أعددتُ مائدتي وهيأتُ الكؤوس
متى يجي ء
الزائر المجهولُ؟
أوقدتُ القناديلَ الصغار
ببقيةِ الزيت المضيءِ
فهل يطولُ الانتظار؟
أنا في انتظار سفينة الاشباحِ تحدوها الرياحْ
في آخر الساعات قبل توقف الزمن الأخير
في أعمق الساعاتِ صمتا :
حين ينكسرُ الصباح
كالنصل فوق الماء حين يخاف طير أن يطير
في ظلمة الرؤيا...
لعلك يوماً سمعت عن البدوي العجيب
الذي كتب الله أن لا يرى وجهه أحد
وجهه الأول المستدير البرئ
الذي غضّنته المهالك وافترسته الحروب
وخطت عليه المآسي علاماتها.
نمت طبقات الزمان
على جلده.. فهو لا يتذكر صورته
صورة البدء
مستغرباً في مرايا المياه ملامحه الغامضة
أنا هو ذاك
أنا البدوي الغريب يجوب البوادي...
قصة التمثال من آشور
في غرفة الزجاج ْ
في متحفٍ
يقبع في مدينة ضائعة ْ
ترسب في بلاد ْ
مهجورة
في قارة واسعة ْ
هذا انا، مرتفع، أواجه العيون ْ
أشلّها
أنفض في نهاية السكون ْ
حوادث الدهر، ورعب المائة التاسعة.
معبود نينوي
سيدها
في لحظه غامضة ْ
برزت للوجود ْ
على صدى ازميل
في راحتي نحات
في قاعة الاحجار...
رغم سنوات الجمر
و خديعة المخاتلين العاشقين
للجسد العاري
و الطاولات المزهوة بالثمار والموسيقى
كان الرجل الشريد يرمم بيوتا
تداعت
وصارت مزارا للقادمين من زمن
بعيد
ربما ضاعت خطاه في الفلوات
و صار الصوت قريباً من بهاء البريق
كم من طريق ترهلت فيها الخطى
و الديار التي هاجرتها الأهالي
لم تبح باسرارها...
هل يستطيع العلم أن يثبت لماذا (why) وجد هذا العالم وليس كيف وجد (How) ؟ ، وبطريقة أخرى لماذا هذا الوجود (existence)/ (something) الذي نراه ونلمسه له الأولوية على العدم (Nothing)؟ ولماذا هناك مادة أصلا ؟ هذا السؤال الذي كان يسأله الإنسان لنفسه عبر التاريخ ، والذي شغل الفلاسفة و البشرية منذ بدء...
الزمن فلسفيا من خلال ثيمة الحب والمرأة في شعرالبريكان .
عرفت اصناف من الكتابات عن الحب في الشعر العربي منها العذري والصوفي والواقعي وفيما توغل عمر بن ابي ربيعة وابو نواس بوصف الجسد تقرا للعباس بن الأحنف ( لا يضمر السوء ان طال الجلوس به ..عف الضمير ولكن فاسق النظر ) .
يتعذر على أي ناقد او...
البريكان.. حارس الفنار
تقديم:
منذ ثمان سنوات اغتيل الشاعر الكبير محمود البريكان في داره في مدينة البصرة، ولم يكن اغتياله بالحدث الهين الا أن السلطة آنذاك وهيمنتها على كل ما له علاقة بالثقافة وتسييره باتجاهها لم تعط أهمية لأغتيال البريكان الذي يعد من اكبر الشعراء العرب وأهمهم في تلك الفترة...
في العام 1984 كَتَب الشاعر العراقيّ محمود البريكان (مواليد البصرة في العام 1931) قصيدة بعنوان: "الطارق"، يهجس فيها بارتياب أقرب ما يكون إلى الكابوس: "على الباب نقرٌ خفيفْ/ على الباب نقرٌ بصوتٍ خفيفٍ ولكنْ شديد الوضوحْ/ يُعاودُ ليلاً، أراقبهُ، أتوقّعهُ ليلةً بعدَ ليلةٍ/ أصيخُ إليه بإيقاعه...
هو كرس تجربته الشعرية حول الانطولوجيا وربما تبدو هذه الخاصية التي لها انعكاس ظاهر جداً ، متأتية من تنوعات قراءاته وعلاقته بالموسيقى ،
التي تقود الكائن الحساس نحو انشغالات ليست عامة ، بل هي خاصة جداً والولع الانطولوجي فيه رواسب التجارب عالمية . وطفر البريكان من الاهتمامات التي شاعت وتلبست ابناء...
(يا جنون الرياح يا ظلمة الفجر ويا وحشة التخوم المرايا
ما لهذا الوجود ينهد بالنوم وينهار في مطاوي رؤايا ؟
ما له كالذبيح يخنقه الرعب وفي صدره المدمى بقايا
محجري ملؤه الدخان وكفي تترامى على لظى وشظايا كانفجار الطوفان يندفق الليل ومثل الهباء يفني البرايا
كل شيء يغيم والدهر ينماع وفي الارض ثورة...
على الباب نقر خفيف
على الباب نقر بصوت خفيف ولكن شديد الوضوح
يعاود ليلاً. أراقبه، أتوقعه ليلة بعد ليلة
أصيخ إليه بإيقاعه المتماثل
يعلو قليلاً قليلاً
ويخفت
أفتح بابي
وليس هناك أحد
من الطارق المتخفي؟ ترى؟
شبح عائد من ظلام المقابر؟
ضحية ماض مضى وحياة خلت
أتت تطلب الثأر ؟
روح على الأفق هائمة أرهقتها...
مولعٌ بكتابة النصوص السردية، وبعض من هذه السرديات غرائبية المحتوى، يعرف شخوصها الذين يخلقهم من خياله المحض أو من واقعه الحقيقي، وحتى من الممازجة ما بينهما، وأحياناً أُخرى من خلال استنهاضهم من قاع ذاكرته المتعبة التي استوطنوا فيها لسنوات طويلة، ليقوم بعدها بدفعهم على سطح وريقات كرّاس قديم وريقاته...
كان هذا أيضاً وَعْد الموجةِ
ألا أكون سماويّاً بينهم
أن أكون أرضيّاً على طريقتي
كما تسرّ ليَ زهرةٌ تتفتّح
وغصنٌ يتفرّع،
كما ينطق ألقٌ
يرتدي قميصاً ويعبر في أفق العين
كما تتعرّى شجرةٌ
من ثوب أوراقها
كي تشمّ ريح الخريف
على عري لحائها.
كان هذا أيضاً وعد الموجة
ألا يعبر جسدي العتبات المقدسة
ألا أسلمَ...