كالعادة حاولت غالية أن تضغط جاهدة على أعصابها، كي لا تبصق الحصاة التي بقيت لسنوات تحت لسانها، وكتمت غيظها ككلّ مرّة فلم تقل له في نوبة نزقها وفقدان السيطرة على جيشان مشاعرها ما ودّت قوله منذ لحظة تعيينها في هذه المؤسسة:
"من تظنّ نفسك؟؟ ما أنت إلا مجرّد نكرة مهما ظننت أنّ هذا الكرسيّ سيهبك ألف...
وأزعمُ أنّي زهدتُ حدّ التصوّفِ فيكَ وما عاد ذكرُك حين يمرّ يقيمُ القيامه.
وأزعم أني نسيتكَ كأنّك ما كنتَ الا اضطرارَ البليلِ لمعطفِ عطفٍ وتوقَ الغريقِ لشطّ السلامه.
وأسرف في الزعمِ حين أقول إن يسألوني.. ما كان حبّاً لعلّه وهمٌ يعشّش فيّ ويبني خيامه.
فإن هلّ وجهك على حين غرّةْ كفرتُ بزعمي ولم...
هدهديني كي أنامْ
لا تقولي: "قد كبُرتَ
وتجاوزتَ بعمرٍ
سنّ حبوٍ أو فطامْ"
غنّي لي مرآةَ ذاتي
أغنياتٍ.. عن حياةٍ
ليسَ فيها من يُضامْ
مسّدي شَعري كطفلٍ
يدكِ البحرُ سماءٌ
وجهكِ البدرُ تمامْ
ناقصٌ لا ريبَ عشقٌ
لستِ فيه أمّ روحي
نوركِ يجلي الظلامْ
ههنا في مهدِ حضنٍ
لا اضطرابٌ لا حروبٌ
إنه دارُ السلامْ
ببلادِ الطرقِ الملتوية
وضجيجِ الصوتْ
الصاعدِ من أرحامِ الموتْ
هلْ منكمْ
من وجدَ قلبي الطفلْ
قد ضاعَ ذاتَ صباحٍ
حين تتبّعَ أثرَ فراشة
أو لاحقَ زورقهُ في النهر
أو غابَ كطائرةٍ ورقيةْ
بمدىً لا يُحجبُ أو يقفلْ
هل منكم
من ألقى عليه تحيةْ
لفتتهُ زرقةَ عينيهِ
الثغرَ الريّانَ الظامي
والنبضَ المتحفّزَ...
صباح الخير
صباح الخير والنور للبشر الطبيعيين..
الذين لا يلبسون ثياباً فضفاضة عليهم ولا يتقمّصون أدواراً تخذلهم في منتصف المسرحية.
الأخوة الذين يعجزون عن النهوض ويمدّون يد العوز للرحمة تنتشلهم من الإحباط وينتظرون كلمة محبة من القلب تفرّج همّهم.
صباح الخير لمن لم يجربّوا مرة أن يكونوا بوالين...
تحت خباء الشعر
رأيٌ شخصيّ.. ولا نلزمكموه، وليسَ وليدَ اللحظةِ بل سنواتِ انعتاق.
رغم كلّ هذه الفوضى العارمةِ في زمنِ الحداثةِ والانتشارِ السطحيّ..
لا تقفوا على أبوابِ الشعرِ كسدنةِ المعابدِ، فيستيقظُ فيكمُ المتعالي الفيصلُ البتّار السيفُ الحسامُ المهنّدُ..
وعدّدوا ما شئتمُ من أسمائهِ العربيةِ...
لا تكن عرافاً
إن لم تخبر عاقراً
أنها ستنجب ولداً
جميلاً كالصدّيقِ يوسفَ
ليلةَ استواءِ البدرِ
و سينسبُ للولدِ
قبيلةٌ من الأبناءِ و الأحفاد
لا تكن عرافاً
إن لم تنبئْ الأمهاتِ
أن أبناءهم الشهداءَ
سيبعثون من حواصلِ الطيورِ الخضرِ
و كلّ دمٍ أريق ظلماً
سيقاضي لا محالة ظالمهُ
لا تكن عرافاً
إن لم تعدْ...
أهديتني فلّةْ
يا طيبَ أيامي
أسكنتُها قلبي
والروحَ والمُقلةْ
أهديتني فلّة
فعدتُ كالطِفلةْ
ألهو بها حيناً
أهدي لها قُبلةْ
يا سيدَ الحسنِ
ردّ الهوى عني
أنا لستُ أحتملُ
هذا الهوى كلّهْ
ما قصدكَ قل لي
يا فاتنَ العينِ
بأبيضِ الفلِّ
القلبُ نشوانٌ
يدقُّ في لهفٍ
ودمّه يغلي
هل قلتُ تهواني
أمّ أنني...
"الخائنةْ"
كدتُ أقولُ.. وأردفُ
"تبّاً لها"
لولا تذكّرت ال مضى
أيامَ كانت مشتهى
أتعبتُها..
وظننتُ أنّ الضّهيَ
قد يبقى بها
عذراً حواسي لم أرد
نعتاً يعرّي فضلك
لكنّه طبعُ المها
إن راح منها زهوُها
اختلّ ميزانُ الهوى
والذِّكر فيها قد سها
إذا جاءكم الربيعُ كرسولٍ من أمّه الحياة لا تكذّبوه قائلين ما أنتَ نبيّ بل متنبّي وسحرٌ وشعرٌ ما تفتّق عنك من زهورٍ وطيورٍ ونسائم ولا يفلحُ الساحرُ حيث أتى
لا تعدّدوا على مسمعه دورةَ الحياةِ وكيف تلتهبُ أنفاسهُ الطيبةُ إنّ حلّ صيفٌ وتتساقطُ أوراقُه باهتةً في حزنِ الخريفِ وتغسل زهوَ ألوانه عربدةُ...
الملكة :
هلمّ إليّ أيتها الوصيفات، فساعة زفافي تقترب، وبيني وبين لحظة العناق أيام كأنها دهر.
أطعمنني إكسير الحياة الذي يهب القوة والشباب، وأحطنني برعاية تليق بملكة مثلي.
إن لي غذائي الملكي الخاص على ما عرفتنّ من غبار الطلع، فهيّا لقمنني إياه في هذه الغرف السداسية الخاصة بنا نحن المليكات.. وأي...