محمد مزيد

أستيقظت المدينة الجنوبية الصغيرة النائمة على شط الفرات، على صراخ شق عنان السماء، فزّت علياء من نومها، على جلبة مسيرة راجلة، تحت نافذة غرفتها المطلة على الشارع، هبت الى النافذة، فوجدت أهل المدينة يمشون مسرعين بإتجاه الشط ، وجدت نساءً ورجالاً وشباناً، رأت نسوة، بملابس البيت وبعضهن بلا حجاب، على...
أنا لا أُجيد كتابة الشعر، لكنني اغني كثيرا في الحمام لقصائد من تأليفي وألحاني .. بالأمس ، وانا عائد الى الشقة ، اعترضت سبيلي جارتي الايرانية، جارتي التي اتمنى رؤيتها دائما .. اخبرتني أن " دوار الغاز " عاطل في شقتهم .. قلت لكم انا لا اجيد كتاب الشعر ، كان يجب ان ادعوها الى حمامنا لتأخذ راحتها فيه...
كلما أدخل غرفته، يدير بوزه الى الجهة الآخرى، وعندما أقول له " السلام عليكم " يرد ببرود وأشمئزاز، بكلمة نافرة لا تحمل إي معنى " سلام "، فأخرج من الغرفة بسرعة، ذلك لأنني خجول و " معيدي " لا يقبل لنفسه أن تثلم كرامته بهذه الطريقة المشينة. حتى جاء اليوم الذي وجدتُ فيه نفسي قادرا على الانتقام من ثلم...
أستيقظ نديم من نومه صباحا، أرتدى ملابس الخروج ، ثم أغلق باب الشقة خلفه، ترك زوجته نائمة في فراشها وهي تعزف السمفونية التاسعة لبتهوفن من الشخير ، يحب نديم الصمت والهدوء، هاجر من بلاده بسبب الضجيج ، يمشي الان في شوارع هذه المدينة الغريبة ويتمنى ان تكف زمجرة محركات الشاحنات وابواق السيارات عن...
يستيقظ المسؤول الكبير من نومه وهو يهرب من حلم مزعج، حلم كابوسي، حيث تنشر واجهات الإعلانات في شوارع العاصمة، صور زوجته الفاتنة في كل مكان، وثمة فنان مشهور ينظر لها من برج تظهر وجهه وهو يحدق الى تلك الصور المخزية التي صارت علامة لبيع الألبسة الداخلية، وعرض مثير للسراويل الممزقة من جهات عدة، قرأ...
تأتي ريماس، كل يوم، الى ساحة التماثيل، في مركز هذه المدينة البعيدة عن ديارها، وهي تضع على وركها العريض طفلتها ذات العامين، ثم تجلس في مكان محدد على مصطبة حديدية، أمام أحد التماثيل، الذي يشبه وجهه الى حد كبير، وجه الألماني الوسيم الذي ألتقاها قبل ثلاث سنوات في مؤسسة توزيع المساعدات على اللاجئين،...
بعد أن أكملت عملي في انقرة، سافرت الى أزمير، بسبب إصرار أحد أقربائي بضرورة زيارتهم هناك، ازمير هي أقرب محافظة تركية الى بحر ايجه، وبعد الترحيب وتناول طعام الغداء، طلب مني قريبي التجول في المدينة ساعة، ثم الذهاب ساعة أخرى الى مركز المساج في نهاية الجولة، الى حمامات مشهورة بها المدينة . ليس عندي...
لا أعرف لماذا أتبع صديقي المجنون، أسير خلفه أنى ذهب، ربما لأن مراقبة جنونه، يوفر لي بعض السرور في غربتي الموحشة، وها هو اليوم، عندما وجدني في باب العمارة أدخن سيجارتي، حدثني بالإشارة، وبعض الكلمات التي بالكاد أفهمها، أن أصعد معه الى سيارته، التي هي عبارة عن غرفة معيشة متنقلة، تتوفر فيها كل لوازم...
نظر أيوب الى المرآة، فلم ير وجهه، أصابه الذعر، لانه يرى الجدار خلفه في المرآة، ولا يرى وجهه؟ لا يريد ان يتسبب بالهلع لعائلته، زوجته وابنته الصغيرة النائمة في غرفة أخرى، ذهب الى مرآة الحمام، نظر الى وجهه، فلم يكن موجودا، أزداد خفقان قلبه ، المشكلة ليست في المرايا، بل في وجهه، ذهب الى غرفة النوم،...
برز وجه المرأة الاربعينية، بلونه الحنطي، وعينيها العسليتين، أشد صرامة، في هذا الفجر، أكثر من أي وقت مضى، وهي تلف الجرغد على رأسها. لم تنم ليلتها، ليس بسبب الحر الخانق الذي يعصف بالهور، ولا بسبب قبائل البعوض المقبلة من جهة الشرق، ولا بسبب نباح كلبها " عفريت " الأسود الذي أزرقت عيناه، من عوائه...
وجد أيوب نفسه، ينفرد بامرأة منقبة، يجلس معها في غرفة شبه مظلمة، داخل فندق من الدرجة العاشرة، لا يعرف كيف أمسى معها في هذه الغرفة. البارحة بعد منتصف الليل، سافر من مدينة سكناه الى هذه المدينة، حيث توجد فيها القنصلية العراقية، لاستخراج وثيقة " شهادة الحياة " التي يصادف الشهر الثامن من كل سنة موعدا...
خرج أيوب من شقته في الطابق الأول، أغلق الباب خلفه، نزل السلم، فتح باب العمارة، وجد منظر الشارع نفسه، الذي شاهده قبل قليل من الشرفة، غياب تام للبشر وحركة السيارات. ذهب الى فرن الصمون فوجده مفتوحا، لكن لا أحد يشتري ولا أحد يبيع، لا وجود للعمال الذين يخبزون أو الذين يضعون العجينة في داخل الفرن، غير...
((أمضيت سبع ساعات مع الفتاة الصومالية، في رحلة القطار الذاهب الى انقرة، من المدينة التي أسكنها، تحدثت كثيرا عن حياتها، ونحدثت قليلا عن حياتي، فأوحى اليّ حديثها بالعديد من القصص، هذه واحدة منها)) ... وضعوني في حجرة مظلمة، بعد أن جردوني من ملابسي، هؤلاء المتشددون، الغرفة خالية من الأثاث، أجلسوني...
في هذه اللحظة، التي أكتب بها هذه القصة، تكون الفتاة الصومالية، التي أمضيت نهاري معها يوم أمس، قد غادرت الى أزمير، ومن هناك ستذهب الى بحر إيجه، تتمنى ان تعبره وسط اجراءات مشددة من خفر السواحل ، حتى تصل الى أحدى الجزر اليونانية أملا بلقاء زوجها الذي تركها. التقيت بها ظهيرة الامس، وأنا أدخل الى...
منذ عمر المراهقة، يكتوي قلب أنغام لمرآى كل عروسين، يمضيان أول أيام زواجهما، في فندق المنصور ميليا، ليس حسداً، بل غبطة بهما، ذلك لان قلبها، ليس حسوداً أو حقوداً على الناس. تحتفظ أنغام منذ السابعة عشر من عمرها، برسائل الحب التي كان يكتبها لها أبن خالتها سعيد، تدفنها بطيات ملابسها، هذه واحدة من أهم...

هذا الملف

نصوص
155
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى