ثناء درويش - اعتزال

هكذا، في هذه الليلة التي تبدو بلا نهاية، في هذا المقهى الأدبي الذي أعلم أنّك من روّاده، ومن مدمني مشروباته الساخنة والباردة، وحتى الروحيّة المختمرة، هكذا وأنا بأوج زهوّي قررت أن أعتزل هذه المهزلة، مهزلة الكتابة أو ما أدعوه إبداعاً فيما هو لا يعدو أن يكون مجرّد ثرثرة.. ثرثرة لا أكثر.

انطفأت رغبتي برجم السماء، وخلع هيلمانها العالي، كذلك لم يعد يعنيني طواغيت الأرض ولا النمل الذي يدبّ بلا حول ولا قوّة، ولم أعد أميل لخلع ملابس البشر الداخلية والخارجية لكشف عوراتهم أو تشوّهات أجسادهم.. ثم التوقيع باسمي بغرور مبطّن يعتلي ما انتهكت من مستورهم.

أعدك، لن يستفزّك بعد اليوم عنق اسمي السامق ولا ثالوث ثائي المقدّس وأنت تقسم أن خلف كل هذا الكبرياء قلباً مهلهلاً وهشاشة شعور.

سأترك لك الساحة لمزيد من الوهم الخادع لتصول وتجول وتحصد الجوائز وتعتلي المنابر، وتدخل النفوس كلها متلصّصا من خرم إبرة .
فإذا ما طلع الصباح وانجلى سواد الليل، ودعتني الحروف من جديد لغواية جديدة فأقبلت إليها أجمّل قبح العالم، سأزعم أن "اعتزال" لم يكن أكثر من قصة قصيرة.. قصة قصيرة لا أكثر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى