محمد بشكار

هَالَنِي ما بِتُّ أراهُ من هَرْولة كثيرٍ من الكُتَّاب الناطقين باللغة العربية، وهي هرولةٌ لا تخلو من لهْفةٍ حتى لا أقول "لهْطة" بتعبيرنا الدَّارج، إلى ترجمة أعمالهم للغات العالم الأجنبية، خصوصاً تلك الأبْجدِيَّات الشَّقراء التي يُصطَلح على تسْميتها باللُّغات الحيّة، لا أعرف هل تُسمَّى كذلك...
كُلَّما عدتُ من رحلة الصَّيف وجدتُ الخريف ينتظرني ذابلا في مكتبي بالجريدة، ليس وحده طبعاً ولكن مع رزمة الأوراق المُؤجَّلة عبر الفصول، من أين أبدأ رحلة الشتاء من الأول أو أواصل من الأخير ولكن بطعام غير مُستهلك أو بائتٍ، لا يكفي التَّوقيت الزمني (شتنبر) ولا الحيِّز المكاني حيث تجري عملية الكتابة...
أُحاول أن أهْتم بما لا يسْتأثِر باهتمام أحد، أنْ أُضيف لا أنْ أراكم، أنْ أبْحَث في حلَبة الحياة التي تضِيقُ كل يوم عن الخلاص بالضَّربة القاضية، لا أنْ أبْقى حبيس الزوايا الأربع المُسوَّرة بالحِبال مُجرَّد مُلاكم، لا أحِب أن أنْضبِط للإيقاع المُتكرِّر الذي لا يتجاوز حركة وَضْع الكيس على الكيس،...
تَعَالِي نُقصِّرُ لَيْلَتَنَا وَنُطِيلُ العُمُرْ تَعَالِي فَأوَّل مَا تَبْزُغِينَ وَيَنْسَدِلُ اللَّيْلُ بَيْنَ الضَّفَائِرِ يَحْلُو السَّهَرْ تَعَالِي أُطَوِّقُ فِي كَتِفَيْكِ المَدَى بِذِرَاعِي، نُعِيدُ الصِّرَاعَ إلَى الأزَلِ المَلْحَمَيِّ، تُرَى تَعْلَمِينَ، بِأنِّيَ أُوجِزُ كُلَّ...
1 أحْقَر تَشْويهٍ للسُّمْعة هو الذي يتعرَّض له في زمننا قوس قزح، هذه الهِبة الطبيعية التي تُزيِّن بحزامها المُلوَّن خصْر السماء، لمْ يَعُد أحدٌ يتجرَّأ على ارتداء القُمْصان التي تَحْمِل رسم قوس قزح، لم تَعد صوره المحفوفة بألوان الفرح، تصلح جسرا لبث الأشواق بين الخليلات والخِلَّان، أسَفِي على قوس...
نسمع كثيراً ونقرأ من المداد غزيراً عن احتكار الثروات، حيثُ الأقلِّية تسْتأْثِر بعَرَق جبين أغلبية الفُقراء، لكن الأخْطر أن يَتغوَّل هذا الاحْتكار ويَشْمُل حتى الثقافات التي يتَّسِع بأفُقها المغرب، وما أكْثر اليوم من يدَّعون أنهم مُثقَّفون أو أدباء رغم أدائهم الرديء في توظيف تقنية المجاز ولو...
مَا أيْسر أن نَشْحنَ الكلمات بمشاعرِ الشَّجن أو الفرح، لِتَكْتسِبَ أصابع مُرْهَفةً تعْزِف على جميع الأوْتَار في الأنْفُس، ولكن مَا أصْعَب أن نَضُخَّ هذه الكلمات بأفكارٍ اسْتشرافيةٍ تَسْتعْجِل المستقبل، تُقوِّي العزائمَ، وتُخاطبُ العُقول، ولكَ أن تقْرأ ما تَشاء، أنْ تَرْكَن للكلماتِ التي...
الجميع ينتظر أن تُلْقي روسيا بإحدى رؤوسها النووية، ثمة من ينتظر انفجارها المُدوِّي الذي يُعيد الأرض لِنشْأتها الأولى، بلهفة من يترقَّبُ عرضاً يشبه حفلات الشهب النارية، وثمّة من يُداري بوازعٍ ديني يَقينَه باقتراب نهاية العالم، ولا يملك إلا أن يستعيذ بالله من الشيطان بوتين الرجيم ! أنا لا مع...
1 التَّحرُّر في السينما رسالة جمالية تُحرِّر الخيال وتُطهِّر الأنفس، والمُخرج البارع من يجْترح الطّابو بالشُّحْنة الشاعرية التي تسرق من الأعين إما الدهشة أو البكاء، تنظر للقبح ولكنه مُدعَّمٌ بكل العناصر الجمالية التي تحقق الإقناع والإشباع، وليس التَّحرُّر أنْ أصنع عملا سينمائيا بنساء...
لا أحبُّ أنْ أُوضع في موْقِف النَّاعي، لأنه ليس ثمة أقسى على السّمع من نعيب الغُراب، كما لا أحبُّ أن أصُوغ من كلماتي أدمُع المراثي، رغم أنّ الرثاء في حقيقة شِعره أو مشاعره مديحٌ لمناقب الراحل، ولكنّني بالمُقابل أُحبِّذ أن أستخرج للأديب من كلماتي إذا مات شهادة الحياة، صحيح أنّنا ضُعفاء ولا...
1 برامج الطَّبخ التي انتشرتْ بتنوُّع أطْباقها الشهيّة في كل القنوات التلفزيونية، يُمْكن اختصارها في طبْختين، واحدة تتكفَّل بالطَّهي للمعدة، والأخرى مُوجّهة دون رحمة لشيِّ قلب الفقير حُرْقةً وكَمدا ! 2 التَّشْكيل ليْس مُجرَّد رسْم أو نحت أو تصوير.. بل هو إعادة تشكيل للحياة بالألوان التي تُناسب...
السُّولامي حيٌّ بالفكرة وليس الصورة ! محمد بشكار لا أنْكُر أنِّي انْتشَيْتُ بالإنْشاد الشِّعري فِي الأمْسية الاحْتِفائية بالقنيطرة، وَلا أنْكُر أنِّي اغْتبطتُ بالرأسمال الرمزي وأنا أوقِّع نُسَخاً من هزائمي المُنْتصرة، ولكن بِمُجرد ما تنْطفىء الأضواء، تَنْهَض بَعضُ التَّفاصيل الصَّغيرة لِتُمارسَ...
1 يَكبُر العُمْران ويَصْغُر الإنسان مع التَّقدُّم في العمْر، كذلك حدَّثْتُ نفسي الَّتي ما أكثر ما تُجيبني بالخَرس، حين زُرْتُ بعد غيْبةٍ طويلة مدينة القُنيْطرة، يَا لَلْبِنايات الزُّجَاجِية الفارهة وسَط المدينة، تُراها مَبْنِية على هواء أوْ خَواء، عموماً الأمر لا يَعْنِيني، فأنا ما أتيْتُ...
1 ما مِنْ شاعرٍ إلا ويشْتكي اليوم، يُرَاكمُ الدواوين ويشْغَل نفْسَهُ بتنقيحها بَدَل المرة ألْف حسْرة، ومِن أيْنَ له بناشرٍ يطبع الشِّعر كما يُطْبع الدَّلاح في صيف الفاكهة، في حين ثمّة مَنْ يُصدِرون في كل شهر ديواناً اللهم لا حسد، ويلعبون بالأغلفة على طاولة الفيسبوك كما يلعب جدي مع أتْرابه...
كما تتحقَّق الأناقة بأبْسط الألبسة، تكْتسِب الأشياء أيضاً قوّة التأثير برمْزيتها دون تَكلُّف أو تَصنُّع، وها هو المُلْحق قدْ ربح الحُسْنَيين حين حَلَّ ضيْف شرف على فضاء الوساطة، ربح القوة الرمزية وأناقة البساطة، وأُفضِّل عِوَض صيغة مَعْرض اسم جِدارية لملحق "العلم الثقافي"، فما أشدَّ الوقْع على...

هذا الملف

نصوص
212
آخر تحديث
أعلى