ثناء درويش

ها أنت ذا بعد أن حطّمت قيدك منذ سنين بعيدة كلما شهدت مظهراً من مظاهر الرقّ و استعباد البشر لبعضهم.. جسدا وفكرا ونفسا تتلمّس أثر القيد في معصمك وتتخيّله ينزّ دماً وصديداً. يقول طبيب جرّاح : "إن من الجروح مالا يشفى ما دام صاحبه لا يريد". أيها الطبيب.. ينقصك أن تكون حكيماً. ماذا لو أنه يريد...
نمْ واقفاً إنّ الوسائدَ كلّها متآمرةْ قد جئتَها متهالكاً و رميتَ رأسَكَ فوقها فتقاذفتهُ هواجسٌ جولاتِ حربٍ خاسرةْ ها أنت فيها والبددْ تصغي لصوتِ الصافرةْ كلّ الدروبِ لقلبِ روما تنتهي لكنّ روما وسادتَك أغوتك بالخدرِ اللذيذِ ليطلَّ نيرونُ الجنونِ من الثغورِ الغائرةْ كي يشعلَ النيرانَ في نهرِ...
الاشتهاءُ ليسَ أن تواقعَ الجسدْ بل أن ترى في العينِ روحْ في الثغرِ روحْ والجنّةَ في بسطِ يدْ وأن ترى آن التلاشي في الأحدْ.. اللا أحدْ فتصيحُ من فرطِ الولوعِ يا مددْ الاشتهاءُ تصعّدٌ بسمائهِ ولا وصولٌ يُرتجى فالحرّ مغلولُ الفؤادِ للأبدْ هيا أعدْ للمفردات وحيها واشتهِ الموتَ عشقاً في جسدْ
أنا أيضاً كنتُ كبائعٍ جوّالٍ كذاكَ الذي كانَ يجوبُ القرى في جُرابهِ أشياءٌ ملوّنةٌ لا تخطرُ على بالٍ ينادي على بضاعتهِ بصوته العالي ذي الرّنّةِ والإيقاعِ فيتهافتُ الأطفالُ والنسوةُ إليه وبعدهم أكثرَ وقاراً يأتي الرجالُ وكلّ يجدُ عندهُ مبتغاه غندرةُ العروسِ دواءُ العقيمِ وبلسمٌ للعجوزِ السقيمِ...
٢ أطاردُ فراشاتِ الجمالِ بشبكتي ذاتِ الثقوبِ الواسعةِ.. فتقودني لمروجٍ من اللونِ والعطرِ وهالاتٍ من السحرِ.. وأعلقُ في شركِ أن "لا حول لي" أمام طغيانِ الفتنةِ الساحقِ الماحقِ.. فأسلّم رايتي للغوايةِ ربّتي لتأخذ بناصيتي لأبقى متعبدةً في محاريبِ "لا عين رأت ولا خطر ببال بشر". وأمضي في مفاوزِ...
يقولُ لي: لولاي ما كانَ لكِ هذا الرفيفُ المُخمليّ ولا تفتّقَ ثغركِ عنِ اللآلئِ و الحليّ و لا توهّجَ حرْفكِ بفطرةِ الخلقِ الأُولى سنا الجمالِ الأوّليّ أو تغنّى صادحاً ما بين أفنانِ القلوبِ فإذا الحياةُ كمحْفلِ يقولُ لي: لولا تغزّلتُ بكِ هل جالَ يوماً خاطرٌ قصائداً أن تغزلي قد كنتُ سؤلَكِ في...
وكنّا اذا ما عشبُ السهوبِ في الربيعِ يهيجْ نسمّيهِ في كتابِ الطبيعةِ حشيشاً ونثغو مثلَ الخرافِ اغتباطاً ننافسُ أهلَ السماءِ في حكايا العروجْ لكنّها المفرداتُ تنقصُ شيئاً فشيئاً ولم يبقِ الجرادُ في كتابِ المعاني إلا التصحّرَ وملءَ المكانِ فراغَ الضجيجْ وثرثرةَ الجدّات بليلِ الشتاءِ الطويلِ عن...
خانتني عيناي ذاتَ صحوٍ بالمطرْ و خانني كفّي الشقيُّ كان لكفّك مستقرْ علّمته في البعد عنك درسَ قانونِ العطالةِ فإذا به يلوبُ كالمجذوب ما بين الدفاترِ و الصورْ خانتني ذاكرتي التي عن اسمك تتفتّقُ لكأنني ما خِطتُها بخيوطِ نسيانٍ وهجرْ تنسلّ في إبرِ الصبرْ بعضُ الخيانةِ في الهوى عينُ الوفاءِ وكلّ...
وصلَ البريدْ كتبتَ فيه "أحبّكِ" وما وددتُ لو تزيدْ تكفيني منك حروفُها اختزلتْ لغاتِ العالمينَ ولملمتْها من الوريدِ إلى الوريدْ ورسمتَ قلبا أحمرَ لكأنه يروى بروحِ الياسمينْ يزكو كما جمرِ الوقيدْ ومضيتُ أختالُ زهوّاً خطوتي ايقاعُها عذبٌ سعيدْ وأقولُ كيف لفظتَها؟! أمددتَها؟! أوقفتَ عند الباءِ...
وقد فقتُ المعرّيَ في حُبوسهْ و مرّ العمرُ في كهفِ دروسهْ فحبساهُ عمىً ثمّ اعتزالٌ بنفسٍ كم تعافُ لظى نفوسهْ و حبسي كان أنفاساً حيارى كأن الصدرَ قفرٌ في رموسهْ و قلبٌ قد تقلّب في العلومِ ولم يدرِ نبيّهُ من مجوسهْ فكم زاغت عيونهُ من بياضٍ و أهداه السوادُ سنا عبوسهْ
أتدري ما شهوةُ الروح هي زهرةُ النيلوفر الأزرق أو زهرةُ اللوتس بلسان الحداثة ترقصُ حافيةً على سلّمك الموسيقيّ في غبشِ الصباح قبل يقظةِ ضجيجِ الاحتياج مسربلةً بغلالةِ الغواية شهوةٌ طازجةٌ بِكر ينزّ نداها فتشرقُ الفُ شمسٍ من كاحلها وكلما سقطت عنها تويجةٌ استحالت تاجَ مُلكٍ في ظهرِ غيب كما يليقُ...
استهلال هناك في الوجود تجلّ للجمال فوق طاقة الاحتمال نافذ في العمق جارح و قاهر كأنه كأنه ذروة الكمال ينهب رقادك يستبيح أمنك ثمّ يمضي عنك فيك و أنت في استلابك في بهتة السؤال كأنه ما كان إلا أسطورة أو خيال 1 أنا لم أقرأ إطلاقاً ما كُتب عن الجمالِ ، ليس استخفافاً بآراء أو رؤى من سبقوني بالقول ،...
كذبَ المغنّي حين قالَ "أحبّها" لم يعنِ نفسهُ بل نفسَنا يعني كذبَ المغنّي حين قالَ "هجرتُها" هو لا حبيبةَ عندهُ ذاك الفقيرُ والهجرُ من طبعِ الغني ذاك المغنّي الصنجُ يرقصُ في يده وفي الفم نايٌ حزينْ يروي حكايا العابرينْ الساحرُ الفتّانُ كم يقصي.. وكم يُدني كذبَ المغنّي صدقَ المغنّي فقلْ سلاماً...
أنا " إنسانة" .. أقلبُ طاولةَ الأدبِ وأمزّقُ أوراقي وأدلقُ محبرتي نصرةً لإنسانيتي . محطتنا الحوارية ليست تقليدية مع شخصية أدبية بارزة ، لها مكانة كبيرة في قلوب قرائها ، إنسانة تقتات على حبر البنفسج وتتنفس الحرف لتعبّر عن كينونتها و وجدانها بالكلمةِ الطيبةِ والحرفِ المنسابِ فطرةً دون تكلّفٍ أو...
مِْل آخرَ الليلِ صوبَنا الشياطينُ مغلولةٌ بأصفادِها و صليلُ أفعى الرغبةِ أقعى منهكاً لا شيءَ إلا الحبّ ههنا فطرةُ الخلقِ تتغاوى في شفيفِ لبوسِها بيننا تتنسّم عبقَ زهرةِ الغاردينيا الذي يغلّفُ الأثير وتتمايل على رنيم سماويّ ينسابُ من بعيدٍ كرفيفِ ملاك الليلُ ملكُ العشّاقِ لا اللصوصِ وسكينته...

هذا الملف

نصوص
92
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى