محمد مزيد

تأتي ريماس، كل يوم، الى ساحة التماثيل، في مركز هذه المدينة البعيدة عن ديارها، وهي تضع على وركها العريض طفلتها ذات العامين، ثم تجلس في مكان محدد على مصطبة حديدية، أمام أحد التماثيل، الذي يشبه وجهه الى حد كبير، وجه الألماني الوسيم الذي ألتقاها قبل ثلاث سنوات في مؤسسة توزيع المساعدات على اللاجئين،...
بعد أن أكملت عملي في انقرة، سافرت الى أزمير، بسبب إصرار أحد أقربائي بضرورة زيارتهم هناك، ازمير هي أقرب محافظة تركية الى بحر ايجه، وبعد الترحيب وتناول طعام الغداء، طلب مني قريبي التجول في المدينة ساعة، ثم الذهاب ساعة أخرى الى مركز المساج في نهاية الجولة، الى حمامات مشهورة بها المدينة . ليس عندي...
لا أعرف لماذا أتبع صديقي المجنون، أسير خلفه أنى ذهب، ربما لأن مراقبة جنونه، يوفر لي بعض السرور في غربتي الموحشة، وها هو اليوم، عندما وجدني في باب العمارة أدخن سيجارتي، حدثني بالإشارة، وبعض الكلمات التي بالكاد أفهمها، أن أصعد معه الى سيارته، التي هي عبارة عن غرفة معيشة متنقلة، تتوفر فيها كل لوازم...
نظر أيوب الى المرآة، فلم ير وجهه، أصابه الذعر، لانه يرى الجدار خلفه في المرآة، ولا يرى وجهه؟ لا يريد ان يتسبب بالهلع لعائلته، زوجته وابنته الصغيرة النائمة في غرفة أخرى، ذهب الى مرآة الحمام، نظر الى وجهه، فلم يكن موجودا، أزداد خفقان قلبه ، المشكلة ليست في المرايا، بل في وجهه، ذهب الى غرفة النوم،...
برز وجه المرأة الاربعينية، بلونه الحنطي، وعينيها العسليتين، أشد صرامة، في هذا الفجر، أكثر من أي وقت مضى، وهي تلف الجرغد على رأسها. لم تنم ليلتها، ليس بسبب الحر الخانق الذي يعصف بالهور، ولا بسبب قبائل البعوض المقبلة من جهة الشرق، ولا بسبب نباح كلبها " عفريت " الأسود الذي أزرقت عيناه، من عوائه...
وجد أيوب نفسه، ينفرد بامرأة منقبة، يجلس معها في غرفة شبه مظلمة، داخل فندق من الدرجة العاشرة، لا يعرف كيف أمسى معها في هذه الغرفة. البارحة بعد منتصف الليل، سافر من مدينة سكناه الى هذه المدينة، حيث توجد فيها القنصلية العراقية، لاستخراج وثيقة " شهادة الحياة " التي يصادف الشهر الثامن من كل سنة موعدا...
خرج أيوب من شقته في الطابق الأول، أغلق الباب خلفه، نزل السلم، فتح باب العمارة، وجد منظر الشارع نفسه، الذي شاهده قبل قليل من الشرفة، غياب تام للبشر وحركة السيارات. ذهب الى فرن الصمون فوجده مفتوحا، لكن لا أحد يشتري ولا أحد يبيع، لا وجود للعمال الذين يخبزون أو الذين يضعون العجينة في داخل الفرن، غير...
((أمضيت سبع ساعات مع الفتاة الصومالية، في رحلة القطار الذاهب الى انقرة، من المدينة التي أسكنها، تحدثت كثيرا عن حياتها، ونحدثت قليلا عن حياتي، فأوحى اليّ حديثها بالعديد من القصص، هذه واحدة منها)) ... وضعوني في حجرة مظلمة، بعد أن جردوني من ملابسي، هؤلاء المتشددون، الغرفة خالية من الأثاث، أجلسوني...
في هذه اللحظة، التي أكتب بها هذه القصة، تكون الفتاة الصومالية، التي أمضيت نهاري معها يوم أمس، قد غادرت الى أزمير، ومن هناك ستذهب الى بحر إيجه، تتمنى ان تعبره وسط اجراءات مشددة من خفر السواحل ، حتى تصل الى أحدى الجزر اليونانية أملا بلقاء زوجها الذي تركها. التقيت بها ظهيرة الامس، وأنا أدخل الى...
منذ عمر المراهقة، يكتوي قلب أنغام لمرآى كل عروسين، يمضيان أول أيام زواجهما، في فندق المنصور ميليا، ليس حسداً، بل غبطة بهما، ذلك لان قلبها، ليس حسوداً أو حقوداً على الناس. تحتفظ أنغام منذ السابعة عشر من عمرها، برسائل الحب التي كان يكتبها لها أبن خالتها سعيد، تدفنها بطيات ملابسها، هذه واحدة من أهم...
جاءت المرأة ( شيماء )، ذات الوجه الأبيض المدور، والجسد المترف برشاقة مثيرة ، مع زوجها المريض، الى هذه المدينة البعيدة عن ديارها، وصلت حسب العنوان الذي تحمله، الى بيت الشيخة المعالجة بإمراض الحروب، حيث أشيع عن الشيخة في كل الانحاء، انها تعالج مرضاها بمياه معدنية، تنبع من بئر داخل بيتها . وجدت...
صعدت في القطار الذاهب الى أنقرة، من المدينة التي أسكنها، تكتظ العربة بالمسافرين، يقف بعضهم في الممر، أنا في الخمسين من العمر، لا اتحمل الوقوف سبع ساعات، لعنت صاحبي الذي أقترح عليّ بصعود قطارات الليل، بزعم انهم يغضون النظر عن المدخنين بين فوصل العربات او في التواليت. نظرت الى وجوه الرجال والنساء...
فجرا، أصبح الناس يستمعون الى ثغاء الخراف، في مسيرة لها بداية وليس لها نهاية، دهشوا حينما وجدوا أن الخراف، تضع على رؤوسها قبعات كُتبت عليها " الويل لمن قتلنا " .. لا أحد في القرية، بقي نائما في فراشه، صباح ذلك اليوم، خرجت النساء يعتمرن العباءات بإرتباك واضح، ثم خرجت الفتيات من البيوت وهن يحاولن...
تسير الفتاة الجميلة "أحلام" وسط الازدحام البشري، وهي تريد أن تعبر الى الجهة الأخرى من الشارع، وجهها أبيض دائري، ذات عينين عسليتين وشعر اسود طويل، يصل الى ردفيها ، ثغرها لا يفتر عن الابتسام، تسير بخطوات واثقة، لاحظ الناس، أن غيمة بيضاء تحلق فوق رأسها، كل من رآها، ابهرته، أرتجف قلبه لمرآها، ثم...
وقف ناصر الاهواري في منتصف ساحة كزلاي وسط العاصمة التركية أنقرة، ساحة مكتظة بالبشر، هاله ما رأى من النساء الجميلات البيض الشقراوات، لا يعرف الى أين يتجه، وهو يفر برأسه صوب الاتجاهات كلها، فقد نسي المكان الذي اتفق مع شريكته على اللقاء بها، قرر ان يترك مكان اللقاء لأنه لا يستطيع ان يستحضره الآن...

هذا الملف

نصوص
151
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى