ثناء درويش - سرقة محترفة

"هادا ما اسمو شعر.. هادا اسمو علاك فاضي"
قالها لي من أعلى برج معاليه وهو يرمي أوراقي بوجهي.
لا أدري كيف لملمت تناثرها وأنا أكرّر اعتذاري من فخامته، واصطدم بالكرسيّ أثناء انسحابي المرتبك .. لتسقط ثانية من يدي، فأتركها وأغادر على عجل كأني أفرّ بروحي.
كنت أخنق دموعي طوال طريق عودتي محدّثاً نفسي:
الرجال لا يبكون .. تماسكْ.. هوّنْ عليك.. ليتها أكبر المصائب.
فتردّ نفسي بانكسار:
ألم تر كيف نظر إليك كحشرة..
"علاك فاضي" تساوي في اللغة كم أنت قميء ومسخ.
كان بإمكانه أن يردّ بشكل ألطف...
ليقل مثلاً .. نعتذر يا بنيّ فصحيفتنا تنشر كذا وكذا..
أو لو قال .. أنت موهوب حقّاً إنما تنقصك الخبرة.
طيّب.. ليقبلها ويركنها في درج مكتبه ولا يحطّم قلبي.
دخلت غرفتي بصمت دون أن يشعر أحد من أفراد أسرتي بقدومي.
جلست على حافة السرير لساعات ورأسي مطأطأ بين راحتيّ .
ثم لملمت كلّ دفاتر أشعاري وجعلتها وقوداً في المدفأة.
نمت ليلتها أهلوس تحت وطأة الحرارة، وكان قريني "معاليه" يكتم على أنفاسي محاولاً خنقي.
بعد أيام و بالصدفة .. ويا لسخرية الصدف تعرّي منابرهم لكنها تبقينا بلا حول أو قوّة أسرى خيباتنا وانكسارنا.
عرفت من صديق مقرّب، أن رئيس التحرير الذي يواظب على كتابة عموده الخاص في جريدة "المواهب" .. لم يتخلّف عن عادته ككلّ صباح.
كان عموده إحدى قصائدي مع صياغة أدبية جديدة ذات خبرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى