محمد الكلابي

تدخل منزلك متعباً كأنّك قد ضاجعت كلّ الهواء ليكرهك بهذه الشدّة فيمنعك عن إلتقاط أنفاسك بسيطرة و راحة، ضيق في صدرك و خطوات متراصفة مكتظّة ترتجف كلّما إقتربت من غرفتك تجعلك تحاول صنع مأذنة جديدة في حوض إستحمامك محاولاً إعادة السيطرة لجسدك تحت سلطة الدعاء و الدّين، تنزع كلّ شيء عن جسدك وأنت تتعرّق...
تخيّل أنّك إنتحاري ترتدي حزاماً ناسفاً, تدخل مجمعاً تجارياً فيه المئات من الأشخاص الذين يسيرون بإبتسامة بريئة لا حول لها سوى أن تنتشر بين شفاه الجميع, كأنّهم لا يحملون أيّ هَمٍّ سوى لون الملابس التي سيشترونها أو نوع الغداء الذي سيسدّ جوعهم البسيط هذه الظهيرة, حتى تلك النباتيّة التي تبحث عن أيّ...
وأنا اقرأ مذكرات نلسن مانديلا- مسيرة طويلة الى الحرية - بكيت مرات عديدة. بكيت حين عرفت ان مانديلا لم يكن اسمه بل هو اسم اعطته إياه معلمته في الابتدائية لأن الانسان المتعلم لا يمكن ان يحمل اسما افريقيا كاسمه الأصلي-زهوسا. وبكيت وانا اقرأ كيف كان يتمنى ان يكون مواطنا من الدرجة الثانية او الثالثة...
يتحدّثُ رجلُ الدّين دوماً عن الصّبرِ والقناعةِ و القَبُول بما كتبهُ الله لنا والسّكوت عن ذلك رِضاً أو تكاسُلاً .. ! وإذا كان الدينُ يدعو إلى التّقبلِ و الصّبر على ما هو قائم ، فليس ذلك إلا خُطوةٌ أولى على دربِ تغييرِ الواقع والتّطلع إلى ماهو أكثر عدلا ً، القناعةُ ليست هي الجمودُ على ماهو موجود...
تتغيرُ أنطباعات الفرد عن الحياة بعد التفكر بماهيتها ما هذا العالم ؟ لِمَ أنا موجود؟ ما الذي يجب فعله؟ هذهِ الأسئلة الثلاث بعد أن تخطرُ ببال الفرد حتى ينطفئ حماسة أتجاه الحياة فبعد أن كان يتلاقفُ كُل يومٍ من الأيام صارَ يحاولُ رميهُ بعيداً و التخلص منه بهذا ينعدم معنى الحياة أمامَ معنى الموت...

هذا الملف

نصوص
21
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى