تأملت في عينيه..وكفيها في حضن كفيه...
قال لها .،سنقيم جنتنا النقاء...أنت وأنا...هنا
ردت: الجنة عقيم ..لاتناسل ولا أمتداد ..
أريد بيتا يزدهر يوما إلى وطن..
أستدار صامتا..وغاب...وأنزوى في طيات الرحيل طويلا ثم عاد
سألته لم الغياب...هل كان حلمي غائما؟!
أجاب :
أهواك حبيبتي ..غير أنك تطلبين مني...
مقعدي هناك بجوار كتبي القديمة، ازيح ذرة تراب لأجد لي مساحة...
مقعدي هناك جوار محمولي القديم ذو الأحرف المنسوخة.... يزورني أبني. ليطمئن أني بخير.. وفي عجلة مع ساعة الحائط، يخترق الباب إلى الحياة و وطنه الخاص...
مقعدي هناك حيث أسامر صور أولادي وهم صغار.... أغازل الحلم أن يأتني بهم جميعا...
أجادل...
مقعدي هناك بجوار كتبي القديمة، ازيح ذرة تراب لأجد لي مساحة...
مقعدي هناك جوار محمولي القديم ذو الأحرف المنسوخة....الذي شاركني رسالاتي المناهضة للظلم والعنصرية.. وقصصي التي تخلو من الإبداع، فلم يستر لي سرا ولم يقصف لي "كليك" او نقرة.... كان ديمقراطيا بجنون..
يزورني أبني. ليطمئن أني بخير.. وفي...
كنت في الطريق حين رن جوالي... لتصدح مع الاثير كلمة "ألو" ...
ومع" ألو" بيت ترتفع جدرانه دفء وسقفه حضن...
كنت ارتفع فتمدد جسدي حتى أن رأسي طالت جليد القطب الشمالي وساقاي داست أرض النوبة...
لفعت وجهي نسمات نوفمبرية....عاقلة
رأيت يده تبعد عني الغربة.. .
وحضرت مع كلماته القليلة التي لم تتعد...
أمسكت بفستانها الجديد، وضعته على جسدها أمام المرآة، وظلت تتأمل نفسها وتتخيل رد فعله حين يراها به، ثم طبقته ووضعته بكيسه، ثم رصته بجانب ما اشترته من ملابس وقمصان وحقائب ...
مر اليوم العام الأول على الانفصال، وبدأت ملامحه تبهت بذاكرتها، حتى لمساته طمست آثارها من فوق جسدها، وتبقى فقط الأمل في لمسة...
كان أبي غنيا؛ يحتكم على ثلاث ثروات لا يتنافس عليها معه أحد إلا غلبه: الجهل والفقر ومرض أصاب نفسه، أو قد يكون خللا أصاب خلايا عقله، عطب في النفس.
كان يداويه حكيم لم يتلق علما بل يمتلك موسا للحلاقة، وبروة صابون وعلبة من الألمونيوم يشمئز الحيوان أن يقرب منها فمه، ولكنه كان الطبيب الذي يعالج أبي إن...
زارتني ومعها كارت صغير وحقيبة هدايا أدخلتها إلى غرفتي، فأنا في حالة صحبة لنفسي اليوم؛ فلقد اعتدت أن أجالسها يوما من كل شهر. كانتا عيناها تلمعان وكأنها تعيش قصة حب،
سألتها: لمن تهدين هذا الكارت ومن هو ذلك الفارس؟
ضحكت ضحكتها الناعمة ذات صدى الاتزان النفسي الذي أفتقر إليه،
- بابي، أبي، بابا،...
شاب وسيم، لا يهم هنا أن أصف تلك الملامح التي دعتني أن أصفه بالوسامة؛ فتذوق الجمال يتعدد بتعدد البشر، فما أراه جمالا قد يراه غيري قبحا.
تقف على المسرح فتاة لم تتجاوز مرحلة "العشر سنوات" أي مرحلة المراهقة إلى ناصية العقد الثالث، جميلة؛ شعرها أشقر، خمرية اللون، تضع ميك أب يتناسب مع السهرة، ترتدي...
فتح لها الباب بعد سنوات غابت فيها عن بيته وحضنه، يشتاق إليها وإلى حضورها الذي أعتاد أن يملأ فراغ حياته وخواء غرفه، دخلت ومدت يدها بالسلام، أمسك يدها في حب وبقوة وكأنه يخشى أن تضيع ثانية من يده، قبّل جبينها، حاول أن يمد شفتيه ليقبل شفتيها، ولكنها بنت حاجزا بيدها بين شفتيها وشفتيه.
- أنرت بيتك...
إلى وقتنا هذا لا أمل من التنقيب عن المعنى والمغزى من وجودي، ومعنى مفردات كثيرة كم قرعت ضمائرنا وأصمّت أذاننا ...
كنت في السابعة حين اختبرت الفقد، وأفلت من بين يدي البيت، وتناثرت أطلاله هنا وهناك. لست شابا؛ بل فتاة نبتت بداخلها الأنوثة والفتنة التي رأيت سحرها في نظرات الرجال حولي. أصيبت أمي...
كانت من عشاق جيفارا الطبيب اليساري الثائر؛ الذي ينشد الحرية للإنسان رجلا كان أم امرأة، مزارعا كان أم ملكا.
نظرت إلى صورته الملصقة على الجدار الأزرق؛ راقت لها ملامحه ونظرته التي تواري أسفلها الأرق والغضب والثورة، بل الإحساس بالمسؤولية، وأمل في الغد أن يأتي حاملا معه بروتوكولات الحرية والعدل...
تأنقت ووضعت آخر لمسات زينتها، ثم جلست على كرسيها الهزاز لتسترخي قليلا وترتشف فنجان البابونج قبل النزول، أغمضت عينيها في غفوة قصيرة،
وإذا بها تسمع انفجارا مدويا في المطبخ ليمتد سريعا إلى حجرتها ويلفها بين لهيبه، تشعر بألم الحريق للحظة ثم تغيب في الفراغ، تختنق، تكاد تلفظ أنفاسها، لتنتشلها إفاقة...
المشهد كان داميا ومُركَّبا وتتصاعد فيه الأصوات والصرخات، وأسفل منصة المسرح؛ الذي كان منعزلا بفاصل من الزجاج، كان واقفا ضاما ذراعيه، محتضنا صدره وذاته، وقف صامتا وابتسامة لا تنم عن معنى محدد تفترش وجهه؛ ضمة الذراعين هذه لها من المعاني الكثير: هل كانت غضبا؟ هل كانت تأملا؟ أم كانت صبرا وانتظارا لرد...
واحد، اثنان، ثلاثة، ...، سبعة، ...، عشرين، ...
هذا البرج لم يمر وقت طويل عليه حتى ارتفع ليصل إلى أكثر من عشرين طابقا، إسمنت ورمل وحصى، استطالت كما علبة طويلة ذات مساحات يسجن بداخلها أثرياء يطلون على نهر النيل؛ يشاهدونه من أعلى في استعلاء من تفوق عليه وتملكه بل وصار ينظر إليه من السماء.
واحد،...
وضعت خطوطي الأولية على اللوحة، ثم مسحتها ثانية، وبعدها أمسكت بالفرشاة وشرعت في رسم البورتريه. كانت هناك روح ما تتلبس يدي وتدفع فرشاتي يمنة ويسرة وكأنه صار ليدي عقل وتركت لها الحرية لتكمل تلك الصورة التي أصرت على إكمالها، أبتعد قليلا لأرى الشكل النهائي، لأندهش لروعة اللوحة ولجمال إبداع أناملي؛ لم...