د. أحمد جمعه

لأنها امراة مصرية، يعلو صدر النيل شاهقًا، كلّما مرّت بجرّتها ورن الخلخال! لأنها امراة عراقية؛ كلّما هزّها الحزن؛ تساقط منها موّال! لأنّها امراة سورية، تأتي من آخر ابتسامتها الفراشات، وتسكر في مسامها! لأنها امرأة لبنانية، فعيونها مدى من الموسيقى يحفه أرز الغناء! لأنها امرأة سودانية، صارت...
صباح الخير لوجهكِ القمحي الذي تطعمينه للشمس خبزا، لعينيكِ العسليتين اللتين هما شفاء للناس من كل حزن، لقلبك الوردي الذي يأوي إليه الطيبون على شكل فراشات، لراحتّي يدكِ اللتين هما ملجأ لكل رأس أنهكه السعي في صحاري اليُتم، صباح الخير لابتسامتكِ التي يقف الحزن أمامها مرتجفا، لضحكتكِ التي تصمت أمام...
١- إذا حلمت يوما بزرع طفلة، فلا تقطف من تربة غيرك امرأة. ٢- لا تنم قبل أن تطفئ وجع قدمي أمّك، وتشعل قلبها بقُبلة. ٣- إذا حلمت يوما بطفل من صلبك يحمل جذرك، فلا تُعمل فأسك في شجرة العائلة. ‏٤- ‏لا تنثر القمح ‏في تربة لن تثمر ‏وعلى شرفتك ‏عصافير جائعة. ‏ ٥- ‏إذا سبّتك امرأة،...
أن تعشق فتاة من دولة أخرى على الحدود، مثلا أن تقول لها: أحبّكِ من مصر، فترد: أحبّكَ من فلسطين، وليس بينك وبينها سوى مسافة بندقية، أن تعشق فتاة على الحدود، يصبح الوطن وردة تذبل والأسلاك الشائكة على الحدود شوكًا، وأنت نحلة، تجمع رحيق الهجرة، لتفضي به إليها في المساء -بينما تلوّحان لبعضيكما من خلف...
وحيدًا أقطع شارعًا طويلًا في أحلامي، ومن تعبي رسمت في الفراغ بابًا لبيتٍ كنتِ حدّثتني عنه ثم فتحته ودخلت، كان البيت باردًا ومرتجفًا باردًا ويتسلق جدرانه الملح، كان فارغًا تمامًا، رسمت بابًا آخر لغرفة نوم كنتِ حدثتني عنها أيضًا ودخلت، كانت الغرفة منكمشة وكئيبة منكمشة وجدرانها يتيمة، ولأن عظام...
كان من الممكن جدا أن أحبكِ أكثر من أمي وأختي وابنتي، وأن أجعل من قلبي قاربًا للحب أعبر به بحور الشعر وأرسو عندكِ، وأن أربط أحبال صوتي حبلًا حبلًا بالحب وأخرجكِ من قاع حزنكِ إلى شاطئ حضني للأبد، وأن أكون أباك ورضيعك وأخاك الذي لطالما تمنيت أن يكون لك وصديق طفولتكِ وزميلكِ الذي سرق قبلة من شفتيك...
أعرف جيدًا أني لست وسيمًا، وليس في ملامحي مثقال ذرة من شيء قد يجذب امرأة حسناء، أعرف أيضًا أني لا أملك ما يكفي لسد فاتورة مكالمات مع امرأة حسناء - كما قالت لي عن نفسها - أخبرها فيها كم أنا وسيم وملامحي بها ما يشعل فتنة النساء، وأعرف أنّي بالنسبة لأي امرأة جميلة لن أعدو كوني (جرو) ينبح في خلوته...
العيد يا حلوتي ألا تقف الورود في حدائق حبنا على أطراف جذورها مرتجفة البتلات، أن يسقط من فم البنادق الرصاص خاشعًا عند قدمي طفلة بينما في الهواء كبارودٍ تتطاير الضحكات. العيد يا حلوتي فرحة المناجل -التي انحنت حزنا على الحقول- حين يعود من حروب العالم فلاحُها ويطهّر يديه بالفؤوس من نجاسة البنادق،...
في دمشق.. ليل أخير، ليل تشتعل في أحشائه الأشجار، ولمرة أخيرة تفوح من بين حرائقه رائحة الياسمين. في دمشق.. امرأة وحيدة، لأول مرة، تشم رائحة رجل تحب خرج لتوّه من الغابة: تابوت أحلام. في دمشق.. من شرفة تطل على الغابة فتاة بعمر الفحم تراقب قطار عائلتها المتفجّر حين خرج من الغابة وانقلب في قلبها...
قال لي أبي: يا بني، إذا أحببت فتاةً فكن جُرحًا غائرًا ولتكن ضمادتك التي لا اندمال لك إلا بها. يا بني، إن المرأة كائن على كف كلمة، هي تعرف جيدًا احتيالك عليها وتحبه، فكن محتال امرأة واحدة لا تبصر كلماته سوى ابتسامتها ابتسامتها التي تسحبك من قلبك لآهةٍ بكر. يا بني، من القدمين يبدأ الحب لا من...
ربما عاما أو عامين.. ويكبر سنّكِ: الوقت بطيء جدًا أنوثتك عبء ثقيل عليكِ والليلة الواحدة على السرير تكلفكِ شهرًا من ألم المفاصل، الأبناء أنانيون لدرجة يصعب معها التصديق بأنهم من بطنكِ، العمل حمل إضافي لكن لا مفر منه لسد احتياجات البيت، البيت الذي يصبح ضائقا به عمركِ وقلبكِ بينما تقدُم إليكِ من...
أنتم لا تعرفون الأمهات في القرى غير أنهن فلاحات حاذقات يعزقن، يحصدن، يعلفن، يحلبن فإنهن أيضا خياطات ماهرات يحكن من صبرهن قمصانًا تقيهن برد الضجر يحكن من القليل مفارش كثيرة يجلس عليها الفرح إنهن تاجرات أيضا تجلس الأم منهن في "كشك البقالة" تبيع الصباحات الندية في علب الحلوى تقول لها: كيلو سكر...
أحب هؤلاء النسوة اللاتي لا يكتبن الشعر، لكنهن متذوقات بارعات للجمال ويعرفن الفن ذلك الذي لا يجهد أنوثتهن لكنه يجعل منهن دريات، أحبهن بذكائهن الصادق والذي لم يستنفد في كتابات مستهلكة أفكارها لكنهن يعرفن الشعر من آخر سطر، يعرفنه كما يعرفن الأسماك التي تسبح في دموع الفرح حاملة ألوان الأحبة،...
أنا أحمد أبلغ ما يقارب الثلاثين حجرا ولا أمل بأن يفصح حجر منها عن نهر أو يتشقق عن شربة ماء. أحمد من شمال الحزن سافرت من وجعي إلى وجعي. لي بلاد لا أملك منها موضع إبهام لا لأسكنه وإنما لأبصم فيه بأن الأوطان ليست ما نسكنها لكنها تلك التي تسكننا تلك التي وإن صعدنا السماء لن يُدفئنا سوى ترابها. لي...
كان على الحرب أن تنتهي وتعود الفؤوس تربت على كتف الحقول الحزينة وتتعافى المناجل من تسوس أسنانها وتقبّل السنابل وتنزع النواعير عن جلدها صدأ الجفاف وترسم بريقها الأوشام الخضراء على جسد الأرض. كان على الحرب أن تنتهي ويعود الرجال اللاهثون يحرثون أنوثة زوجاتهم ويبذرون الضحكات التي أجّلتها طويلا في...

هذا الملف

نصوص
87
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى