مصطفى نصر

عدتُ إلى البيت متأخرًا، خلعتُ قميصى، استعدادًا لارتداء ملابس النوم، ففوجئتُ بابن عمى الصغير، يصيحُ فى هلعٍ: ــ أمي تتشاجر مع عيدة. وعيدة هذه جارة عمى، والدُها شريكٌ في البيت، اشتريا الأرض معًا، وقاما ببنائه، وتركَ الرجلُ ما يخصُّه لابنته لتتزوجَ فيه. البيت دورٌ أرضىٌّ مبنىٌّ بإمكانياتٍ فقيرةٍ...
مر الشيخ أمام " ميدان القناصل "،(1) تابع العمال وهم يقطعون الأشجار، ويبعدونها عن وسط الميدان، وتساءل – بينه وبين نفسه - ماذا سيصنعون في هذا المكان؟! كان العمال يحفرون، ورجل يضع غطاءً لرأسه يشبه الخوذة، يشرف على عملهم. وعندما وصل الشيخ للجامع، بدا شاردا معظم الوقت يفكر فيما يفعلونه في...
دخلت شارع جبل ناعسة المزدحم بالمقاهي، سارت بقامتها الجافة المشدودة. الرجال يجلسون على مقاعدهم؛ أكثرهم يرتدون الملابس البلدية، وتطل طواقيهم - فوق رؤوسهم – تطاردها، تجعلها تتعثر، تكاد تكبو على وجهها. بعض أقاربها وأصدقاء زوجها وأخوتها يرتادون هذه المقاهي، قد يقومون من أماكنهم ليسألوها عما تريد...
يمر أتوبيس شركتنا من أمام مسجد سيدي بشر مرتين، مرة في الصباح، والأخرى بعد نهاية العمل. أتابع كل صباح قهوة في مواجهة المسجد، أتمنى لو أوقفت السيارة ونزلت منها وجلست على هذه القهوة لاستعيد ذكرياتي البعيدة. فعندما يقترب العيد، نتفق على ركوب قطار أبو قير والنزول في محطة سيدي بشر، والسير حتى مكان هذه...
يرى "إيمانويل فليكوفسكى" أن ما يحكوه عن أوديب ليس مجرد أسطورة؛ وإنما هي حقيقة حدثت في الواقع. وأن "باوسايناس" - الرحالة المعروف - يزعم أنه رأى مقابر بالقرب من بلدتيّ طيبة وكولون اليونانيتين. وأخبره الناس هناك، إنها مدافن عائلة أوديب. لكن إيمانويل فليكوفسكى يكذب هذا – رغم إيمانه من أن أوديب...
تقنرب أم البنين من خادمتها – عاتكة - تهمس لها: - سأذهب لمقابلة وضاح. - لكن يا سيدتي – والدك سيسأل عنكِ. قالت أم البنين وهي تسرع للخارج: - أنتِ تتصرفين في كل مرة يا عاتكة، قولي له أي شيء يقنعه. يدخل عبد العزيز – والد أم البنين، صائحا: - أم البنين، إلى أين تذهبين؟ ترتبك أم البنين، وتنظر ناحية...
كنتً اشتري كتبي الأدبية من مكتبة بشارع إيزيس صاحبها رجل مثقف اسمه " علي كامل" وكان يجيد العزف على العود والتلحين، وكتابة النوتة الموسيقية، وقد لحن لابن حينا الذي كان يمتلك صوتاً جميلا، كان يغني به في الحفلات التي كانت تقام في الحواري والشوارع طوال الليل. كنت اشتري الكتاب، واقرأة في نفس اليوم، ثم...
ارتبطت بصداقة مع حسني بدوي، فهو مهذب في معاملاته، حقاني في قول رأيه، وعلى درجة عالية من الثقافة والموهبة. زرته في بيته بالإبراهيمية، حدثني عن أديب من محافظة البحيرة، كان يعمل في بلدية الإسكندرية، وحدث خلاف بينه وبين رؤسائه أدى لايقافه عن العمل، فمر بظروف معيشية صعبة، فتعاطف حسني بدوي معه، وأسكنه...
خرجت النسوة المسنات - ومعظمهن في الثمانين والتسعين من عمرهن - ليتظاهرن أمام السفارات اليابانية في عدد من العواصم الأسيوية منذ يناير 1992 للمطالبة باعتذار من طوكيو، فقد تم إجبارهن على ممارسة الجنس مع الجنود اليابانيين وقت الحرب العالمية الثانية. فقد قام الجيش الياباني الإمبراطوري بتجنيد نساء من...
يعاني كتاب القصة والرواية من الشخصيات الحقيقية لقصصهم ورواياتهم – فمن الممكن أن تطاردهم هذه الشخصيات - فالمرحوم محمد الجمل كتب روايته من كفر الأكرم لخط بارليف عن حياته في كفر الأكرم التابعة لمحافظة المنوفية - ثم عمله بالجيش واشتراكه في حروب مصر منذ 56 إلى 73 – فغضب أهل قريته منه لأنه ذكرهم...
كان زوج موزة يعمل في مصنع معسل سلوم؛ القريب من سيدي أبى الدرداء، لكن المصنع أمم، وضمته حكومة الثورة إلى شركة النصر للدخان القريبة جدا من كوبري محرم بك. زوج موزة طويل إلى حد بعيد، ونحيف جدا، يرتدى بنطلون أبيض يغطى جزءً من صدره، وقميص لونه بني؛ فيبدو وكأنه سيجارة بيضاء بفلترها البني، فأطلقوا عليه...
تمتد يد ديك الجن إلى خمار ورد، يرفعه عن شعرها: - ما أجملك يا ورد. تعَّرف عليها في دكان أبيها – بائع الأقمشة – في سوق حمص، فهي تساعد أباها في البيع.من يومها وهي وديك الجن يتقابلان خلسة، يحدثها عن أشعاره، وتحدثه عن والدها ودكانه وزبائنه الذين يأتون – أحيانا – لمتابعتها، وعن أمل أبيها في أن يزوجها...
جو الشقة خانق رغم اتساعها, النوافذ والشرفات مغلقة ومغطاة بستائر ثقيلة, ومصباح بعيد معلق فى آخر السقف العالى, ضوءه الخافت لا يغطى سوى جزء قليلا جدا من الصالة التى تجلس فيها المرأة التى اعتادت الصمت وألفته. والولد يجلس قبالة أمه, ينظر إليها فى ترقب, يتابعها فى اهتمام شديد. وقطة تعودت الصمت مثلهما...
ترتدى ملابسها فرحة. عمها يعد حقيبة السفر. لقد استيقظت مبكرة رغم أن موعد قيام القطار فى التاسعة صباحا. زوجة عمها تساعدها فى ارتداء ملابسها, تعاملها – اليوم – معاملة حسنة على غير العادة. أخواها الصغيران نائمان مع أبناء عمها. هى الوحيدة التى اختارها عمها لزيارة القاهرة معه. ياه لقد شاهدتها...
قبل النوم؛ تخفض سعيدة شريط اللمبة الجاز، لكن الولد حمدي – الصغير – يبكي قائلا: أنا بخاف من الضلمة. تبكي سعيدة، فابنتها رتيبة تنام في مدافن عمود السواري وسط الظلام، ليس هناك عمود نور واحد ولا كلوبات. كيف تتحمل ابنتها الظلام هناك؟! تطوف الفراشات حول لمبة الجاز فيطاردها الأطفال ( كاملة وبشر وسعد )،...

هذا الملف

نصوص
122
آخر تحديث
أعلى