أسماء حسين

داخل الباب كان يجلس وحيدًا، الجذع المقطوع عن حضن شجرته وكانت الطَرقات كلها أياد مواسية عابرة تُربّت على ظهره. / الفأس صبي يلبي نداء التجنيد عند بلوغه دون فهم لمعنى الحرب. / لن يعرف الفأس ما إذا كان قد شق قلب الشجرة؛ ليصنع بابًا طيبًا يختبئ خلفه عاشقان أو طاولة تغمرها نزاعات الساسة أو نعشًا...
أنا نص جديد يعيش غربة طازجة بشكل كوميدي أسود بين آلاف المخطوطات. أنا نص وحيد ولم يدخلني أحد ولا أملك ما أفعله سوى انتظار أن أؤخذ برفق إلى ذاكرة واعية حساسة تجاهي أن أُسكَن أن أتخلص من عقدة كوني مهجورًا. الأمر يشبه النخلة مقطوعة الرأس، تتأرجح بين الوجود وبين الموت واقفة. لكن يستحيل عليها أن تثمر...
وأنت وحدك، ارسم امرأة على الحائط .. مادة ذراعين نحيلتين حولك، ذراعين تدفئانك .. بإمكانك أن ترقص معها حتى تختفي مجددًا، او تشرح لها كل شيء قد يبدو صعبًا عليك أمامها.. امرأة يمكنك أن تمشي على عظامها أو تنام في أصابعك. يمكنك إحياءها في دقائق وقتلها أسرع. يمكنك تقطيعها مع النعناع الموزع على جروحك ثم...
تبقى معلقًا على أبواب بريتي للأبد، ما لم أسمح بعودتك.. بعد أن كنت أميرًا فيها. فليس في بريتي أمير مرتد. إما أن تكون أميرًا. أو تعود غريبًا ليس ذا شأن مع عامة السرب. هذا أيضًا مما تقوله الغزالة المصابة لطائر أمنته من البرية على بيتها وأطلق من قلبه قناصًا. في البرية.. تعيش بعض الغزلان جامحة...
هناك وظائف أخرى لقلبي غير الاحساس المفرط وتلك وظيفة سهلة. أحيانًا ينزع أوراق التقويم أول كل يوم ليقرأ الحكمة المكتوبة خلفها الأوراق ترمى في سلة المهملات عادة أما الحكمة الخائبة التي لا تشبه الحياة التي مضغها في فمه تتحول إلى تجاعيد في وجهه. أحيانًا يحب الجلوس فوق سطح البيت ويفكر هل أنا الآن...
تعال بكل ندوبك وكل جرح أخلفها فيك بكل امرأة أحببتها بكل أكذوبة حكتها بكل ما يؤرقك في الليل بكل فك حطمته بغضب وكل الدماء التي تذوقتها. تعال بكل عدو صنعته بكل من دفنت من عائلتك وكل رذيلة ارتكبتها بكل شراب أحرق حلقك وكل صباح مر عليك، بلا أحد ولا شيء تعال بكل خساراتك بندمك، وخطاياك وذكرياتك...
الكرة الأرضية، كانت تجري في وجهي وتئنّ من كثرة الخطى الطائشة عليه. يتسابق العابرون بك .. في الركض، بوحشية كأن حنانك لا يحرك أحداً منهم، إن مسَّه بخفة. كأن جمالك ليس مبرراً كافياً، ليبطيء خُطاه على روحك قليلاً. عادةً، لم أجد من يمسح الدم عن وجهي، إن أغرقه .. بعد كل سباق حتى أنني ما عدت أحمر خجلا...
عندما جمعت أول باقة نعناع نجحت في زراعتها، تورطت بها. احتضنتها بأصابعي كما لو كانت شيئًا هشًا يسهل تهشمه بمجرد ملامسة، وضعتها في السلة على طاولة الطعام وجلست أتأملها، بحب وقلق، لا أعلم ماذا أفعل بها ! رغم كل خططي لاستهلاكها قبل الزراعة. الآن لا أدرى.. أأحتفظ بأوراق النعناع دون إهدار جمالها في...
الكتابة ليست بمعزل عن رمي الأشياء، فهي تشمل التصريف والفقد، تشمل الدفع بعيدًا عن نفسي إلى كومة من الورق المليء بالكتابة. لم يعد أي من الأشياء ملكًا لي لكنه خرج مني.. هجرني، كل ما تبقي لي وما أمتلكه هو صفحات من الكتابة المهمشة بملاحظات متناثرة. والباقية – ربما – لزمن أطول مني. كتبت في السنوات...
لو أن لوركا امرأة، كان ليثرثر كثيرًا قبل موته، بالطبع ولو أنه حتى كرجل، كان يصعب عليه مغادرة العالم، دون إلقاء قصيدة أخيرة تحمل اعترافًا بالحب، الأخضر، "أحبكِ خضراء" .. لو أنه أنا، كان سيخضرّ أمام الأسلحة ويتعرّى من الحياة الشاحبة التي غطّته طويلًا ونَمَت على سطحه. ربما هذا ما كنت لأقوله لو...
حذّرتني جدّتي كثيرًا من ابتلاع بذور الفاكهة والخضروات التي أتناولها، مع حصّتي السليمة منها. كانت تقول لي إنني أحرث أرض جسدي بالبذور مثل تربة ندية، وإنني ذات يوم سأنام وتنبت منّي غابة لا أعود منها ويأكلني الذئب. وبعد سنوات قابلت رجلًا أحببته، كان يكذب كثيرًا، كلُّ شيء فيه يكذب، لكنني لم أهتم...
كيف لي أن أرتدي حبك فيما على بعد سبعين كيلومترًا تتعرى امرأة من زوجها وأطفالها في تراب فلسطين. ‏لم تغادرني نحو المطبخ لتحضر طبقًا وعدتني به. بل غادرتني نحو أبدية لا أعرف متى تنتهي. الحزن ينتظر خلف الباب، لطالما كان كذلك. نضج الشتاء بيننا لم أستطع تقبل سنه المتقدمة حتى الآن ولم تعد للمائدة...
لديه ما يقوله لي باب الغرفة يصدر صوتًا حين ألمسه، كما لو أنه يحاول أن يحكي لي قصته البائسة مع الفأس قبل ان يعرف جسده لمسات أخرى. لديها ما تقوله لي زجاجات طلاء الأظافر: اعدلي بيننا.. في رؤية العالم كيف يبدو من أطراف يديكِ. لديه ما يقوله لي النمل الذي كلما رآني شاردة أفكر، يخاف، لفرط وحدتي من أن...
كل تلك القصص الفاتنة عن نساء لم تُنس.. لأنهن رحلن تحمل جراحًا خفية عن المشاهد وعن ذراعي كل رجل أحببنه. ذلك أن عيبهن الوحيد أنهن كن أجمل من أن يحتملن حقيقة الحب المبتذلة عند رجلٍ أحببنه بصدق. أحببنا رجالًا علمونا أن نرحل كي لا يرحلوا عنا كي لا يخونوا عاطفتنا برعونة وكي لا ننسى حقًا وتستحيل...
سحب حسو أعداده من المكتبات ومنازل الأصدقاء وبيوت الجيران ليحرقها أمام جمهرة من الصحافيين والكتاب، الأصدقاء منهم والأعداء، سائلاً الجميع أن يسامحوه على إصداره لهذا "الديوان التافه". - باستطاعتي أن أعرف كيف كان يشعر حسو تمامًا الآن، وهو يقدم على ذلك الفعل - قال عنه أنه كتاب شعري سوريالي لم يبق...

هذا الملف

نصوص
40
آخر تحديث
أعلى