بهاء المري

كان الوقتُ شتاءً والسُّكون قاتِل، تُسَلِّي نفسها بالتلفاز تارةً، وبالقراءة تارةً أخرى؛ من دون الحصول على طاقة. تلجأُ مُحبطة إلى سطح الفيلَّا تبتغي مُتنَفسًا لها خارج الجدران المُطبِقةِ على ضُلوعها، اتخذَتْ رُكنًا من السطح في الجانب البحري؛ لتجلس على أريكة تحت البرجولة المُغطَّاة بالقرميد...
كان غَداءً جميلاً، حرَصَ فيه على اصطحابي معه، لم يَعْتدْ مثل هذه العزائم بصفة عامة، ولكنه نزلَ على تصميم ذلك الرجل على دعوته إليه فاضطرَّ إلى قبول الدعوة. تَقابَلا مُصادفةً في تلك المحافظة النائية وتَعرَّفا إلى بعضهما، اكتشفا أنهما من مركز واحد، واعتبر زوجي ضَيفًا عليه؛ إذ جاء لاحقًا، هذا ما...
وقَتل الناس بفِعلهِ قديم كذلك، والاحتجاج على الجُّرم والجريمة، والبِدع والضلالات، بكتاب الله وآياته الكريمة قديم أيضا، فقد احتَج بالقرآن مُتأولين أصحاب البِدع جميعًا، من المعتزلة، والجبرية، والصفاتية، والمشبَّهة، والخوارج على أصنافهم من الأزارقة، والأباضية، والصفرية، وغلاة، وإسماعيلية، إلى آخر...
أجاد من سمّى وادّعى أنها نصوص سرد؛ نعم سرد باهر هذا الذي أمامي .. أول ما أثار فيَّ هلع هاجسي من ذات تواصيف نقلها الكاتب.. وهي مشاهدة وعيان حقيقيتان. لاشكوك بهما..قد نشك في حدث دخل الخيال والإضافة والتنميق عند كاتب ما لقصة أو مقطع رواية.. إنما سردية المشرحة استنساخ لصورة إذا ما أقول خلق شهودية...
استعْصَى عليه استيعاب مَوت زوجته، لم يُصدِّق الرَّجُل السِّتينيّ أنه سيعُودَ إلى البيْت ولا يجدها فيه، عاش كابوسًا لم ينته إلا وكانت إلى جواره. انتهَى العَزاءُ وجُمِعَ السُّرادق، بقِيَ جالسًا لا يريد أن يُغادر مكانه، قضَى ليلتهُ فى بَيْت ابنه الوحيد وبين أحفاده؛ رفضَ اقتراح ابنه بأن يَبقَى معه،...
جاءت لتلقاني والخوف يغلبها كغزالٍ من شِراكِ الصيد ينفلتُ وتَوجَّسَت كأنَّ رقًيبا هناكَ يرقبها وبعينين زائغتين للخلف تلتفتُ ***** ولما اطمأنت وطابَ مجلسها ساد الهدوء وولى الخوفُ والعنتُ وانسابت لآلئ القول من فمها فكأنى بأنغامٍ حين القول والصمتُ وفاح عبير الهمس وتهللت سرائرها فكأن لا خوفُ...
ذاتَ لقاء طَغَى الشوقُ وحَنَّ الفؤادُ فكان منها المَوعِدُ لبَّت نداءَ العِشقِ دون إبطاءٍ أو تردُد قالت إليكَ نعيشُ الحُلمَ الذي ننشُدُ فالعمرُ لحظةٌ فهيَّا به نَسعدُ **** عشقتُ الحياةَ بِقربى إليكَ كعِشقِ الزهرِ لحباتِ الندَى فاحتويني بين قلبِكَ واجعلني منهُ السؤدُدَ وابنِ القصورَ التي وعدتني...
إنكَّ لتَفزع إنْ رأيتَ جُرحًا عميقًا أو إصابة بالغة، فهل لكَ أن تتخيَّل أجسادَ الناس وهي طريحة منضدة التشريح، أسيرة المشارط والمطارق والمناشير؟ وهل يُمكنك احتمال رؤية التقطيع والتفتيت والتكسير والتمزيق؟ كنتُ بداية عهدي بالعمل، أذهبُ بخيالي إلى أبعد مَدى في تصوُّر أجساد الناس وهي تقبَع تحت...
إبراهيم حمدي بطل رواية وفيلم (في بَيتنا رَجُل) والذي هو في الواقع حسين توفيق قاتل أمين عثمان باشا سنة 1946، ليس هو المناضل الوسيم الثوري الذي رأيناه في صورة النَجم العالمي عُمر الشريف، بل هو شاب لديه عيوب جسدية وعصبية، مَهووس بالقتل(1). حسين توفيق أشهر قاتل سياسي في تاريخ مصر، وسِر شهرته أنَّ...
كعادته منذ سنوات خَلت، يُطالع أهالي دائرته بيافطات قُماشية في مُختلف المناسبات الدينية والوطنية، يُفاجَأون بها وقد عُلِّقت بليلٍ بين أعمدة الإنارة، مكتوب عليها بخط عريض: (الحاج أبو شُوق يُهنئ أهالي الدائرة الكِرام بمناسبة ....) وفي شهر رمضان يُعِد الحقائب بمُتطلبات الشهر الكريم، وفي عيد الأضحى...
اعتادَ أنْ يُسَجلُ ذكرياته منذ الصِّبا، ضَربهُ الحنينُ للماضي فعاد يَقرأها، تَوقف عند وصفه لذلك الرَّكب الذي يَمتطي (الحَمير) ذهابًا وإيابًا، بينما هُما في وسَطهِ أو على أطرافه لا يَنفكان من بعضهما. ثلاث سنوات يَتزامَلان، لم يكن في قريتهما مدرسة إعدادية في ذلك الحين، وإنما في قرية أكبر على مسافة...
ظَننتُ الوجدَ ولَّى واندثر فبعدَ طُولِ تجاربٍ اخترتُ اجتناب كل صُنوف البَشر ومِن وقتها لم يَعُد في يومي جديدٌ بل صار غَدى امتدادٌ لِما مَضَى واضحَتْ ذكرياتي هي الأنيس فلا تَطفل ولا فضول ولا نفاق ولا رياء ولا ضَجَر ***** فقد كان ما كان في زَمني منه ما ولّى مع الصَباح ومنه ما لم تذروه الرياح...
كان أحدهم يَزورُ الجار المُلاصق مسكنه لمَسكنهما الكائن في قلب الأرض الزراعية بعيدًا عن باقي الجيران. انزلَقَ الحديثُ إلى سِيرتها، يَعلمُ الناسُ في القرية، بل في القرى المُجاورة أنها تُمارسُ الرَذيلةَ مع الرجال دون تَمييز، لقاءَ أجر يُحّصِّلهُ زوجها من الزبائنِ. لم يكن الزائر مُصدقًا قولاً كهذا،...
استعْصَى عليه استيعاب مَوت زوجته، لم يُصدِّق الرَّجُل السِّتينيّ أنه سيعُودَ إلى البيْت ولا يجدها فيه، عاش كابوسًا لم ينته إلا وكانت إلى جواره. انتهَى العَزاءُ وجُمِعَ السُّرادق، بقِيَ جالسًا لا يريد أن يُغادر مكانه، قضَى ليلتهُ فى بَيْت ابنه الوحيد وبين أحفاده؛ رفضَ اقتراح ابنه بأن يَبقَى معه،...
لاحَظَتْ انزواءَه كثيرًا في مكتبه، جُّلُّ أوقاته يَقضيه فيه مُنفردًا وكأنَّ شيئًا هامًا يَشغله، تُفاجئهُ غيرَ مرَّة؛ فيُسرعُ إلى إغلاق أجندة طالما يُطالعُ فيها شيئًا ما، تعود إلى مفاجأته فيأتي ذات الفعل مِن فَورِه. يُساورها القَلق، تُراقبه، تَجدهُ يَضعها أمامه كلما جلس إلى المكتب، يُغلق عليها...

هذا الملف

نصوص
106
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى