رأيتها تخرج من كُم الريح..
كانت تشبه لمع برق..
شبه ظل قرب نبع غابة..
لاحت بهية كسرب ماء ..
مدّت ندى أصابعها ..
مشاتل ورد على يمين النهر..
سقط الظل الهامس..
مرقتْ من طين الوقت..
كنتُ على فنار ..
كانت تُورّق أشواق تنورتها..
تفيء إلى شجر في أحواز "تمبكتو .."
من صحراء الربع الخالي..
نَثَرتْ لجين...
(2)
هو هذا “عطش الأنهار”، عطش عبد الحميد شكيل إلى وجوه مرّت عبر القصيدة وعبر النص وعبر الطريق الذي سلكه إلى بيته والمقهى والمدرسة والحياة.
نصوص عبد الحميد شكيل في بعض مستواياتها تفرض على القارئ أن يجاريها حتى يستطيع أن ينفذ إلى مكنوناتها/مكنونات الشّاعر ذاته، لأنّه غير منفصل عن نصه، ولهذا...
(1)
ينبني الشّعر على مرافئ أغنية قديمة يؤدّيها البحّار/الشّاعر على أنقاض الماضي، ذاك الذي يتشكل في أعالي الماء كمركبة تكسّرت ألواحها ولم يبق منها سوى لمع الأشياء التي تغري بالاقتراب كشيء من الأشياء التي تفجّر الذّاكرة، وتبعث الكلمات على شفاه البحّار/الشّاعر كبقايا ملوحة لذيذة حين يرتمي الجسد...
الآن أراها تتبع ظلي..
وترقب حجل النهر..
ترصدُ ما في القلب من إثم..
مافي الروح من وَرَعٍ..
ما في النفس من تقوى..
لا شك في الشك..
ولا سند في تجاعيد البهتان..
الآن..
أستلقي وحيدا..
على كتف الوهم..
أو على جذوع النار..
كانت سواقي البرق..
تأتي تباعا..
وبقربي تفيض بحار الأنهار..
ونساء الشِّعر ..
يجئن...
لا تزعجوني أن زرتُ البحر..
ورأيتها تتجلى في الزبد..
وتُلوّحُ عالياً..
كيما تودع هذا البلد..
هي لي القلب/ الكبد..
وأنا لها الروح/الجسد..
ناااااديتها من أقاصي الجرح..
ضجّتٍ الأكوان..
وعلا صوت الكمد..
هي لي شفرة العمر..
وأنا لها الوسادة، والسند..
عاينتها في لغات الهند..
وعلى أكمات الرياح..
ونثار...
معلقة روحي على مشجب الشمس..
لتدرك قوافل الطيف..
وتعلو على منكسر الظل..
ونباتات الماء..
وزهر الأقحوان..
آن خروجه من غيم الدهشة..
ومن نبرة الوجع الطالع،
من طين اللغة المسومة،
بشميم الهمس..
وحنين اللمس..
على خيمات الأنهار..
لاعبتُ ظل الوقت..
ونهايات الراعي،
على جبل الوشم..
وسهل الآتي من عمائر...
لا أحد يتذكر غبطته..
أوفرحته..
وهي تداعب أفقه الزاهي..
وتغطس في سره المجتبى..
مرتِ العصافير على شفقي..
نامت أوجاع الماء..
واستيقظت بداخلي..
طيور الأقاصي..
لم أكن أراكِ على مفترق..
أو على ساحل في فتوح الأغاني..
نسجتُ لكِ من ريقي..
ومن عبقي..
بحارا من ظلال العشق..
وسموات من رطب الروح..
ومآلا من...
أصدر المبدع الشاعر الجزائري عبد الحميد شكيل مجموعة جديدة،وسمها بعطش الأنهار،عن دار خيال،سبتمبر2022،حيث انطلق فيها من جملة نصوص نقدية وجودية صغيرة تتحدث عن الموت والغربة والفنون والحياة…لبعض الأدباء والكتاب.
كما كتب الاستاذ شكيل بعض رؤاه النقدية حول تجليات ومجازات القصيدة،وحالات الكتابة...
خُذيني إلى وطن في القصيدة..
أو إلى وطن في الذكريات البعيدة..
وطّنتُ قلبي على الهجر..
فاستراحت قيامتي ..
من لغو التعابير..
ومن سقطات المجاز..
لم أعد أحفر في تجاعيد اللغة..
نادتني الغريبة من عَلٍ..
وأنا ألملمم شتات المراحل..
وأسهبُ في التنائي..
أوجعتني سياقات الغياب..
وهي تترى في أصفاد السرى..
لم...
أطل على مدينتي..
لا الريح تدركني،
ولا المغيب..
ولا غمازة البحر،
التي في جبين "ولاّدةَ"
ولا نخلة الأندلس،
وهي تطلب دمها الموزع،
على غصون الموج
وساعات "عكا" القديمة،
أعلو مع سعف النخل،
وأهفو إلى غابات نفسي،
ويجرفني الحنين..
إلى درب ضيعني،
واستحب المكوث..
في أعالي سَرْوَةِ المعراج،
وأسلم صبوتي إلى...
يعد الأديب عبد الحميد شكيّل أحد الوجوه الثقافية،والأدبية البارزة على مستوى المشهد الثقافي،والإبداعي الجزائري،تمتد تجربته مع الكتابة إلى أكثر من نصف قرن،ويتميز بالغزارة في كتابة النصوص الإبداعية،فقد أسس لنفسه مكانة داخل الإبداع الأدبي الجزائري منذ عمله الأول الموسوم ب: «قصائد متفاوتة الخطورة»،وقد...
هي وردة الريح..
وعضة العنفوان..
وسيرة ماء إلى حتفه..
توهّجتِ العبارة..
وانتبهتْ للفتتها الجهات..
أمرّ على قافلة في اللغة..
ونافلة في صدوع المطر..
هي منارة البحر..
وطيرالبراري..
وصوت النبر..
لا قحط ينبع من أفقها
لا سيدات يَمِسْن على دلال لها..
نثرتْ ملاحتها ..
على شراشف روحي..
واستوتْ على زقومة...
أحتاج إلى سماء مفتوحة ،
على بحر قلبي..
أحتاج إلى طير.
من خزف اللغة، وقطن الآه..!!
لأقطع فلوات النفس،
المطعونة في أرومتها..أ
أحتاج إلى طير الشوك..
لأنزف ، وأنزف..!!
أروي ظمأ الموتي..
وهم يرجون غيث الآخرة..
أحتاج إليكِ ،يا امراة العهن ..
المغموسة في شراشف لغة..
لأجتاز كثافة عطركِ،
ال يتفجّر...
نص مهدى إلى: بلقاسم بن عبدالله، قبل رحيله... (1946-2014)
" إلى بلقاسم بن عبد الله: أين أنتَ أيها الخافق في مرايا الريح..؟ هل أغوتك المدينة.. فسفحت روحك في ملذاتها الكثر..؟ وانسحبت إلى ظل شجر يرمم خرابه الماثل،أم أنك تغشى الماء، منتصرا بطير الفجيعة، ورنة الذهول المستكين.."
بونة..
متسعي،...