نزار سرطاوي

كم ترهقني يا ظلّي يا هذا الشبحُ الشائِهُ للوجعِ الساكنِ بين ضلوعي...! كم تدفعني أن أتوارى في العتمة فَزَعًا منكْ...! حين تلاحقُني صورتُكَ الناحلةُ السوداءُ المشؤومةُ أو تسبقُني هيأتكُ الخرقاءُ المرسومةُ فوق طريقي أشعرُ أني أعدو قُدّامَكَ أو خلفَكَ رغمًا عني أنّك تنخزُني في عنقي أو تسحبُني من...
أحيانًا أكاد ألمحهم، حول رؤوسنا، كالبعوض حول عمود إنارة في الشارع صيفًا، أولئك الأطفال الذين كان في وسعنا أن نحظى بوميضهم. أحيانًا أشعر بهم ينتظرون، وقد غلبهم النعاسُ في غرفةِ انتظار – يعملون خَدَمًا، يصيخون السمعَ قليلًا لنداءِ الجرس. أحيانًا أراهم مطروحين كما رسائلُ حبٍّ في مكتبِ الرسائلِ...
إلبا، نيويورك، شتاء 1850 عزيزي السيدة هاربر، شكرًا لك على دولارك. كنّا نأتي على آخر رغيف لدينا. الجو جدُّ بارد – الأرض حديدية، لا بد لي أن أطلب من الرجال أن يسدوا إليّ معروفًا – أن يُقطّعوا الأخشاب. تسألني في رسالتك عن ما أومن به. أنت أول من يسألني عن ذلك. أسمعُ ذوي القلوب الطيبة – وأظنهم...
قصائد في زمن الفيروس 2 هذا الصباح ظهرَتِ الغربان كأنها ظلالٌ مترهّلة، تغنّي أغنيتها الهستيرية حاملةً في داخلها كل ما في الدنيا من جمالٍ وقسوة؛ في مجد الصباح الأزرق الداكن رأيتُ ساعاتِ الانتظار، وقد بهتَ لونُها – لكنْ كان هنالك أيضًا ضحكٌ، وفوانيسُ عنبِ الدُّبِّ الصغيرةِ؛* ها أنا وحيدةٌ في...
كلَّ مساءٍ نجلس في الحانِ أنا وصديقي والصوت الثالثْ الصوتُ الثالثُ يشربُ قهوتَهُ وأنا وصديقي نشربُ كأسين وننفثُ دُخّان سجائرِنا ونثرثرْ الصوتُ الثالثُ أمسِ اسْتَدرَجَنا فتَحاوَرْنا حولَ الحُكّام الصوتُ الثالثُ فاجأنا: من يَرِثُ الحُكّامَ إذا... لا سمحَ اللهُ؟ أجيبُ: متى سمحَ اللهُ – ولا بد...
حين طلّقتكَ أمّنا شعرنا بالفرح. لكم كابدَت وكابدت بصمت كل تلك السنين، ثمّ على حين غرّة ركلتك خارجًا، ولكم أسعد ذلك أطفالَها. ثم طُردتَ، وابتسمنا في أعماقنا، كما ابتسم الناس حين أقلعت مروحية نيكسون من الساحة الجنوبية للبيت الأبيض للمرة الأخيرة. لقد دغدغتْنا مشاعرُ البهجة ونحن نتخيلك وقد خسرتَ...
الرجل موسم، وأنت الخلود، ومن أجل أن تعلمني هذا تركتَني أقذف بشبابي مثل القطع النقدية بين أيدٍ شَتّى، تركتَني أتزاوج مع الظلال، تركتَني أغَنّي في أضرحة فارغة، تركتَ زوجتَك تبحث عن النشوة بين ذراعيْ رجلٍ آخر. لكنني رأيتُ كل ظِلٍّ يرمي بصورتك الضبابية في كأسي، على نحوٍ ما بدت الكلمات والإيماءات...
كان القيظُ شديدًا قبل أن يأتيَ الخصيان ليرقصوا، التنانيرُ الواسعةُ تدور وتدور، الصنوجُ تتصادمُ معًا بقوة، والخلاخيل تجلجل وتجلجل وتجلجل... تحت شجرة الكَلمور النارية، والضفائرُ الطويلةُ تتطاير، والبريقُ يومض في العيون السوداء، رقصوا ورقصوا، آهٍ رقصوا حتى سالت دماؤُهم... كانت على خدودهم وشومٌ...
مختارات من قصائد الزن كريشنا براساي ترجمة نزار سرطاوي مع أنني نشأت في السهل، فإن التلال تحمل هويتي. تحمل الجانب الذي أخذتُه عن أبي، وتحيط بقلب أمي. كم أعشق التلال، تِلالي. * Bred in the plain though, the hills hold my identity. They bear my father's part, and enclose my mother's heart. I love...
الإنسانية العظيمة هي التي تسافر على سطح السفينة تركب في الدرجة الثالثة في القطار تسير مشيًا الأقدام على الجسر الإنسانية العظيمة. تذهب الإنسانية العظيمة إلى العمل في الثامنة تتزوج في العشرين تموت في الأربعين الإنسانية العظيمة. ثمّة ما يكفي من الخبز للجميع خَلا الإنسانية العظيمة الأمر نفسه...
الكلمات تتراكم زهورٌ بلا معنى تحولت إلى حجارة ثمّة رغبةٌ محمومةٌ ترتسم على وجه رجل عجوز همساتٌ مجنونةٌ تتساقط من نافورة أحاسيسٌ جامحة ضحكة بومةٍ تتردد في غرفة خاوية الزهور محطمةٌ وملقاةٌ عند الأقدام الأحاسيس استحالت دموعًا جفّت مثل دماءٍ دافئة ضائعةٍ في ظلك ... في البعيد يقبع الليلكُ وحيدًا...

هذا الملف

نصوص
11
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى