جوهر فتّاحي

حبيبتي هذه.. إن أقبلت.. عَصَفتْ.. ومحابري.. الحبلى.. بالحبر.. ارتجفت.. واللّغة منّي.. اِرتجت.. وانحرفت.. وتاهت عن قلمي.. عجزا.. فما وَصفتْ! حبيبتي هذه.. كلامها أمر.. والأمر مفعول.. وإن جارت.. وإن عَسَفت.. والرّوح.. إذ سمعتْ.. لبّت! بل اعترفت! والعين إن لقفت.. خيالها.. حلفت.. لو أنّها غابت...
منذ حين.. في منامي.. رأيتها تلهو في وادٍ خَطِرْ اِجتمعت فيه حبّات الرّمال بالياقوت.. بأصناف الدّررْ وكانت.. ترسم لوحات.. فيها ورد.. وشياه.. وبشر.. وسط مرج.. فيه عين.. ذات دَفق مستمر.. وأنا فوق التلّ.. أرعاها بشِعري.. وبنبضي.. وبشوقي.. والبصرْ وفجأة.. تلبّد الغيم كثيفا.. والطقس...
في عينك اليمنى.. عنفوان.. وحياة .. وعسلْ.. وجفنٌ... سرق الرّوح.. وسبا العقل.. وفَلْ! جفنك الأيمن هذا.. أنساني الوجود.. والسّجود.. وحكايات المذاهب.. وأساطير المِلَلْ.. جفنك الأفّاق هذا.. نَسَّاءٌ.. نَسِيَ.. تعليمي الغزلْ.. أمّا في اليسرى.. يقال.. إنّ أوّل.. الوحي نزلْ.. فيها عشق.. ونقوش.. وفيها...
جمالك.. صُنْعٌ الإِلِه! فمن أين جئتِ.. بالأَنَفَة؟ ومن أين جاءك العطر؟ وغنج الشّعر؟ والصّدَفَة؟ وكيف يؤسر البَشر؟ بلحظ منك.. اِنحرف! وَأنَّى.. يثبت البصر؟ إن من عينك.. اِغترف! عَذَرْتُ من بك هام.. فما الذنب؟ وما اقترف؟ بريء.. هوّ.. مظلوم! وإن بالجُرم.. اِعترف!
أنتم لا تعرفون جميلة! سأحدّثكم عن جميلة! جميلة هذه.. آلهة الحب.. وربّة الأقوام.. تسكن جزيرة الحور.. في بحر.. تحرسه الملائكة.. وفرقة أقزام.. وفي الجزيرة.. شجرة.. غريبة.. مهيبة.. من أوّل الزّمان.. وجميلة عيونها.. مبدأ الخلق.. ومنشأ الزمان.. جميلة.. في لحظها.. تُقدَّر الأيّام.. وتُغفَر الذّنوب...
لبنان.. حبيبتي.. ستكونين بخير.. وسيعود إليك الأسفع الكبير.. ويعود الحميمق.. ويعود الطّير.. وتعودين عروسا.. كما كنت.. حلوة.. غضّة.. شابّة.. ويشيب الغير.. أفيقي.. حبيبتي.. ولا تتأوّهي.. ما بك من مصاب! فقط جرح.. بسيط.. فوق جبينك الآسر الخلاّب.. ليس منه ضير.. أفيقي.. فينيقيا.. فمنذ متى كنت.. تحسبين...
نظرتُ لعينها الماهرة فقلت: سلام! فقالت: سلام! أنا القاهرة! فقلت: أهذا سلام؟ أم إعلان حرب؟ فقالت: خذها كما عنّ.. هي الحرب.. بيننا دائرة.. فقلت: لو تعلمين كم خضت حربا! فإنّي من القرية الثائرة! وحرب العيون أعرفها.. جراحها في جسدي غائرة.. سواعدي في الحرب.. تُفني جيوشا.. وهي.. على سَبيكِ قادرة...
ولي رغبة في الإعتذار ولكن! من يحرّك موجك السّاكن! ولي على مكتبي محبرة.. مازالت تذكرك.. يا من.. كنتِ ليالٍ.. حِبرها الدّاكن! ولي في قلبكِ سطران.. من قلمي.. أتذكرين؟ يوم كنتِ.. في عيني.. السّاكن؟ جميلة أنت! جميلة كنت! لمَ ذبلتِ؟ لمَ ركنتِ.. وهل ركنتِ؟ أم كنت أنا لوهميَ راكن؟ حبيبتي أنا! أين...
حبيبتي أنا كالنسيم العابِرْ مثل عِقد فيروزي من زمن عتيق غابِرْ حبيبتي أنا مثل آلهة للحبّ تُخرج القلب حيّا من المقابر وهي رَوْح وهي لَوْح يمخر البحر دون ريح ودون وجع ودون دمع تذرفه المحابِرْ وهي إِنْسٌ وهي أُنْسٌ وهي أَنَسٌ وهي بلسم حين يجن الليل وحين يتيه العمر وتختلط الذكرى بظلمة المعابرْ وهي...
جميلة أنت إلى حدّ الكَلَفْ! وعيناك ترانيم وحكايا وغُرَفْ فيها أدباش قديمة وأوجاع عظيمة وروح هدّها الزمن وغطّاها التّلَفْ ورمش ظالم.. قاتل.. ناكر.. ما كان بالجرم اِعترفْ.. جميلة أنتِ إلى حدّ الصَّلفْ! كجزيرة لفّها أزرق الماء وحازت كلّ أنواع الصّدَفْ.. أو قصيدة.. خطّها الشّاعر.. وبناها.. بشغفْ...
فقط عليكِ العِطْرْ ولك منّي قافية أطرّزها بيدي فتستحيل زورقا صغيرا يحمل إليك قلبا هائما يأتيك في البحرْ ولك منّي فصّ جوهر ولِحافْ وريشة أرسم بها وجهك الجميل على الصفصافْ وأصوّر بها ثغرك الباسم على ما أجده في سفري إلى عينيك من أصدافْ ولك شِعري ولك نثري ولك شحّ قولي ولك الإسراف ولك محبرتي ولك...
حبيبتي مرفأ بفكري سؤال ولهفة ونار بها أتدفأ وميلاد ذكرى جديدة لحبّ ما عاد يخفى ولحن لأحلى قصيدة ها قد بدت تتقفّى بفكري فتاة وحيدة وتدعى فتاتي.. مرفأ فيا مرفأ القلب هيّا لتسري بروحي شعلة أيا مرفأ القلب هيّا فكلّي إشتياق لرحلة وكوني زادي فيها وشيئا من شهد نحلة وواحة حبّ.. وماء وساعات صفو وغفله أيا...
لأن أقدارهم ليست لنا ولأن زرعهم لم تلده أرضنا ولأنك كنت دوما ل..أنا وفي..أنا ومن.. أنا وب.. أنا ولأن كلّ حرف من حروف جرّهم قد جرّنا لبعضنا ولأن زهرك قد أحاط بروضنا فإنّنا نزّلنا حبّك في الكتاب ولك علينا حفظنا
هل تعلمين؟ ما عادوا سيلمحونك تغتسلين في أحداقي.. فما عادت عندي أحداق ولا شفر ولا عيون وما عاد عندي قهوة ولا ماء ولا سكّر ولا ليمون.. وما عدت أشتري الجرائد في الصباح وما عدت أحب الزّمان.. ولا الرّمان.. ولا الرّياح.. ولا التّين.. ولا الزيتون.. فقط بقي عندي خمس سجائر ومطفأة وجرح غائر ومدفأة وإثنتان...
لديها جمال عجيب وغصّة ورعشة تحكي قصّة وفنجان حبّ وسرّ ووجه جميل وذكرى لديها اِرتباك غريب لديها اضطراب الحبيب ورأس يضجّ بفكرة وإعصار قلب طروب يخاف المسا والغروب ويخشى الملاك الكذوب ويفهم ما غاب ذكره حبيبتي ذي ذات عطر وعطر الحبيب حكاية الطِّيب أوّل سطر ثم تدور الرّواية الغيب فيها كثير والعشق فيها...

هذا الملف

نصوص
63
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى