في كل مرة أتخفى: بائع ملح أو حامل كتب وثالثة بهلول ورابعة أبو قتب؛ تخيلوا كل هذه أقنعة أخايل بها في مسيرة السرد الذي تلبسني في حكي متواصل، أرهقني الرمز وأعيتني الحيلة وماأزال ذلك المسكون بحرقة القلم في بلاد تسكن الزمن؛ نعم هي عتيقة رغم ذلك الطلاء الذي تصبغ به وجهها والجمة التي تضعها على رأسها؛...
لقد أصاب العجز ذاكرتي التي عرفتها مثل عقارب ساعة التاجر اليهودي الذي يطوف بقريتنا، ينادى على الأشياء العتيقة، ماهر في المساومة، بارع في الحيلة التي توارثها عن آبائه وأجداده، النساء في قريتنا يتخلصن سريعا مما تركه الأزواج، كانت جدتي توصي أمى بأن تنتف ريش أبي مفتول الشارب، قوي الزند، تحس أنه أقوى...
تلك الطفلة ذات الوجه القمري طيبة القلب، تأتي كل يوم بما هو جديد؛ أسألها هل ستسبقك فتاة جماجمون؛ بلدة بجوارنا يحرز أطفالها الدرجات العليا في الاختبارات؛ تحرك رأسها بالنفي!
تثير شغبا في البيت الكبير؛ تكثر من المداعبات، تحاول أن تعابث القمر، القصاصات المهملة في زوايا البيت تصنع منها ثوبا لدميتها،...
يحتسي كوب الشاي، يتبلع حبات الحمص، يتدثر بعباءته الصوفية، يشاهد التلفاز، يتصفح قنواته التي تملأ الفضاء عراكا، يخايلون بها وساوس شيطان، تقف الموجة عند وثائقية تحكي كيف دخل بونابرت الأزهر؛ خيوله تركض في ساحاته، يتساقط المطر، يدخل في عباءته؛ يتسلل إلي خدر لذيذ، بنت المعلم يعقوب ذات الشعر الأصفر...
شغلني الليلة في منامي حدث كنت أتوقعه؛ ما أعاني منه في النهار يأتي -متتابعا مثل شريط سينمائي- في الحلم: آنا أجد له حلا وآونة أعجز عن فك شفراته.
هذا سر لا تخبروا به أحدا، مؤكد أنني أعاني من حالة مرضية لكنني لن أذهب إلى طبيب نفسي كما أشارت علي زوجتي؛ فغير معقول أن يراني صغاري مصابا بالهذيان.
لا...
ثمة مقالة كنت أتحين الوقت المناسب لأسطرها، فلما طالعت ما كتبه في جريدة أخبار الأدب حول رواية ' إثر حادث أليم" وجدت الباب مشرعا لأبسط الكلام معجبا بناقد يشق طريقه في ثبات وإن كان بتوءدة، يجمع مادته من بيان جزئيات العمل الأدبي، يؤكد العلاقة بين المبدع الناقد قبل أن يكون الناقد المبدع، إنه يمارس...
هذا أوان التفرح بما كان من شأنها؛ تتساءلون وما حديثها ؟
هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت.
المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيئ، تلك كانت...
نمت مبكرا؛ وتلك عادة توارثتها عن أبي الذي يغلق باب البيت الكبير ومن أبطأ به السهر بعد صلاة العشاء نالته العصا بما يكره؛ وقد يبيت في العراء يلتحف السماء تتشممه كلاب الشوارع، على أية حال تملكتني هواجس منتصف الليل سيما والشتاء فصل تمرح فيه الجن الحمر وتتراقص بما يعجز بني آدم أن يفعلوه؛ حلمت بأنني...
سرى نبأ في كفرنا انزلق من لسان هنومة الداية تلك التي تدب في الحواري وتتسمع الوشايات، يقولون عنها: أذنها ملقاط وفمها الذي به ناب من فضة وآخر ذهب يشبه الإذاعة ترغي من راديو فتوح القهوجي؛ وإن ماء سبيل أم عباس مبارك؛ تأتى به جنية من سحابة تنتظرها أعلى جبل المقطم من جهة قلعة الجبل، على أية حال تبعتها...
نعى الدكتور محمد يوسف حبلص أخاه الأستاذ الدكتور محمد فتيح – ولقد أعطاني تلك الأوراق بتاريخ19/8/2012م- بقوله:
" بسم الله الرحمن الرحيم"
أيها السيدات والسادة السلام عليكم ورحمته وبركاته
وبعد
فهل رأيتم لو أن فلاحا شمر عن ساعد الجد، وغرس...
ربما ينال مقالي من الاعتراض ما لا قبل له به؛ لكن الكاتب وقد اعتاد مخالفة الشائع وسلك في مذهبه النقدي وجهة الصواب التي قد لاتروق للكثيرين؛ ولما كان معرض الكتاب على الأبواب فهي سوق لهذه الكتابات المتراصة على أرفف دور العرض والتي تجذب الفتيان وتستحوذ على الأضواء في مهرجان عرس الثقافة العربية؛...
تعبت من السير في ممرات المكان الضيقة، تمزقت ثيابي حتى تعبت منها الرقع، حفظت قدمي الحواري، عرفت البيوت بأسماء النساء المتخفيات في حنايا الحجرات المغلفة بأسرار ليالي العجز ولربما كانت تتثاءب جراء فوضى الأسرة، صرت مثل رغيف الشحاذ يأتي من كل باب وتهبه أي يد، وتسود به وجوه السائلين، ضربني الوجع...
كلمة نقدية
كتب د.محمد محمود حسين هندي:
أتابع المنشورات التي تخطها قريحتكم هنا في العالم الأزرق، لكني قليلا ما أتدخل بالتعليق، خاصة عندما أرى معارككم الأدبية والنقدية التي لا شك أنها تثير أسئلة مهمة على المستوى الفكري، لكن هذه المرة راعني عنوان " زوابع أمشير"، فقلت كفانا زوابع يا عم د. سيد،...
وضع عم رمضان يده على ظهره؛ يتوكأ عليها وقد ضربه الزمن بمعوله، صار أشبه بقوس قزح، تعلوه حدبة ناتئة، يمشي وكأنما هو مكلف بعد الحصى، يجمع أفكاره المتناثرة حين تغيم ذاكرته وراء تلال من الفوضى، دب فيه الوهن، صار حطام رجل يئس من حياته؛ تبدلت الأيام كما السنة تغير فصولها، خريف وراءه شتاء؛ توقفت عقارب...