د. سيد شعبان

دق جرس التليفون، كما هي العادة لا أحب تلك الرنات المباغتة؛ صوت غريب نبراته غير معهودة؛ يطلب مني أن أسرع لمقابلة أحد الرجال القادمين من العاصمة يركب سيارة فاخرة؛ يحمل رسالة خاصة؛ تكليف من نوع خاص، دارت برأسها الأرض؛ هل وجه إلى اتهام ما؟ بدأت الوساس تفترسني، احتمال أنهم يطلبونك لتتولى مهمة ما-...
ما فتيء قوم يتبارون أيهم ينال من صنيع نحاتنا؛ كأن العربية باتت ولا حامي لها أو يخالها الأقارب والأباعد لغة عصية صعبة على الشداة أو تبعد بها النجعة على الحداة؛ بات المتعلم في شكاة لا تحد وغيابة جب لا يخرج غير العصي المستغلق! كان أولى بمن أظهر شكايته أن يهرع إلى مظان التأليف ومنجزات التقنية فيبدع...
تناول الشيخ إفطاره المعتاد، يتبلعه كيفما اتفق له، لبن وجبن وشطيرة خبز، يزدرد كوب الشاي وينكت الأرض بعصاه التي لا تفارقه، يرسم ألف وجه ليوم نترقبه من حديثه حين تنثال كلماته، يحلو له الحديث عن عالمه المنقوش في ذاكرته، أنصت إليه، حين تشرق الشمس تذوب كتلة البرد التي تخيم فوق منزلنا الحجري، نحن هنا...
هذا أوان التفرح بما كان من شأنها؛ تتساءلون وما حديثها ؟ هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت. المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيء، تلك كانت...
على عينك يا تاجر ، ومن لا يشتري يتفرج، تلك جملته الأولى التى لازمته أربعين عاما يفتتح بها حكاياته، هل آن له أن يستبدل بها أخرى؟ ركب المواوي حماره صباح يوم لا حاجة به إلى أن يتذكره، كانت عادته أن يخرج بعد صلاة الظهر ليتلقط الحكايات من أفواه العجائز، ويلف بها في الكفر؛ ينال بعض خبز كفاء طعامه...
كتب الشاعر الفحل محمد ناجي إبداعُكَ يا #هويس_السرد يلمس وترًا عميقًا حبيبًا في قلوبنا جميعًا، نصٌّ يفيض بالرموز التي لا تُخفَىٰ إيحاءاتُها ومدلولاتُها علىٰ القارئ الناقد اليقظ، وأكتفي منها بـ.(نبتة الصبار) التي تركها جدُّكَ، وظلَّتْ حاضرةً لفظًا ومعنىً طوال السردية –بل إن صداها لم يغب عن اسم...
يبدو أن شتاء هذا العام يحمل في تجاويفه حالة من الخوف المسكون برغبة في الانزواء بعيدا عن المحيطين بي، بحثت عن الثياب المخزنة لهذا البرد القارس، أمعنت في خزانة الأشياء المكدسة فقد تعودنا على هذا كثيرا؛ نرتق القديم ونضع عليه بصمة اليد التي تدل على أنه شذب وصار يصلح لعام آخر، وكلما مر فصل تحملنا...
جدتي تسكن عند شجرة الكافور العملاقة، تطلب أشياء غريبة: حلوى المولد، حبات المشمش، أسماكا كبيرة، بعض العلك، لا أهمل لها طلبا؛ هذا من البر بها، تعرف أسرارا تختزنها لسبع عجاف، توصي بكلمات هذا بعضها: إنهم يسرعون إلى الهاوية؛ حاول أن تقف أمامهم،امنعهم، أي قلب قاس داخلك، بل أي نفس هذه التي تملكتك فصرت...
تجاهلته بعدما تراكم النسيان مثل طيات الثياب في خزانة الفقر التي احتوت أغراضنا، حتي إنك لا تجد في كتاباتي سطرا واحدا عنه في كفر المنسي أبو قتب ذلك الكفر المثقل بالحكايات يتسلى بها ويبيت وقد سلا الجوع وتدثر به من عري. تبادر إلى ذهني هذا السؤال مرة وراء أخرى، لعلني كنت مشغولا بآخرين مروا في أزقة...
أمس بدأت السماء تتلبد بالغيوم ولأن الفقر غول كاسر لاتصح معه المواثيق؛ افترسني هذه الأيام،نظرت في سقف حجرتي الطينية ، وجدت بعض الثقوب التى أصلحتها العام الماضي،الفئران رتعت طوال الصيف ،تنادت وأزمعت أن تقضي الشتاء معنا، لم تنفع حيلة جلب نبات الحلفا الجاف؛لنستعين به،فقد طوحت به الريح،بعثرته كأنما...
ما أبحث عنه منذ فترة طويلة يلح على خاطري ، يترآى لي في منامي ، بل يتبع صحوي ، يذكرني بماضي أيامي، لم يعد في طاقتي صبر ، كثيرا ما تخفيت عنها ، غادرت سكني أكثر من مرة ، لا أعلم من الذي يخبرها بعنواني،لديها حاسة عجيبة تتبع أثري ، في تلك المرة أصررت على المواجهة ؛ ما عاد بي صبر على أفعالها تلك، إنها...
ولأن الحكاية ولدت من رحم الجدة الكبيرة،حتى أنني نسيت اسمها، فذاكرتي مثل الغربال لا تحتفظ بشيء، لذا لجأت إلى حيلة ماكرة؛ أخذت كل ما تجمع لدي من قصاصات وذهبت إلى أمي التي تختزن في ذاكرتها كثيرا مما غاب عني، تعطي لأدق التفاصيل قيمة حين تعبر بوجه صاف ويد كأنها المغزل، هذه الليلة كان البرد شديدا...
نازعتني نفسي أن أذهب إلى المولد، فبلدتي تتجاوره، وللحمص رغبة لا تقاوم، كما أن للصبا منازع ورغائب تعاود كل حين حتى ولو انحنى الظهر وابيض الشعر وزاغت الأعين، اقتربت شيئا فشيئا من خيام الوافدين فوجدت الآنية التى كانت -يوما- عامرة قد ضربها الجوع وعضها الفقر بنابه، نظرت النسوة اللواتي كن يمرحن في...
قد يبدو العنوان مختلفا بعض الشيء وهذا ما أردت الحديث عنه؛ في عالمنا ما يدعو للحياة؛ يقهرنا الواقع ويخيم علينا اليأس؛ تتحطم أحلامنا تحت قيود الجهل والفقر والسوط، يتفشى المرض ويتعالن القبح؛ نجري ونلهث ثم نفقد البوصلة؛ إنه شتات يتسع بحجم الوطن ونلعق جراحنا، في ألفية جديدة تقتلنا نفس الأدواء...
واجهة المدينة معتمة على غير العادة، حاول عم أيوب أن يتباسط معي؛ كثيرا ما يتحرك في شوارع مدينته التي بهتت معالمها، عاد يتذكر سنوات عمره حيث تسكع في الممرات الخلفية، تطارده شياطين ترتدي أقنعة مزيفة؛ الآن يأوي إلى طاولة الصحف الخشبية، بالقرب من الميدان الأبيض ،حيث يطالع وجوه العابرين صباحا، كتب من...

هذا الملف

نصوص
499
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى