نصوص بقلم نقوس المهدي

في ليلة صيفية حارة, وقفت سُمية في شرفة المنزل, كانت تنظر إلى السماء بنجومها وبدرها المكتمل. ذكّرها ذلك الجو بحدث مرت به وهى طفلة صغيرة, لم تنسه قط, عندما أخذتها جدتها في سيارة والدها إلى مكان غريب لم تذهب إليه من قبل.. كانت في العاشرة تقريبًا, ترتدي بلوزة بيضاء مرسوم عليها فراشة تحلق في...
الدنيا زامتة، وأنفاس الخلق تكبس على صدري الضيق، وبخر المرأة الجالسة إلى جواري أعماني. تمنيت أن تكف عن لعن الأسعار، والمواصلات ورئيسها بالعمل، وزوجها الذي لا يعرف كيف ينفق عليها وهي معززة مكرمة في الخرابة التي يسكناها مع بناتهم الثلاث وولدهما القعيد منذ سنوات بعد حقنه بوصفة طبية خاطئة. المشهد...
انهمرت دموع أم سعدون حين قالوا لها إن ولدها الذي كان يعمل في قطر تزوج من فتاة تونسية، وسيقيم معها هناك ولن يعود قبل خمسة أعوام لكنها نادت على القطة "حرباية" ووقفت على باب بيتها وهي تضعها على كتفها وتبتسم للرائح والغادي ابتسامة تكشف عن فضاء فمها الداخلي وخلوه من السنة الذهبية التي باعتها لتشتري...
يعتبر الجسد خزانا رمزيا ، عبره تبلور الذات الإنسانية إنجازاتها حسب السياقات التي تتحرك في كنفها، و تمسرح لغاتها بأشكال و صور متعددة التمظهر كالإشارات أو الإيماءات أو الحركات، أو عبر اللمس أو النظر و الصراخ أو الغناء، أو بواسطة الرقص و مختلف التعابير الجسدية المعبأة بحمولة ثقافية ما، كما نلمس ذلك...
ولد عبدالباسط بن محمد أبي الخير الصوفي في مدينة حمص (وسط غربي - سورية)، وتوفي في مدينة كوناكري (عاصمة غينيا). أنهى مراحل تعليمه قبل الجامعي في مدينة حمص عام 1950، ثم التحق (عام 1952) بالمعهد العالي للمعلمين بدمشق، وتخرج فيه من قسم الآداب (1956). عمل مدرسًا للغة العربية في مدارس مدينة حمص...
توطئة الأحكام المتطرفة ضد المبدعين شعراءا وعلماءا وكتابا وصحفيين ماهي الاّ مجانفة لحق التعبير . وكذلك محاكم التحجر الفكري الأجوف منذ بدء البشرية حتى الآن ، لماذا أقول ذلك ؟ ، لأن الفكرة فراشة في نسمة ومن الجريمة بمكان أن يقتل الإنسان لأنه فكر أو كتب أو عبّر أو رسم أو مَسْرَحَ أو أسْنـَمَ...
اعتاد الجد أن يتجرع كميات كبيره من المياه، إن صباحًا أو مساء أو في ساعات الليل، وسواء شعر بالعطش أو لم يشعر. الرجل على حال التعلق بالماء دوما، أُجزم أن سلوكه هذا عن غير إرادة وبرغبة منه، كأنه يخشى انقضاض ملاك الموت، على حين غفلة، ليفعل فعلته قبل اقتناص جرعة ماء.. ربما تحميه وتلطف من جوفه في حومة...
عالم التقوي الظاهرة والفساد الكامن عجيبة هذه السلطنة بناسها وعفاريتها.. ترفع شعار الله وتغوص في الدنس، تلك هي الكلمات المجوهرة لنجيب محفوظ في روايته البديعة (ليالي ألف ليلة) نعم عجيبة، قبيحة وعبثية تلك المدينة بدعاتها الجدد، حراس الفضيلة الزائفة والمزايدات الدميمة. فبعد نجاة الحكاءة المليحة شهر...
ولد عبدالإله هاشم المفعلاني في بلدة نوى (محافظة درعا - جنوبي سورية)، وتوفي في دمشق. قضى حياته في سورية. درس في مدارس محافظة درعا بسورية، ثم التحق بكلية الآداب - جامعة دمشق - قسم اللغة العربية حتى تخرج فيها. عمل مدرسًا للغة العربية في مدارس محافظة درعا الثانوية، ثم أمينًا للمكتبة في دار الثقافة...
وكأنني خرجت من زنزانة قضيت بها قرناً وعام فهرعت لأفتح كل نوافذ المنزل كي تسمع الجدران هي الأخرى تلك الهتافات والأغاني الوطنية وترقص الثريات وتبتهج تلك الملامح الكئيبة في لوحات بيتر بول المعلقة في كل غرفة. ركض الجميع بجذل مردداً "عاد سامي" لم أستوعب الأمر وارتجفت أطرافي الحائرة والتي انطلقت...
فظيعٌ جهـلُ مـا يجـري = وأفظـعُ منـه أن تـدري وهل تدريـن يـا صنعـا = مـن المستعمـر السـرّي غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري فقـد يأتـون تبغـا فــي = سجائـر لونهـا يـغـري وفـي صدقـات وحـشـي = يؤنسن وجهـه الصخـري وفي أهـداب أنثـى فـي = مناديـل الهـوى القهـري وفـي ســروال...
عندما كنت تسير في زحمة عتمة شوارع المدينة المريضة كان القمر يسكب نوره الذهبي ببذخ مفرط، وكلما تحاول عيناك اغتراف شيئا منه ينقتب كلبا منك حتى ليكاد يخاللك كظلك دونما يقلع عن نباحه السقيم. ــ ألو... أيوا ... انتبهوا هو جاي صليكم... يبدو أنه طاعشي. !؟. وأنت تصل نهاية شارع هائل منعطفا داخل شارع...
قليلة هي النصوص أو المناسبات التي تحول الباحث الأكاديمي إلى مبدع؛ ومقال الأستاذ محمد المصباحي تحت عنوان “فشل لقاء الشعر والفلسفة بالتصوف”، يدخل في هذا الإطار، فهو يبرز معالجة فلسفية عملت على تحويل المكتوب إلى تناص، يتداخل فيه القديم والحديث والمعاصر؛ مع محاولة لرصد أوجه الوحدة والاختلاف بينهما...
تقف أمام المرآة، تُسرّح شعرها الطويل حتى كاحليها، تتأمل جماله بفرح، تفلت منها تنهيدة، تجري إلى الصندوق الأثير لديها، تُخرج الرسائل المحفوظة بداخله، وما إن تلامس أصابعها الناعمة الصندوق حتى ينفتح لوحده، ويستحيل ما بداخله أشباحاً قبيحة تجرها إلى المرآة، تقص شعرها الجميل وتعبث بملامحها، تصرخ رعباً...
يا إلهي, كيف سأنتهي من كل هذا الكم؟ ها هي الأكوام تصطف أمامي بأعدادها الغفيرة, بل وإنها تتحلق حولي فتجيد تطويقي وأجدني أضحيت جسداً لنملة سقطت رهينة لدي جيشٍ من الرجال. من أين أبتدئ؟ وكيف السبيل إلى النهاية؟ أأشرع بالأكياس البلاستيكية أم العلب الكرتونية أم المعلبات أم الفضلات.. تكاد معدتي تلفظ...
أعلى