فاتن فاروق عبد المنعم

أخرج من جهة عملي ، مثقلة بساقىَّ المتورمتين، فقد ظللتُ فترة طويلة ، في وضع قائم، يُحَوِّمُ حول رأسي ، كروان يصدح بصوته الشجيِّ ، يجوب السماءَ ، وفضَاءً لايضيق به، غير مثقلٍ بهمٍّ وكأن العالم خلق من أجله، رهن إشارته ، وتشريحيًّا يحمل داخله حويصلة هوائية ، ليصبح وزنه وزنه خفيفًا، تدعمه في الحركة...
قال تعالى: "الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)"يوسف عندما خلق الله سبحانه وتعالى آدم علمه الأسماء كلها، والتعلم أيا كان يلزم المتعلم اتخاذ لغة ما، مما يعني أن تعلم آدم للغة سبق تعلم كل الأشياء، وهذا يعني أن آدم كان...
لا بد أنك مختل العقل، هل من المعقول بعد أن استرحنا من الحياة الدنيا تعود أنت إليها مرة أخرى؟! لي حفيد يشبهني رغم أني الجد السابع، ولم يرني أحد ممن هناك، ولا يعرفونني، لكنني سعيد بهذا الحفيد، الذي يحمل اسمي "عز الدين".. أنا فخور به، يرتدي ملابس الفرنجة، ويحمل في يده كتبًا مثلهم، ويجيد قراءتها،...
طول عمري أكره اسم فاتن جداً . لم تكن ثمة مقدمات ، أو أسباب واضحة ، لأن يلقى بهذه العبارة ، في وجهي . احتفظت بهدوئي المعهود : ملأ الله سماءك بالأسماء التي تحبها ، وأزاح عنك ما عداها. هو يعمل في فرعٍ آخر ، لا أراه إلا في الاجتماع السنوي للشركة ، نسيت الأمر ، فلم أكن بحاجة ، لأسأله : لماذا يكره...
الليلة ليلة رأس السنة والمطر خارج نافذتهما التي وقفا من خلفها يرقبون إلتحام السماء والأرض بالماء، كأنه الودق، العاشقان اللذان اختارا مسارهما معا، ذلك المسار الذي يرفضه المجتمع دينيا وأخلاقيا، بينما تحتفي بذلك الاقتران كافة الأوساط والمحافل في العالم الأول، بل ومماثلوهما يتصدرون سدة دوائر صنع...
وَقف على حافة النافذة ، مدَّ بصره باتجاهي ، ثم حرك رأسه يميناً ويساراً ، وكأنه تأكد من أنني أنا ، ومال برأسه على ساقه اليسرى ، ليحل عقدة خيطٍ ، التف على هذه الساق ، فظهرت من تحته ، ورقة كأنها صفحة من مخطوط قديم ، انتزعها بمنقاره ، وألقاها ناحيتي ، ليعود أدراجه. الورقة متهالكة ، فضضتها برفق خشية...
في أجواء شهر يناير الشتوية ، وسنان الزمهرير تخترق جسدي ،طوقت جسدي بذراعىَّ أستدفئ بهما ، وقد أخذ قبطان الطائرةِ يرتفع بها تدريجيا عن الأرض ، باحتراف مُشَوِّقٍ ، وها هو النهار يطارد الليل ، يجليه عن كوننا ليبسُط فسطاطه ، على كونٍ بالجانب الآخر من الأرض. ‎ألصقت وجهى بزجاج النافذة المجاورة ، ألمح...
اليوم أسيرُ كالفراشة الزاهية الألوان ، أقطفُ من بساتين البهجة ، أزهى ورودها ، تخفَّفْتُ من سنوات عمري السبع والعشرين ، منها عشر سنوات ، مكبَّلَة بهذا القيد ، الذي يربطني من أعلى نقطة في رأسي ، إلى أطراف أصابع قدمي ، مفردات جديدة أنثرها على جسدي ، الذي ظَلَّ محتجباً عن العيون، لم تعد لكلمات...
يجلس بجانبها بالمستشفى يقرأ القرآن بصوت عال، يشعر أنها تحتضر، جدته لأبيه الذي لم يره، توفي ووالدته في حادث سيارة، كان عمره أربع سنوات وأخته عمرها سنة، مروان وسندس، أراد الله أن يخطوا خطواتهما الأولى بين يدي جدتهما، فتعودا على لباسها الأسود، وقولها بين خاصتها "ولاد الغالي" ومن آن لآخر قد يريا...
نسير، نخوض ونجوس في الأشلاء المقطعة، والدماء اللون الأبرز بين كل الألوان، يتقدمهم سحق العظام فنسمع صوتها بين كل الأصوات، فلا شقشقة ولا غدير ولا حبيبان يدبجان معجما جديدا لمفردات الحب وممارسته، كأنهما هجرا هذه الأرض إلى السماء ليعيدا الدفيء إلى الكون ويذيبا الجليد الذي على كل الأسطح. العيون شاخصة...
اللون الأحمر، رمز الجنون، مستفز، أتعامل معه بحذر، هو في دولة العشاق رمز الحب، يمطرون بعضهم البعض بوابل من القلوب والزهور الحمراء، وهو أيضا لون الدماء المراقة مع سبق الإصرار والترصد، فكيف للونٍ واحد أن يكون أيقونة النقيضان؟!!!! طائر مجهول تخطّفني ليطوف بي في تلك البقعة الممتدة من جاكرتا إلى...
تلك العيون الرانية، تتصدر رؤوس تلتوي تجاهنا حيث نكون، متطلعة إلى ألق، منذ أن كان يتقدم على مهل، ألقاه الله علينا من لدن حكيم خبير، نحمل الرسالة نجوب بها الأرجاء مبشرين ومنذرين، نتكيء عليها كما كل حاملي مشعل الهداية، فكانت لنا صولات وجولات أقضت مضجعهم، هم الذين كانوا يهدون الناس سبل رشادهم ولا...
مملوء بالكبر الذي كان سببا في لعنه، أوغر صدره الأمر بالسجود لمخلوق مثله ارتأه أقل منه قيمة وقامة، يذهب ويجيء، يشعل شموع حقده ليكون سببا في الهبوط، ومازالت شموع حقده مشتعلة تحرك مكنونه فبمجرد التطلع للمملكة الجديدة أخذ على نفسه عهدا ليصبح أميرها بل ووسم نفسه بالإله المستحق للعبادة، رسم لنفسه هرما...
ساقوني غير مهطع للداعي وعبارات التمرد فتية على لساني يتصدرها حرفان ملتئمان "لا" بجانبها أو يندرج تحتها الكثير، حرفان يحملان الكثير من الكلام والمعاني المكتظة بلهيب الصدور وأنينها، كل الصدور النقية. في هذه الأروقة أحيانا يقودوني معصوب العينين وأحيانا كل شيء في سافر، سافر لهم حتى يقهروا كل ذرة فيّ...
عائلة ماسية الأصل مخملية التكوين، يشوبها ابن ثقلت الحروف على لسانه فلا يفهمه سواهم، فاره الجسد، موفور الصحة، وسيم الملامح وأعطب ملاحته نظرات الدهشة التي لا تبارحه، شفتان منفرجتان أغلب الوقت وعيون مفتوحة عن آخرها متصلبة تتنقل حدقتيها ببطيء علها تهتدي، وإيماءات تشير إلى الرغبة في الاكتشاف المستمر...

هذا الملف

نصوص
77
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى