شوقي كريم حسن - جواد أوروك.. قصة قصيرة

قال ـــ ارجع ..؟ !!. فما رجعت، اخذتني الطرقات التي هجرتها منذ ازمنة بعيدة الى اكتشافات ما كنت اعرفها من قبل عند تلك اللحظة الغريبة ، المترامية الإطراف أيقنت ان كل شيء كان قد تغير فعلا وأن لا فائدة من الانتظار وسط هذا الخراب ألموحل خراب يلوث روحي ويجعلني ارنو الى المسافات الفارغة المهجورة التي تحيط بخرائب ايقنت ان كل شيء قد انتهى وحين تنتهي الاشياء ،لااجد ثمة ضرورة لوجودي، تعودت النظر الى امتدادات خضر والإنصات الى ضحكات اقرب الى المجنون منها الى الفرح، في بوادينا الخرساء ، الغريبة الاطوار ، التي لاتجيد سوى الايماءات المبهمة ، و النشيج الذي يشبه عواء كلاب الدرابين، للفرح اكثر من معنى اكثر من سياق تحاول الارواح الكلبية العبور من خلاله باتجاه خيارات قد تجدها مرغوبة ومفيدة ،أما المجون فلا يشكل غير خروج عن مألوف ألابتهاج وخوض في مغامرة الارتحال بين الاجابات ولأسئلة وخروج عابث عن مألوف الخطى والارتحال ببطء الى رقصات فاضحة وأقوال اشاريه تحرك كوامن الاحاسيس وتصيبها باضطراب له لذة العنب الحامض ، كنت ارقب من علو ألمكان كل ما يمكن ان أرقبه وأحصي انفاس الضاحكين باستهتار ، وأولئك الذين لا يعنيهم سوى رسم ملامح خطواتهم فوف جباه الطرقات المليئة بالغضون والترهلات والصمت والتراجعات، يرسمون احزانهم متقصدين الاثارة || وجوه تعري خزيها الابدي وهي تحاول اثبات رجولتها، كنت اشير بأصبعي ، هكذا((دووووووووووووو )) ،فتغادر الاشياء ملاحمها وتعود كما ارغب وأريد، تنبش الملامح مواضيها لتعيد تكوينها الملكي الأثير المواضي مجتمعه لا ترسم في حضورها غير نواحات وبقع دم وأجساد مسجاة عند ثرى الأبواب وبقايا دخان يتصاعد غاسلا الوجوه بسواد فضائحها، كنت انصت اليهم وهم يلومون انفسهم دون ان يعلنوا خوفهما، دون ان ينظروا الى الفجيعة بعين الاحتجاج والرفض، الان وقد انتهى كل شيء،( أنا افترض ان ذاك التصوير البعيد اللاصق في الروح قد انتهى، وافتراضي قد لايكون صحيحا، لاني كثيرا ما اشعر بخيبات الامل وهي تلاحقني، فأروح افكر بأحزان تملأ الفضاء الذي بات لايعني ليّ شيئا برماد السوادات، والغضب، لااعتقد انه انتهى او كاد ينتهي، لااجد فائدة من الرجوع الى تلك المواضي القديمة ، المواضي التي منحتني الوهم، ومنحتها الرضا والقبول، اجدني محاطا بالخرائب، اتلمس حواف الامكنة التي لاتفضي الى رغباتي القديمة، الجنون وحده هو من يستوعب تلك الرغبات الخارجة عن اطر إنسانيتها الم فوضاي وارتباكي، أنا برغم كل ما ارسمه من قوة، كائن ضعيف الى حد موجع، تخيفني وحدة الليالي الشتائية الطويلة، وتلهب قلبي بوجع لا اعرف الكيفية التي ابدده فيها، ارسم دوائريتطاير من نقطة ارتكازها غبار تلوثه قطرات الدماء الجافة ، ومربعات تدوي بعويل محموم عار لايكشف عن سر حقيقته، اقسم خطوايتي بين الاسرة والمراعي، ادفن روحي كلها بين ثنايا الاجساد الراغبة بسقي مزارعهاحين الامس الاجساد السمر الخشنة الباحثة عن لحظة ابتهاج ، اشعر وكأن اصابعي تبحث عن شيء اضاعته منذ ذاك الزمان السحيق بالقدم، تظل تجوس اراض الانوثة بغير ما رغبه بابراز شعارات ذكورتي، اداعب خرافاتي، اجس النهدين المنفوختين مثل كرتي قماش مغموس بالماء، واهبط… اهبط ببطء علني انوش مواجع ألاسترخاء اشعرها تموء، تتكسر، تلاعب خوفها، فاظل منصتا الى لهاثات الارواح ، شاما عرق التوسلات ، والشهيق اللذيذ الذي يحيلني الى مجرد خرقة بالية، اعاود البكاء، اعاود النظر الى غراب جسدي وهو ينتفض وجعا، والم نفسي علها تتمكن من الهدوء، لكنها ترفض الانصياع، مثلما ترفض الانتماء لغرائبها، افترش اثامي، و اقرفص عند اول تلك الابواب الدارسة، لاشيء هنا سوى ذلك الصوت الذي كان يلاحقني ،. قال ـــ ارجع؟ لكني وبعناد حمار الحساوية، اقرر الرحيل ، الى حيث لا ادري، قال ليّ الملفع بالكهنوت ،ـــ الى اين تراك تمضي؟ وقال الثاني ـــ مالك لاستقر والطرقات موشومة بالآثام ؟ وقال كبير الكهنة ـــ الرب لا ترضيه افعال الشر.. !! وقالت صاحبة الحانة ، وهي تمنحني بعض من رضاب شفتيها ـــ لا تغادر.. لا تغادر.. مالك وكل هذا الوجع؟ ايقنت ان الاسئلة عثرات الأحلام فران الصمت بيننا طويلا، مثلي لايجب ان يجيب عن اسئلة الكهنة، ومثلي لايجب ان يحترم تلك المباني التي تسمى المعابد، ومثلي لا يحترم تلك الاشارات التي تصر على التذكير بالموت، ومثلي لا يهتم لغير اثام صاحبة الحانة التي كنت اعرف صدق نواياها ، لكن خطاي تناثرت ترفس الطرقات، تشيلني المسافة صوب مسافة اخرى، وتمنحني المساءات التي اشعرها ثقيلة مثل اطنان الطين الى عتمة صباحات لا ملامح لها ، شوهاء لا تمنح المارين في مساربها غير البكاء والقلق والانتظارات التي لاتمنح معاني محددة وجدتها ، تقف عند مفترق الطرقات المجهولة، تحمل صرة من قماش عتيق ، وتلبس ثياب انوثتها الفاترة، رمقتني بنظرات الاستهجان ، والكراهية، والحقد، وخليط من ليالي الامس ورغبات اليوم، كنت اعرف ما تريد.. ولكني اصر على إغضابها اصر على ان امرغلها بتراب إهاناتي تراجعت خطواتي الى وراء، بل تراجعت كلي محاولا اختيار طريق اخر لا يوصلني اليها . قالت ـــ اقترب؟ قلت ــ ليس هذا وقت الاقتراب… المسافة لاتسع ألحلم ..!!. قالت ـــ اقترب؟ قلت ـــ ليس هذا بوقت الاقتراب المسافات لاتسع الآمال !!. قالت ـــ اقترب؟ قلت ــ مالك تلحين… المسافات رحيل !! وحركت خطواتي مبتعدا، لكنها اصرت على اللحاق بي، امسكت بتلابيب ظهري، ودفعتني الى الارض بقوة باذخة، لاادري من اين تأتي الاناث بكل تلك القوة؟ سقطت ذكورتي متناثرة مثل نفاش الاهوار، تطايرت اوصالي ، ودون ان الملم بقاياي وجدتها، تلم ما ترغب مني، قالت ـــ الى اين تراك تمشي ؟ قلت ـــ لاادري .. ولكني ابحث عن خلاصي؟ قالت ـــ وهم من يمنحهم خلاصاهم اذا كنت اول من يهرب؟ قلت ـــ الامر لا يعنيني.. لم اعد قادرا على التحمل؟ قالت ـــ او هكذا علمتك الاحلام؟ قلت ، وأنا ارمي بنفسي اليها. ـــ لا فائدة… لا فائدة .. اشعر بالعقم وحين يشعر واحد مثلي بالعقم فلابد أن يبحث عن هروب يمنحه رضاه… ماالذي يبقيني هنا.. من اجل ماذا.. وكيف.. ومن تراه يعيد لي شكلي القديم الذي احب؟ !! قالت ــــ لم ارك تضع نفسك داخل حطامات روحك من قبل .. لم أنت دون سواك من يتوجب عليه الخوف والارتماء في دهاليز التراجعات.. ما عساك فعلت…ما عساك فعلت؟ يظل صوتها يدومّ بين ارجاء المكان، وتظل روحي تلوب باحثة عن مأوى مثل كلب اغتسل بقيظ ، ادور دونما جدوى لدوراني ، يقول ليّ ـــــ ارجع !! لا فائدة من رجوعي ،لان ثمة اقدام اخرى شغلت تلك المسافات التي كنت أشغلها مسافات كنت املاؤها بالغناء، والصراخ، والاحتجاجات والجلوس عند مفترق الدرابين ،باحثا عمن تؤشر ليّ بالذهاب، اظل مقعيا، نابحا الطرقات بغير ما هوادة، وحين ابصرها تجيْ ارتمي اليها مسحولا بحبال انوثتها الفائرة، تستهويني تلك اللعبة الازلية، اناث تتغنج ، تتلوى متخذة اشكال الافاعي، ورجال يتوسلون شهواتهم التي ما تلبث ان تنطفئ عند اول كأس لهاث، تدور الافرشة بعد ان يدسمها العرق والتوسلات والضحكات المكتومة ، وتنحني الرقاب لتؤدي طقوس الغيابات، انكس رأسي اولا، هكذا تعودت، ثم انبح، وانبح، وارتمي عند فضلات انوثتها، عالم لايعني شيئا محددا، ولاتعني اناثه سوى ألانتظار و الحزن، و الغياب الاثير الى النفس، قال ــــ ارجع …!!. ( كانت المسافات التي قطعتها، تحط بي عند ابعاد ألاستذكار ادس نفسي فر اغطية وحدتها، واروح ادقق في الملامح التي غادرتني عن عمد، احاول ولوج بقايا عمري البعيد، بقايا ذكورتي المهدورة، لكني محاط بأسلاك الفشل، والخوف، ليس ثمة كائن مثلي ادمن الخوف وارتضاه، خوف ارسم له ملامح أبي واخوتي، وعمي الذي كان يشتغل جلادا، وعمتي التي لايمكن لاحد ان يطال فضائحها، وأمي المسكينة التي جيء بها من بلاد الصمت لتعيش كل هذا القلق، اظل افلش معاني وجودي مثل قبر مهجور، وحين اجدني عاجزا، الوذ الى صمت وحدتي/ لاتلمس خراب محنتك السائرة الى البكاء/ لا تلمس احلام موتك الأزلية لا تأخذ سر الاشياء/ وبق كما انت/ تسحرك الخطايا/ وتغسلك الخطى/ أبق لان الطريق موصد اليك/ ولانك مركون الى رفوف الخرافة / واخط مراميك الى صدرك العاري/ وارم مباهجك اليك /فليس للقراءات معاني اذا ما هوت الايام/ يمم خطاك شطر مسجد ارتجاجات العمر، اسجد عند ركن الغواية/ او تمسك بأمانيك ساعة ألانتشاء مالك عبق برائحة الهروب إليك مالك لا تبحر الى منافذ ألاحتواء أنت لاتترك لعطشك مسافة من لحظات/ وتمحو حق خيارك الى البعيد/ قال ــ ارجع …..!! حملت كل احلامي الاعتق من وجودي، والتي تسربلتني منذ رأيت اليها تداعب شفتي شطنا الممسوح بثياب فتيات الطين، وكركراتهن ، وأمانيهن التي لا تنتهي، ثمة امواج من الاماني كنت اراها تروح الى حيث لايعلم احد، أماني مملؤة بالوجع والصمت والترقب، وحدها كنت اراها، تغمس اقدامها في وحول الجرف، وما تلبث ان ترفع اكفها بغضب صادم، تتراجع الاناث، وتتطاير ثيابهن الثقيلة بالماء، عندها، تتلفت تنحني، تتوضآ ثم تطش رذاذ الماء وكأنها تغسل ألشط او تكفنه وبهدوء، بهدوء اراه لان يستحوذ عليّ اسمعها تأن تتألم تلم فواجعها. ــ مالي وكل هذا .. مالي وكل هذا.. ايها الاتي من بعيد وجودي.. كيف يمكن للجسد ان لا يطاوع الروح ان هي رغبت بالرحيل.. لاشيء يبقيني هنا.. لاشيء يشدني الى كل هذا الهوس الذي لامعنى له.. لاشيء يذكرني بخيبات أملي سوى تلك الاوامر المتلاحقة بالرجوع، ماالذي يمكن أن اجده وقد تغيرت معالم الأمكنة وغدت تلك الشوارع الأزقة الاسواق مجرد هياكل للأشياء مهجورة ومنسيه تظل الفكرة تطاردني، ويظل هاجس العودة الى لآتون تلك الحرائق الأبدية والتي لاتعرف لها مستقرا،يراود انهزامي، أمسك برقبة الارتباك لكنه يفر ضاحكا . ــــ ارجع … ارجع !! \\لاتستقر المسافات عند شيْ ابدا / لهذا لايجب ان اجر ورائي كل تلك التخيلات الباهظة الثمن / اكنس رذاذ غربتي لا ارمي به خلف ضوء صباحاتي، لكني اشعر بالندم/ فأروح ابحث عن ملامحما تبقى مني، اتمرغ في وحول ألاستذكار ارسم وهمساتها واعزف على ناي الانتشاء لكن الوحدة.. الوحدة ..التي تدفعني الى محرابها بقوة تطالبني بأن اصلي لهاتيك المعابد التي لااجد ثمة ضرورة لوجودها\\ . ــ ارجع……………………………!! يحدثنا أول رواة الأفكار أن العودة في وقت مأكول الاطراف كهذا ألوقت امر يدعو الى ألخيبة والإذلال لهذا ليس هناك من يريد دخول تلك المعابد التي كانت تطن بأناشيد ألتوسلات وغدت تشبه مقابر دارسة ، معابد قاسية التوصيف ملطخة الجدران بالدم، وما أن يجن الليل حتى تتعالى التوسلات والصراخ ، وأصوات القيء ألمبهمة ،وثمة عصافير تفتق الشبابيك المعتمة لتطير مبتعدة.. مبتعدة ملاحقة بصوت الكاهن الاكبر وهو يصيح ـــ ارجع !! فما رجع احد البتة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى