"سلامتَكْ" هَمسَتْ بها وهي تحضنُ كفيه بين كفيها، دغدَغَتْهُ هَمْسَتها، نسِىَ آلامه وشعر بحيوية مفاجئة تسري في أوصاله، تَحامَل قليلاً ثم التقط "ريمُوت" السَّرير من فوق الوسادة، وضغَط عليه ليجعله في وضع شبه الجالس.
نظرت إليه بعينين ثابتتين اختلط فيهما الحزن بالشَّوق، أطالت النَّظر في...
قُرب حديقة خضراء تحفُّها أزهار الصَيف كانت جلستي على "الكافيه" المفتوح المُلحق بها، لمَحتُه على مسافة غير بَعيدة بشَعره الأشيَبْ الذي بعثَره هواء تلك الليلية الصيفية، الأستاذ كمال، كان رئيسي في العَمل، تَعجَّبتُ لهيئته، ما بال النَحافة قد ضربَت جَسده إلى هذا الحد، وما بال مَلابسه تبدو أقل من...
لم يشأ القَدَرُ أنْ يُتوَّجَ حُبهما المَجنونُ بإنجاب أبناء، ولم يَفْلَح طوافهما بعيادات الأطباء ومَعامل التحاليل في إيجادِ أمَل، حتى الدَّجالون طَرَقا أبوابهم من دون جَدوى، أعيَتهما جميع الحِيَل عن أن يجِدا لِعُقمِ الزوج عِلاجًا.
حُزنٌ شديدٌ يُسيطر على الزَوجةِ الشَّابة، لا تدَع وقتًا...
في ليلةٍ سوداءَ سواد جَهنَّم؛ تَرجع إليه ابنته العَروس تحت جُنْح الذُّلِّ والهوان فَجر ليلة زفافها.
يهوي إلى الأرض جالسًا القرفصاء، يُنكِّسُ رأسه بين كفَّيه، تدور به غُرفته الكائنة في بئر السلم، تَتسارَع في رأسه صورة الليلة الفائتة، الرَّقص والغناءُ والتحطيب، جارات وصديقات هنادي وهُنَّ...
تعود بي الذاكرة إلى مفارقة، لم أكن أتوقعها، حدثٌ لم ألتقه خلال عملي، ولا قَصَّهُ عليَّ أحد، ولم تَجُدْ به ذاكرتي. وبالرغم من هذا اتصل اتصالا وثيقا بجريمة، وكأن الموضوعات الجنائية، كُتبَ عليَّ أن ألتقيها، ولو كنتُ مستقلا "الديزل".
بَدَتْ علامات الثَّراء جليَّة على مَظهرها، ثيابٌ بديعةٌ...
من الوقائع ما يُوشك أن يُرسِّب في وجدانك أننا نعيش في مجتمع مُتهالك وآيل للسقوط، على الرغم من أنه لا يوجد مجتمع بلا جريمة، وأن هناك الكثير والكثير، لم يسقطوا بين براثن الاتهام. ولكنك في النهاية تتملكك الدهشة وتشعر بالرعب ولو للحظات.
جَنَّ عليها الليلُ ولم يَعُد زوجها عند مُنتصفه كما...
جُلُّ أوقاته يقضيه مُنفردًا في مكتبه كأنَّ شيئًا هامًا يشغله، وكلما فاجأته يُغلق أجندة يُطالعُ فيها شيئًا ما، ويُداوم على الفعل ذاته كلما انفرَد بالأجندة وكلما فاجَأَته.
ساورها القلق، تبدأ في مراقبته، وجدته يضع الأجندة أمامه كلما جلس إلى المكتب، ويُغلق عليها درجًا خاصًا إذا غادَره، وفى...
وزَّعَتْ الشُموع المُعطَّرة في أرجاء الصالون العابق برائحة الورد، الذي تَصْدحُ في فَضائه موسيقى "ريمسْكي كورسَاكوف" (شهر زاد).
اعتنَتْ كثيرًا بزينتها وملابسها، حاولَتْ القَفز فوق الدَّقائق في انتظاره، تساءَلَتْ: لماذا رفضَ إرسال سيارتي الخاصة له لأكفيه عَناء المواصلات العامة.
قبوله...
أحسَسْتُ أنَّ عقلي توقَّفَ عن الاستيعاب، أنَّ ذِهني لم يَعُد قادرًا على فصْل الخُيوط عن بعضها، أنَّ عَيْنيَّ ترى السَّطر الواحد من أوراق تلك القضية، سطرين أو ثلاثة، على هيئة تموُجاتٍ ترُوحُ وتجيء.
توقَّفتُ فورًا عن القراءة، فما جدواها إنْ كان من يَقرأ لم يَعُد يفْهَم ما يقرأ. رحِم الله عُمرَ...
تَسلَّل عِطرُها في هُدوءٍ ليُعلنَ فَجأةً عن مَجيئها. سَرَى العَبَقُ الزَكيِّ في أرجاءِ القاعةِ فالتوَت الأعناقُ تَحيدُ عن مُتابعة المُحاضِر المَاتع، واشرأبَّت إليها في شَغَف.
تَهادَت بين الصُفوف في شُموخ لا تَعبأ بهَمهمة الانبهار ولا بالعيون الفاحصة، بلغَت المقعد المُخصص لها الذي تَصادَفَ...
ضَربهُ الحنينُ إلى الماضي، فعاد ليقرأَ ما سَجَّلهُ في مذكراته من ذكرياتِ صِباه.
كانا يتلازمان ذهابًا وإيابًا لمسافةٍ تبلغ عدة كيلو مترات طَوال أيام وسِنيِّ الدراسة وسط حشدٍ من التلاميذ، وكانت وسيلة الانتقال الوحيدة هي الدَّواب (الحَمير) لمِن كان حاله مَيسورًا، أما باقي التلاميذ وهم كُثر؛...
لم أعبأ أثناء سَيْري بشارع سعد زغلول المُزدَحِم إلا بمَوضِع قدَمي، يكفي أنْ أمُرّ بسلامٍ من بين المُتسَكِّعينَ وهُواة الفُرجَة على "الفاترينات" كنتُ قادمًا من المنشية مُتعجِّلاً لألحَقَ بموعدٍ هام في فندق ما بمحطة الرمل.
يَدٌ تَمتد من الجهة اليُسرى فتَلمس كتَفي، لم أُصدِّقُ ما رأيت،...
بين يدي مجموعتين قصصيتين براقتين ينِسجُ الكاتب في فضائها آراء كوكبة من زملاء المهنة سواء كان قاضٍ، أو وكيل نيابة، فهما وليدتي التجارب الانسانية التي مر بها الكاتب مع زملائه في أروقة المحاكم. إحدى المجموعتين تحكي عن يوميات قاضٍ، والأخرى عن يوميات وكيل نيابة.
عند قراءة الإهداء، لكلا المجموعتين،...