صفاء عبدالمنعم

جلست المرأة العجوز خلف النافذة اليوم تحتسى الشاى. وتتأمل مشاهد الحلم الذى رأته بالأمس. لقد تعرفت على الشخصيات جيدا، وتذكرت الأحداث والحوارات التى دارت بينهم. المدهش فى الحلم. أنه كان يوجد شخصيات لا يمكن لها أن تجتمع فى الحقيقة، أو الواقع، ولا فى الحياة نفسها، لأن منهم الصغار والكبار...
عندما فرغت من قراءة معظم التراث القصصى الشعبى منذ بدايته وحتى الآن ، ربما أكون قد تركت نصا مفتوحا هنا أو هناك لم أكمل قراءته ، ليس هذا تقصيرا منى ، ولكنه ربما لم يكن فى متناول يدى ، أنهيت حياتى ودفنتها عنوة بين الأوراق البيضاء والصفراء ، وحشرات الكتب ، ولكننى لم أندم يوما على ترك ساقى للريح كلما...
أمسكت عن الكلام حين طلب منى أخى والذى يصغرنى بخمس سنوات ( طبق بامية ) وقال وهو يهز رأسه فرحا وسعادة : عارفه صديقى ماتيوس الخبير الألمانى الذى جاء معى بالأمس ، أعجب أشد الأعجاب بالبامية التى أكلها عندنا أمس ، وهو يريد أن يأكل منها مرة ثانية . ثم خفض أخى صوته ، وأصبح يشبه الوشوشة : ماتيوس صديقى...
كان عليها أ ن تمشي من بين مبنى الاهرام إلى أخبار اليوم . الجيب الضيق المصنوع بحنكة , أضاف إلى جسدها تماسكا , وأعطاها انسيابية وتحكم فى خطواتها . المسافة .. شارع قصير . ولكن : كان عليها ان تقطعها بصعوبة وإمتاع , لأن حركة الجيب ضيقة , وخطواتها بطيئة , تحمل فرحا خاصا , داخل جسدها الذى بدأ يتحرر من...
أحب النظر إلى المارة، والشارع ، والبنات الصغيرات فى نهاية اليوم الدراسى، وهن عائدات، تحمل كل منهن على كتفيها نهاية يوم طويل من الأسئلة، وشنطة مليئة بالكراسات، وأصابع باردة من كثرة الوضوء. كل هذا يجعلنى أشعربلذة الحياة فى نهاية القرن العشرين، وسطوة الموت خطف أخى الصغير ، ثم أختى الصغيرة، التى...
ظللتُ أعد سيناريوهات عديدة فى رأسى، عن أصول التعامل والبرتوكول المتبع فى هذه الحالات، وانا أرتدى المعطف الجديد، واضع قدمى المتعبتين داخل حذاء قديم ذو كعب عالى كنتُ قد أهملته منذ سنوات طويلة، ولكن مازال به رونق جذاب. فالأول مرة أحضر لقاء بهذا الشكل. وهى تمرر أصبع الروج الأحمر القانى فوق شفتى،...
امرأة عجوز تسير الهوينا وهى تتلفت يمنه ويسره فى رعب شديد من العربات المارقة والتى لا تلتزم بأى قاعدة من قواعد المرور. الشارع واسع وفسيح، يجعل العربات تمرق فى سرعة مرعبة دون وضع المارة فى الأعتبار. تصعد فوق الرصيف بصعوبة بالغة، بسبب خشونة الركبة. ترى رجلا عجوزا يبيع سبح ومناديل ورق، هى لا تشترى...
أعرف أن أمى لا تحب الصور أو اللوحات أو أى تمثال صغير أشتريه واضعه أمامى على المكتب وأنا أذاكر دروسى، وإذا رأته وأنا فى المدرسة أو خارج البيت، تقوم بوضعه فى سلة المهملات وهى تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وعندما أسأل عن تماثيلى الصغيرة ولوحاتى الجميلة، تردد بقسوة وعنف وغضب شديد : أنت عايزة...
فى المساحات الشاسعة من عقلى وقلبى، كنتُ أخزن تلك الصور البعيدة التى رأيتها بالفعل أو سمعتُ بها فى جلسات العائلة والتى كانت تزداد غرابة وشوقاً عندما تحضر جدتى لأمى من القرية فى إحدى زيارتها الموسمية، وأحياناً فى زيارة خاطفة للقاهرة، وتجتمع الجدتان، وتعيدان وصل ما أنقطع من حوار فى آخر لقاء كان...
ليلة حب. كان صوت أصالة المدهش يأتى إليها من الهول الواسع، البارد، يصدح بأغنية(يامجنون مش أنا ليلى ..) وهى فى المطبخ، تقوم بتنظيف البوتجاز، وغسل المواعين، وصنع الطعام الطازج واللذيذ لأولادها. ولكنها فجأة، سمعت صوت رنين الهاتف يأتى إليها من على الرخامة المجاورة لها، فتحت الموبايل، وسمعت صوته...
كل يوم يراها ، والكتب تحت إبطها وهى خارجة من الدرس . ينظر إليها بعينه اليمنى الزجاجية ، ويناديها : ياست الناظرة .. أتفضلى . تسير بخطوات بطيئة حذرة وهى تضحك : بخير الحمد لله . تقترب المسافة بينهما ، تنظر إلى عينه المصنوعة من الزجاج ، وتتعجب ، كيف يرى بها ؟ ينظر إليها بشكل واضح : والله نظرة...
لأنه أسدل ستارة سميكة من القطيفة الداكنة على اللوحة التى تم الأنتهاء منها منذ وقت قليل ، وأصبح صاحبها فى زمن ماضى ، لحظتها سكنت العواصف ، وتأمل اللوحة ، أقصد تأمل حياة الفنان المبدع بشكل أكثر حيادية . يبدو لى الآن أنه يوجد نوع من أنواع الجنون الرائع الذى بدأ يتبدد شيئا فشيئا مع مرور السنين ،...
البيانو([1]) " لسعت النار كفيها . زمجر العجوز صارخا : أرفعى البيانو جيدا . كان عليها أن تحمل بيانو العجوز من الدور الأرضى إلى الدور العلوى صاعدة به السلم وهى مرهقة ومتعبة وبيديها لسع النار من أثر الحريق . كان البيت ..بيتا خرافيا . بناه العجوز فى منفاه الطويل سابحا فى أحلامه خالقا أسطورة حول...
بالأمس ذهبت إلى نادى القصة، وكنت لم أذهب إليه منذ سنوات طويلة، وأنا فى طريقى إلى هناك، مررت بميدان التحرير، وتحديدا أمام المجمع، وسمعت عن بعد صوت أم كلثوم تشدو برائعة بليغ حمدى( ليلة حب) كنت أود ان أجلس بجوار بائع الشاى والذى قام بذكاء شديد برفع صوت المسجل عاليا، فملأ المكان بعبير رائحة الشاى...
- أمنا الغولة. (يا منا الغولة طقطقى الفولة) الآلهة سخمت هى صورة ذهنية لأمنا الغولة فى الحكايات الشعبية. (رضعت من بزى اليمين،أصبحت زى أبنى عبد الرحيم. رضعت من بزى الشمال،أصبحت زى أبنى عبد الرحمن). فى حكاية اليوسفى و لول بنت الغول. تحكى لنا الحكايات الشعبية أو الحواديت كما نسميها عن صورة أمنا...

هذا الملف

نصوص
36
آخر تحديث
أعلى