عبد الواحد السُّوَيِّح

كنّا أربعةً على حافةِ البحرِ خامستنا سيّارة الأودي الرّاكنةُ بالقرب منّا شاهدتْنا سمكةٌ كانت تقفز باطمئنانٍ على ضوءِ القمرِ شاهدَنا رجلٌ غامضٌ قال إنّه يبحث عن "الذريع"(1) في هذا المكانِ شاهدتنا سيّارةٍ كانت تطلقُ أضواءَها باتّجاهنا ثمّ مرّت بذكاءٍ كنّا أربعةً وخامستُنا سيّارةُ على حافةِ البحرِ...
يقولون إنّ الرّجلَ لا يحبلُ في حين أنّ بطني ينتفخ يوما بعد يوم. أيّام الوحم الأولى أشتهي الفحم بشدّة. كنتُ ألتهمه بشراهة وكان جسدي ينتشي لهذا السّواد الممضوغ بعد الشّهر الرّابع ذهبتُ للدّكتور. كان مندهشا من هذا الكائن الّذي ينمو في أحشائي. سألني عن الأب قال إنّي بحاجة إلى تحاليل بحاجة إلى اجتماع...
"الهلُّ استوى، على الأرض، على العرش، على الأنام، عشّا آمنا. انتهى، من الفسق، من الجور، من الإظلام، ساعيا، إلى العشق، إلى الحبّ، إلى الأمان، داعيا." "وإذا ما الأنفاقُ انتحرتْ، وعادتْ للرّياحِ أنفاسُها، وامتدّت الرّاحُ إلى الرّاحِ، حمراء تتطهّر منها الجراح، كنّا عصفورا وعصفورة، سورةً بصورة." "...
كلّ من أزعجني عند الرّابعة فجرا كلّ من نثر لي سِيرهم على خبزي اليوميّ كلّ من سعى بيني وبين الخمر كل من استولى على قهوتي الصبّاحية كلّ من باعد عنّي جسدها كل من حدّثني عن النار وعن أكاذيب اللّيالي البلهاء وعن عذاب القبر اللّعين كلّ إمامٍ قابلتُه كلّ كتابٍ قرأتُه كلّ كلمةٍ صفراء نامت على وسادتي كل...
أنامُ على سِكّةِ القطارِ لعلّني أسمعُ هديرَ قدومِكِ منذُ آلافِ السّنينِ وأنا أترقّبُ نهايةَ هذه الأرضِ أتسلّقُ العاصفةَ أعيدُ ضبطَ خطوطِها كيْ لا تسقط الأغصانُ منكِ ايّتها الشّجرةُ مواكبُ العزاءِ متجدّدةٌ أفقدُ اللّيلَ صباحاً وعند اللّيلِ أفقدُ الصّباحَ لكنّها تتّبعُ ريجيمًا قاسيًا قلبي لا...
لم يبق لي غير التّراب آكلُه بحثتُ عن نوع جيٓد لا يُنبت الأشواك لا يحتاج كثيرا إلى الماء لا يُؤلم جذورَ الوردة بحثتُ عن ذاك التٓراب في كلٓ مكان دون جدوى بحثتُ في جزر الواق واق في السٓماء السٓابعة في مخدع الشٓيطان دون جدوى ليس لي واللٓهِ إلآ التٓراب الٓذي حولي دفعتُ بكمشتين منه إلى حلقي واستلقيتُ...
يأتي الشّتاءُ مقهورًا إلى هنا يأتي مكبَّلا بصفائح من حديدٍ يأتي وتأتي الأميرةُ النّائمةُ تتوسّد فخذي وتمضي في الأحلامِ كانت الخرفانُ سعيدةً بأقفاصها، سعيدةً بالحديدِ الّذي يمنع عنها الذّئابَ وكنتُ أفسّرُ للأميرةِ النّائمةِ الفرقَ بين الحقيقةِ والمجازِ البحرُ والنّهرُ والمدُّ والجزرُ يتجوّلون...
أقفُ السّاعاتِ الطّوالَ في مفترقِ الطّرقِ الّتي تؤدّي إلى بيتي أستعطفُ أعضائي الموزّعةَ هنا وهناك حتّى أعود تركتُ عينيّ في سوقِ السّمكِ تفكّران في طَعمِ الأسماكِ الّتي لم تذوقاها تركتُ قلبي أمامَ وردةٍ تخيّلتُ نشيجَها بينَ فكّتي مقصّ تركتُ قدميَّ أمامَ حانةٍ لا يرتادُها إلاَّ الأغنياء تركتُ...
فراشةٌ فراشة فراشة فراشة فراشة فراشة فراشة فراشة الوردةُ فراشةٌ حبْةُ القمح فراشةٌ حبْةُ المطر أيضا عند ارتباك الفجر فراشةٌ نحنُ من نظر إلى الكون بعيون الفراشات نحن من أحبَّ العصافيرَ آويناها إلى أغصان ملوّنة (أجنحةُ العصافير أفضلُ بكثيرٍ من عيونهم الّتي لا تستطيعُ...
والرّياحُ والشَّعرُ والعيونُ والنّخلةُ وكلُّ شيء. همسُ الجنّ والشِّعرُ والخريرُ والهديلُ وأنا فقط، ذُكاءُ الصّباحِ. كان الأميرُ في أثواب مطرّزة، وأنا العاريةُ أرى حجابي في عينيهِ لونَ تفّاح. قال وبدأتْ في الكلام المباح: كنتُ أرى ولا أرى حتّى إذا ما دخلتُ الحجرةَ غمرني إشراقُها رغما عن عرق...
يسقط أنفكَ من موقعه. تسيل أذناكَ. تغور عيناكَ. تفقدُ رجلكَ اليمنى وتبقى اليسرى منتصبةً. يتناثر شَعركَ ويخرج الكلمُ من جوفكَ مجسّدا.. تطوّقكَ الذّئاب والكلاب في حصار وحدويّ. تحت قدمكَ اليسرى المنتصبة دراسات قدّمتَها عن ابن المقفّع.. الزّنزانة أمامكَ والجلاّدون بنظراتهم المرعبة يقفون على بابها...
تدقّ تدقّ البابَ باليد التي تحمل السّاعةَ. - من؟ من؟ - لستُ أنا. السّاعة متأخّرة والرّماد بالكانون وبقايا سمر.. - عندي حكايات يا أمّي أجمل من خرافاتكِ ومن ناس تحتنا وناس فوقنا. اسمعي: كانت في الأرض الثّابتة كنيسة وفي الكنيسة آدم بكلّ ضلوعه، ولم تكن ثمّة شجرة تفّاح ولا كان ثمّة شيطان. هذه المرّة...
" ولوْ لمْ يكنْ هناكَ موتٌ فإنّي كنتُ منْ أجلهمْ أموتُ" لطيف هلمت أتوقّف الآن كما لم أتوقّف أبدا وشبح النّهاية ينفلت منّي، هل يعقل أن تخجل منّي الكلمات وأنا من يستر عريها ويفعل لها بدل المرّة مرّات؟ آه، رحمها اللّه وهي حيّة، قالت: حاشى وكيلي اللّه والحواجز...
في مقهى "طاسكو" أرواح شرّيرة تمنعني من الفوز في لعبة ال"رّامي" يضحك منْي نيتشة كلّما عدتُ خائبا آخر اللّيل البارحة كان انتصاري ساحقا ربْما لأنّي تقمّصتُ زارادشت في العاشرة من عمري كنتُ أتحاشى الجنائز والبارحة قبل الذّهاب إلى المقهى اضطررتُ إلى تقديم العزاء في "فرق" أحدهم مقامُ التٓقوى يدفع...
اللّيلة اللّيلة ميلادنا، هي الحياة المتجدّدة، ويك المتقمّصون، اسمعوا وعُوا. عواء اللّيلة. اللّيلة بين أيديكم. كم من مرّة، كان يا ما كان، وستاكة* وسرمي** عريان؟ أخيرا ننتهي. هيموا بعيدا وتوزّعوا. نحن بذور الفناء فلننتشر. الخلق معجزة. كما الموت معجزة. عجّزوا الكون وقودوا النّهاية. هيموا وهرّموا...

هذا الملف

نصوص
125
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى