. وضعت...
بين الحلم واليقظة. يوم قائض. أترنح بين مكتبي والمطبخ. يقتصر العمل على ما تقتضيه الحاجة.أنام على حافة المكتب.أُبصر نورا يلج إلى عتمة وحدتي. تلفّه الغرابة والفتنة.مشيت نحوه، أستمع الى انين قطة جائعة. اتبعت الصوت، وصلت آخر الممر الضيق. ثم عدت. أبصرت غرفة ينتشر ضوؤها ليصل عنان السماء. لم أجد بابها...
خواء البطن يُؤجج فكرتي تنسلخ عني وتعتلي درجاتي تُراقب زيت القلي في هيجانه وتُداعب رغم الخواء.. خصلاتي تفتكّ منيّ منطقي هي المنطق المجنون كل مساء. تعجن معي الخبز ثم تمدّه. محترقا كروح الجمر في البيداء.. تُغازل فناجيني وكل ملاعقي تُصفّف فكري وتُلوّن بالأخضر زلاّتي.. تُسطّر على كل حرف ضائع.. وترشُم...
كل الطرق إلى قلبك ممكنة. اما أن أقف ساعات أمام الريح وأصمد، وإما أن أحمل كتبي أنشرها على زورق في البحر تخاطب الحيتان والموج، ثم ترقص الكلمات وتصعد اليك. يمكنني كذلك أن أغرس نبتة كل يوم، تعانق أشعتك وتحملها الي عبر النافذة. كل الطرق إلى الشمس ممكنة، ان أغني مثلا ويختلط صوتي بوهج نورك وينطلق نحوك...
ستحمل همّك وترحل. تشقّ عُباب العمر بلا التفاتة. تأخذ معك ما تيسّر من القهوة، لتسهر مع الموج المتلاطم، تحسب ضحايا المياه. سترتك وثيابك هي عراؤك من الكذب، وامتلاء بالفراغ. مناديلك تُلوّح بها للتائهين تحت الماء. وتكتب فيها رسائلك البرمائية. قُبّعة الفنان تظلّلك من سطوة الشمس والسماء. لن تحتاج إلى...

هذا الملف

نصوص
38
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى