اكتمل الحب مثل البدر في تمامه ، أصبح نورا شعاعا ، خاليا من كل لهفة من كل شوق أو احتياج أو متعة أو عذاب ، فانبعث رسائل لم تكتب لأي حبيب، لا للغائب الذي لم يعد بعد ولا للمرتقب عند الغد.
أضحى انفتاحا محضا دون قيد ولا شرط ،لكل ما هو موجود ، أصبح وجدا متقبلا لكل وجه ،اكتمل في تلك الليلة في تلك...
حين داهمني الشّعر لم يستأذن ، نزل عليّ كالمطر الغزير ، كالنّور في وضح النّهار ، أخبرني أنّه تحرّر من العبوديّة ، لكي يعيد للكلمة سرّها .
أعاد إليّ لحن المواويل القديمة وشوق الاستماع إلى الحكايات والخرافات والأساطير ، فتح النوافذ المؤدّية إلى طفولتي ،اختارني ملكة كي أسود عوالم إلهامه قبل أن...
لا أحد عالم بالروح بملامحها أو بمن تكون ، لا أحد كشف لنا عن أسرارها وزمنيتها وحلولها بالجسد وعلاقتها بالحياة وبالموت ، لا الأديان التي أطنبت في ذكرها ولا الفلسفات على اختلافها ،حتى أن بعض الناس ذهب إلى إنكار وجودها أصلا .
ومع ذلك وصلتنا بعض أقوال في بيان إشاراتها ، فقيل لنا أن العيون قد تكشف...
أخذت عصفورا منكسر الجناحين بين يدي و كان يرتجف ،يتخبط بين أصابعي ، يرنو إلى التحليق ، كأني به يحن إلى غربته القديمة دون أن يفلح ، بدت لي أن السماء والرياح والنور قد فارقته بعد أن كانت هويته وقبلته.
شعرت أثناء اهتزازاته أن رغبته في التحليق تحولت إلى حلم يحوم حوله، فقد كان يحاول استرجاع تلك...
أحتاج إلى الأشياء الّتي ما انّفك الإنسان يقاومها مثل النسيان والعزلة وتقبّل الفناء ، أحتاج إلى جرعة من طعمها لأدخل تلك المناطق المجهولة الّتي لم تكشف عن أسرارها بعد، إنّها هي من جعلتنا نكتب المعاني على طيّات الألوان ونوزّع على القرى والمدن أسماء غريبة حتّى لا تغيب معالمها وروائحها عن ذاكرتنا ،...
حين يتغنى المحب بمحبوبه غالبا ما يلتجئ لصيغة المذكر لمخاطبته، فترد الصفات الأنثوية في خطابه بالتلميح لا بالتصريح ليستنتج منها المتلقي أن المقصود بها هي امرأة.
إن كان الأمر كذلك،فلا بد من طرح السؤال التالي: لم تخاطب المرأة بصيغة المذكّر من طرف الرجل في النص العاطفي الغنائي أو الشعري أحيانا،...
من الذي يغنّي ومن الذي يتابع لحن الأغنية ؟ لا أدري.
أوّد الاستماع إلى ما يغنّي داخلي ، والغناء المقصود ليس ذلك الصوت الذي يرتفع طربا يردد الكلمات على وقع ألحان موسيقيّة ، ولا هو الفعل وما يبعثه من حركة وقوّة، ولا نظم القصائد ووتيرتها الدّاخليّة ، ولا هو السّكون وما يفرزه من حضور إلهيّ، بل...
أنا والكلام قصة غريبة عجيبة ، لا تنتهي ،إنه يرافقني باستمرار ،سواء كنت وحدتي أو صحبة غيري من الناس.
يؤثث عالمي بأفكار في أي موقع كنت ، في المكان والزمان ، ويعيد علي بعض ما حدث وما كان، شبيه بظلي، كأني به توأمي دون أن يكون لا هذا ولا ذاك، مشتت ومتغير يرفض الهدوء والسكون ويقاوم الفراغ والسكون ...
أنا والكلام قصة غريبة عجيبة ، لا تنتهي ،إنه يرافقني باستمرار ،سواء كنت وحدي أو صحبة غيري من الناس.
يؤثث عالمي بأفكار في أي موقع كنت ، في المكان والزمان ، ويعيد علي بعض ما حدث وما كان، شبيه بظلي، كأني به توأمي دون أن يكون لا هذا ولا ذاك، مشتت ومتغير يرفض الهدوء والسكون ويقاوم الفراغ والسكون .
أنا...
وقد نظهر ما بأنفسنا وقد نخفيه ، وقد نعبر عن أفكارنا وقد نتكتم عن بعضها ، ومن الأحلام ما يسكننا أبدا ومنها ما ينمحي ،ومن المشاعر ما يحيينا ومنها ما يقتل شيئا فينا، عالمنا الخفي هذا ، نحن من يشيده ، ومن نطلق له عنان السماء أو نشد عقاله ،ما الذي نعتقله داخلنا يا ترى ؟ أهي : شهواتنا ،نزواتنا ،...
شيدنا بيوتا وسافرنا الى بلدان بعيدة ونهلنا من المعرفة ما تيسر لنا وعرفنا الحب بحلوه ومره ، لكننا رغم طول التجربة لم ندرك معنى الحياة ، فقد تلاشت مدننا ، وتغيرت أحوال ما زرنا من البلدان ونسينا ما تعلمنا وهجرنا الاحبة.
وتذكرنا في ما تذكرنا ما كتبه الشاعر اللبناني نسيب عريضة ذات يوم حين قال ...
هذا " الأنا ".
هذا " الأنا "، خرج عن طوعي، تجاوزني ألما وانتشاء، تقلصا واتساعا ، وابتدع لنفسه لغة أخرى وعالما لا يشبهني ولا يشبه ما كنت عليه من ذي قبل .
هذا " الأنا" ،توزع ، تشتت، وامتد ليطال الصباحات المشرقة و الليالي المضاءة ،
هذا " الأنا"، تحول إلى دروب عرفناها، وقرى كنا قد زرناها ومدنا...
منذ دهور ، كتب الشعراء والأدباء مجلدات حول المشاعر والأحاسيس، وما من أحد منهم تساءل حول أسرارها ؟ هل هي مرتبطة بحواسنا الخمس: اللمس والتذوق والسمع والبصر والشم، أم تتجاوزها ؟
ألا نتذكر ونفكر وندرك ونتكلم ونتواصل بالإحساس ؟
إن كان الحس في معناه اللّغوي الصوت الخفيّ، ألم تنشأ من رحمه كلمة...
كنت أتابع تعلمي بالمعهد الثانوي بأريانة في أواخر السبعينات كان عمري آنذاك اثني عشر تقريبا ، وذات يوم ،خطر لي أن أطرح على أستاذ العربية هذا السؤال وهو : لماذا لا نرى الله ؟
نظر إليّ نظرة استغراب وأجاب : لا يطرح ، مثل هذا السؤال. رفعت رأسي، فرأيت جلّ تلاميذ القسم يستغربونه.
لم أدرك أسباب ما أبدوه...