د. سيد شعبان

حارتنا محاطة بأسوار قديمة، كل الذين تركوا بصمتهم في التاريخ هدموا من أحجارها الكثير؛ والآن بوابة المتولي مصابة بداء جديد عجز الجميع عن معرفة أسبابه فقد ضرب المدينة على حين غفلة من أهلها، جعلهم يتثاءبون كل لحظة، يقال إنهم معرضون لنوم طويل يصل بهم إلى البرزخ ومن بعده تكون القيامة؛ استنفر الوالي...
لكل أديب عمل ذاع صيته به؛ حاولت فمن الشعراء من له قصيدة بل معلقة عرف بها، منهم من له بيت أو عدة أبيات سارت بها الأحاديث وتناقلها الرواة؛ أدباء كثر لهم أعمال لكن النادر أو الواحد منها بلغ بين القراء والنقاد مكانة جنت على ماعداها من روائع؛ ماركيز ورائعته مائة عام من العزلة؛ نجيب محفوظ والثلاثية؛...
كتابات د. سيد شعبان عندما تقرأها تجد نفسك قد دخلت في متاهات، فالنص عادة متشعب الأحداث، دروبه قصيرة، يقفز بك من حدث ليقربك الي حدث آخر ثم يبعدك تماما من الحدث الأصلي ، قبل أن تلتقط أنفاسك تجده قد أعادك الى حدث سابق فلاحق فسابق، حتي تجده قد أوصلك الى فكرته الأساسية التي بني عليه نصه، صورة قريبة...
عدت- مثل ذلك الغريب الذي تناثرت أشلاؤه في بلاد الله، يشعل من القهر ذاته، علمته أمه أن يمسك بمفتاح بيته، يعطره كل آونة بوهج شريانه النازف، عنده ألف سبب للعودة، أجاب نداء الأرض- لكنني لست - كما قلت لكم- مثله. أعاني من داء العته، تختلط لدي الأسماء بالمسميات، بل أضع للنساء أسماء الرجال، حتى خلتهم...
تراكمت السنوات على وجهه، صارت خطوطا ومنحنيات تشبه دروب حارة المتاهة في كفر أبو ناعم الذي يقبع خلف شريط القطار الواصل بين دسوق وقلين بلاد يغطيها طوفان من الذباب والبعوض، الناس هنا تنام على وقع أقدام عساكر الإنجليز يتطوحون سكارى من خمارة الزغبي. أهل الكفر يخافون منهم على أبقارهم ونسائهم. يضعون...
في كل مرة أتخفى: بائع ملح أو حامل كتب وثالثة بهلول ورابعة أبو قتب؛ تخيلوا كل هذه أقنعة أخايل بها في مسيرة السرد الذي تلبسني في حكي متواصل، أرهقني الرمز وأعيتني الحيلة وماأزال ذلك المسكون بحرقة القلم في بلاد تسكن الزمن؛ نعم هي عتيقة رغم ذلك الطلاء الذي تصبغ به وجهها والجمة التي تضعها على رأسها؛...
لقد أصاب العجز ذاكرتي التي عرفتها مثل عقارب ساعة التاجر اليهودي الذي يطوف بقريتنا، ينادى على الأشياء العتيقة، ماهر في المساومة، بارع في الحيلة التي توارثها عن آبائه وأجداده، النساء في قريتنا يتخلصن سريعا مما تركه الأزواج، كانت جدتي توصي أمى بأن تنتف ريش أبي مفتول الشارب، قوي الزند، تحس أنه أقوى...
تلك الطفلة ذات الوجه القمري طيبة القلب، تأتي كل يوم بما هو جديد؛ أسألها هل ستسبقك فتاة جماجمون؛ بلدة بجوارنا يحرز أطفالها الدرجات العليا في الاختبارات؛ تحرك رأسها بالنفي! تثير شغبا في البيت الكبير؛ تكثر من المداعبات، تحاول أن تعابث القمر، القصاصات المهملة في زوايا البيت تصنع منها ثوبا لدميتها،...
يحتسي كوب الشاي، يتبلع حبات الحمص، يتدثر بعباءته الصوفية، يشاهد التلفاز، يتصفح قنواته التي تملأ الفضاء عراكا، يخايلون بها وساوس شيطان، تقف الموجة عند وثائقية تحكي كيف دخل بونابرت الأزهر؛ خيوله تركض في ساحاته، يتساقط المطر، يدخل في عباءته؛ يتسلل إلي خدر لذيذ، بنت المعلم يعقوب ذات الشعر الأصفر...
شغلني الليلة في منامي حدث كنت أتوقعه؛ ما أعاني منه في النهار يأتي -متتابعا مثل شريط سينمائي- في الحلم: آنا أجد له حلا وآونة أعجز عن فك شفراته. هذا سر لا تخبروا به أحدا، مؤكد أنني أعاني من حالة مرضية لكنني لن أذهب إلى طبيب نفسي كما أشارت علي زوجتي؛ فغير معقول أن يراني صغاري مصابا بالهذيان. لا...
ثمة مقالة كنت أتحين الوقت المناسب لأسطرها، فلما طالعت ما كتبه في جريدة أخبار الأدب حول رواية ' إثر حادث أليم" وجدت الباب مشرعا لأبسط الكلام معجبا بناقد يشق طريقه في ثبات وإن كان بتوءدة، يجمع مادته من بيان جزئيات العمل الأدبي، يؤكد العلاقة بين المبدع الناقد قبل أن يكون الناقد المبدع، إنه يمارس...
هذا أوان التفرح بما كان من شأنها؛ تتساءلون وما حديثها ؟ هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت. المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيئ، تلك كانت...
نمت مبكرا؛ وتلك عادة توارثتها عن أبي الذي يغلق باب البيت الكبير ومن أبطأ به السهر بعد صلاة العشاء نالته العصا بما يكره؛ وقد يبيت في العراء يلتحف السماء تتشممه كلاب الشوارع، على أية حال تملكتني هواجس منتصف الليل سيما والشتاء فصل تمرح فيه الجن الحمر وتتراقص بما يعجز بني آدم أن يفعلوه؛ حلمت بأنني...
سرى نبأ في كفرنا انزلق من لسان هنومة الداية تلك التي تدب في الحواري وتتسمع الوشايات، يقولون عنها: أذنها ملقاط وفمها الذي به ناب من فضة وآخر ذهب يشبه الإذاعة ترغي من راديو فتوح القهوجي؛ وإن ماء سبيل أم عباس مبارك؛ تأتى به جنية من سحابة تنتظرها أعلى جبل المقطم من جهة قلعة الجبل، على أية حال تبعتها...
نعى الدكتور محمد يوسف حبلص أخاه الأستاذ الدكتور محمد فتيح – ولقد أعطاني تلك الأوراق بتاريخ19/8/2012م- بقوله: " بسم الله الرحمن الرحيم" أيها السيدات والسادة السلام عليكم ورحمته وبركاته وبعد فهل رأيتم لو أن فلاحا شمر عن ساعد الجد، وغرس...

هذا الملف

نصوص
490
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى