خالد جهاد

حبيبي.. كلمةٌ سهلة محببة، ذائعة الصيت، كثيرة التداول بيننا لكنها لا تملك دوماً نفس الوقع في الأنفس، فالحب مهما اتسعت رقعته لتشمل الأحبة والأصدقاء والإخوة لا يمكن أن يكتمل دون إحترامٍ أو تضحيةٍ أو شعورٍ حقيقي بالأمان والإستقرار في هذه العلاقة، فقد وجدت العلاقات بين البشر لتكون مصدراً للراحة...
بعيداً عن السياسة والسياسيين لم يكن لبنان على مدار التاريخ بلداً عادياً، فصغر مساحته لم يمنعه من امتلاك مقوماتٍ حضارية وثقافية وتاريخية تضاهي في قيمتها دولاً عظمى عبر احتضانه للعديد من أقدم مدن التاريخ وأهمها، وتقاربه مع الدول المحيطة به في فلسطين وسوريا لم يمنعه من أن يكون له بصمةٌ خاصة به...
قد يرحل البعض عن حبٍ يؤلمه بحثاً عن الحياة، لكن بعض الرحيل قد يكون بحثاً عن الموت.. أجل الموت لكن بسلام.. فالناس اعتادت الثرثرة عن الحب حتى أضحت مشاعرها نسخةً من بعضها لا لأنها كذلك بل لأنهم أرادوا ذلك فكان لهم ما أرادوا، فليس للحب ذات الملامح في حضرة العاشقين وذات الوهج بين البشر، ولذلك يموتون...
لا ينتهي الكلام في حضرتها فكلما تحدثنا عنها تذكرنا أن هناك الكثير ليحكى فيها ويروى كحالةٍ متفردةٍ تسبح ضد التيار ولا تشبه أحداً، وكما تعقد المقارنات بين ألمع الأسماء وأبرزها خلال عقود الخمسينات والستينات والسبعينات كزمنٍ لم يشهد بعده أيقوناتٍ تعانق الخلود وبين المرحلة الحالية، جاءت فكانت...
لا يشبع أحدنا من الحب مهما ادعى عكس ذلك، لكن تظل لكلٍ منا نظرته الخاصة فيما يجسد معناه وطريقته التي يتمناها لنفسه، وما يتناسب مع المرحلة التي يعيشها في أعماقه بعيداً عن مقياس العمر سواءاً اختلفنا معها أم اتفقنا، ولا شك أن الحب بأنواعه المختلفة والمتشعبة تغير بتغير الزمن والمجتمع وظروف الحياة،...
قد لا يوجد مشهد آخر يمتلك ذات القدرة على دفعنا للبوح أكثر من مشهد صفحات البحر المتموجة، والتي تهدأ أحياناً لتثور في أحايينٍ أخرى وتأخذنا حيث عجز البشر أن يفعلوا لتحتوينا دون كلمات، فلا نصغي سوى لهدير أمواجها أو نوارسها العابرة أو الباعة الجائلين حولها، وكأنها تخدر كل مافينا إلا عواطفنا التي تصحو...
كلما مر العمر بنا تعود الذاكرة إلى الوراء أكثر حنيناً وتزداد الذكريات شباباً وطفولة، تتلاصق الصور المبعثرة في مخيلتنا مع الكلمات واللمسات والمشاعر والأصوات لتشكل أيامنا التي سافرت بعيداً عنا عبر الزمان وسافر معها جزءٌ كبيرٌ من أمان قلوبنا، وتغدو كمدفئةٍ نجلس أمامها باحثين عن وجوهٍ تحضن أرواحنا...
قلب الإنسان يشبه اللوحة الفسيفسائية المرصوفة بالذكريات والمحتقنة بالصور، التواقة للمسات والمحترقة بلهيب المشاعر التي لا ترتوي.. مليء بالأغنيات التي لا تنتهي، والضحكات التي لا تخفت، والأسئلة التي تبدأ منذ أن تبصر أعيننا النور حتى تغمضها إلى الأبد، محملٌ بأثر اليد التي انتظرنا أن تربت على كتفنا...
ما يبنى بالصدق لسن وات قد تهدمه كذبة مهما كانت صغيرة، لذا كان اعتيادنا على استسهال الكلمات وتناقل الحكايات هو ما ساهم في إضعاف مصداقية أي خبر مهما بدى منطقياً للوهلة الأولى فبتنا نشك في ما نسمع ولا نصدق أي شيءٍ ببساطة، لذا بات كل ما يتناقله الناس بسهولةٍ ويسر محل توجس لأن ما ندفع ثمنه في...
تووووت..توووووت.. تووووت..توووووت.. تتسارع ضربات القلب.. اللحظات تمر ببطء شديد.. لم يجب على الهاتف أحد.. صمت.. صمت.. صمت.. ماذا أفعل.. صديقي كريم لم يجب على الهاتف.. ماذا أفعل هل أكلم طبيبي النفسي؟ لا.. تذكرت.. انه مسافر.. دخلت الحمام لساعة كاملة حاولت فيها جاهداً البكاء كي أرتاح إلى أن نجحت،...
تأخذنا الحياة رغماً عنا باتجاه أنفسنا مهما كنا نعتقد عكس ذلك، كرسالةٍ نرميها عبر البحار فتعود لشاطئنا متعطشةً لنا مداعبةً بنعومةٍ أقدامنا لتخبرنا أنها انطلقت من قلبنا لتعود إليه مجدداً، فقد نضحي لأجل الغير ونقدم سعادتهم على سعادتنا ويعطينا هذا الشعور النبيل لذةً منبعها الرضا عن الذات ولأن ذلك...
لا تقاس الأمور بوجودها المادي بل تقدر بأثرها المعنوي وقيمتها الوجدانية التي تزداد بمرور الزمن، فتختلف من شخص لآخر حسب اهتماماته وارتباطه ببيئته وثقافته الأم حتى في أبسط الأمور، وفي الطفولة تكون حواسنا جاهزةً لإلتقاط كل ما يحيط بنا من مشاهد وتفاصيل بكل مافينا من مشاعر نملأ بها صفحات أرواحنا...
عشنا سنواتٍ طويلة في حالة رفضٍ للتفكير وتغيير المفاهيم التي توارثناها وهي جوهر المشاكل وسبب السطحية التي تغرق فيها مجتمعاتنا، حيث يسعى الكثير جاهداً إلى إظهار ماليس فيه أو إنكار حقيقته حتى وإن كانت جميلة ً ونقية ليواكب ما يريده الناس فلا يرضون ولا يسعد.. وجزءٌ كبير من مشكلتنا هو كذبنا على...

هذا الملف

نصوص
178
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى