أودُّ أن أجِدُني بما يكفي بعيدًا عن الشعر
لما يشدُّ خيالي إلى هوامش عذراء في المعنى
نحو بساطة الأشياء من بكارة الحقل
وهمس الأسرار في جُبِّ الكلمة
ودون استعانةٍ بصديق
أودُّ تأمُّلني في العزلة
كمتقاعدٍ يافع
يُعيد صياغة الإنصات لروحٍ ظمأى
مُرتِّبًا حميميَّة الفضول
لسراب الحياة
قارئًا بحيادٍ...
سيف الدولة
يا سُموّ الطاعة والعطف
والحب الذي فاتني لأبي
حين عاش صلفًا وشديدًا
وأورثني الشغفَ بك
هكذا نحن سلسلةٌ تناوب الحنانَ والرقة
وتداوم الإباءَ والمروءةَ
أراك عصيًّا على الدلال
شعثًا عن التأنق
غير لائقٍ للوداعة
وثّابًا من الغفوة
توّاقًا للضيف
غيّاثًا للنداء
رسولاً لتبليغ السلام
لاتُفرّط في...
لا تُحمِّلي الشعر ما لا طاقة له عنك
هو الدهر يومك الذي يولد بك
لأنك فريدة كل الدهور
فكيف أُهنِّئه باقتداح مديحك
وكان هلالك الخاطف
في ظهوره للقصيدة
زاهدًا في تمامه لكمالي
فخذي النص لأماكن
لم يطئها قبلك
وثقي أن نصف احتجابك
مُضاءٌ به وجه
العالم
كما أن عالمًا آخر بداخلي
مثل جُبٍّ مُظلمٍ
في انتظار...
أيها المُحيّا المعجز في الإلهام
كمجرّة كواكبٍ لا تُحصى' من الحسن
تجهر بتفاصيل لا نهاية لها
عيناك سديمٌ سرمديٌّ من الوحي
إرثٌ شاسعٌ من القراءة في الأقداس
سماءٌ مشرعةٌ لرهبنةٍ بلا ضفاف
فبأيِّ غزلٍ يًرتَّل فيهما الشعر؟
إذ يمنحان الحنان للأرض
والندى لجفاف التلال
ليتك تعلمين أني أبعد ما يمكن عن...
إطلالة العام السابع والخمسين
■□
عُمرٌ يُعبِّد دربه حتفا
سَفَرٌ يقود خطاه للمنفى
خمسون لم تبلغ بسابعها
إلا لتضرب كَفَّها كفَّا
ومضت -بباصرةٍ كما بُعِثت-
حُلمًا هوى لم يُدرك النصفا
آبٌ على أُسُدٍ منجّمةٍ
كذبت وما فزعت لمن وجَفا
وأنا الغريب الروح خانته
رؤياه في وطنٍ بلا مشفى
ما بالها الأيام تشغفُ...
سأُوصيكِ بي
أنا طفلُكِ الغضُّ
في مهد نبوّتهِ الشقيّةِ بخلودك في رئة الدهر
أن امسحي على جفن الجفاف المديد
واهطُلي نسيمًا عفويّا
كي تستعيدَ الأرضُ تكوَّنَ خَلقِها
ويندى النقعُ على عجاف اللهفة
مثل نهرٍ قصيّ
خاصٍّ جدًّا
تكاد الضفّةُ تُعانقُ الأُخرى
بقفزةٍ واحدةٍ
حينما يُذيبُ جليدهُ خصِّيصًا...
هاتي نور وجهكِ لعتمتي
وجيدكِ لكفّيْ
لأحمل خيالاً من كأس الظفر الكبير
وطيفاً من كوثر الفردوس الأعلى
وأهتف بالنصر الإلهي البهيِّ
أرنِ لي
لأُبصر في عينيكِ آيتان للخلد
من بديع الخالق المصور
وباسمهِ اللهم
سأُصلّي لكِ على النبي
مخافة نظرٍ ودود
وأقرئكِ سجعاً مُريدا
وأسرد همس التعاويذ
وأستعيد تلاوة...
أقول جُنِنتُ بك
وأنا ممتنٌّ لغيرتك المكابرة
وهي تكسر خمولك الغجريّ الذي تصالحتُ معه حول مكانتي الغامضة في شرنقة اهتمامك
أقول اشتقتُ لك معتزًّا بصديقةٍ جمعتني بها الصدفة قبالتك في الحديث
ليتغير الدم بمحياك عن اللامبالاة بي
أقول وجدتك
وأنا مدينٌ لنسائي اللائي لقّمنَنِي المجاز والقافية
كي أُسرحهما...
إنه الشِعر في وجيب دمي
على خَوَصٍ
يستدعي ليله من حافة الغيب
بعواءٍ ثاكِلٍ لخيالك
خلف برقكِ في الغَلَس
كذئبٍ شريد
الشتاء لم يفِ بموقدٍ يُؤنَسُ له في بينَكِ إلى هجع الريح
فأيُّ هِضابٍ تأوي هزيع الوحشة
حين لا تُجيب ذئبها سوى أصدية المدى
وهو راهبٌ في بكائه وحيدًا
لا يقنع بشراكة أحدٍ في سموّك
أيتها...
يتنزَّلُ كتابكِ
كأكبر خُروجٍ عن النص
أتلقّاه بسليقةٍ بِكر
لا دُربَة لها
كابتلاء نُبوّةٍ بهبوط وحي
إلى خيال أُمّيّ
فيغدو دمي أكثر مناطق العالم هدوءًا واستقرارا
وأمانًا عن الكوارث
مثل لحظة عثورٍ على ميراثٍ ضائع
أنا الفقير إلى سكبكِ
في قفرِيَ الأزليّ
لا يملك رملي ما يدرأُ رياح قدومكِ
لا صخر لي في...
اربُتي على حُمَّى بوحي قليلا
ليطمئن قلبي على اقتراف ثوابه
ويوقن بموعده مع الكثير من مجد الشعر هنا
حينما تبايعينه على مكابدته
كشاهدةٍ على طزاجة الوحي
بين يديك
كوني حنونةً كما ينبغي لرسولة
قليلًا من الاحتواء يكفي
لوعي المجاهرة بدعوتك
أُرمِّم الدهشةَ في ينابيع غيبها
لأقرأك منقِّبًا عنّي
نحو أنايَ...
إنّ من أصعب ما يواجه الشّاعر لحظة تدفّق إشراقات المخيّلة، وتوالد الصّور الشّعريّة لديه بأبعادها الإيحائيّة الخلّاقة الواعية، هي استجابته الآنيّة السّريعة لاستقبال أسراب الكلمات المتدافعة، التي تتحدّى رغبته الشّغوفة في رصف بنية الجمل الشّعريّة، واختيار ما يناسبها من اتّساق لفظي وتآلف مفرداتي،...
فكرة الشعر السامي الذي تصبو إليه أحاسيسنا الذي يتصدر الآفاق ويعلو في سماء الأدب دائمًا هي غامضة أو غير ظاهرة ولا ضفاف لها، ذات وجوه عديدة قد تكون متطرفة عن العديد المألوف أو زاخمة وزاخرة تنبض كما الحياة. أتصيد هذا الفكرة وهذا الإحساس الذي قرأته في نصوص الشاعر المهدي الحمروني لعلني أضفر بقراءة...
يا صديقي
لأن الإبل لم تدع حنينها بعد
أتعبني التوق للتوقُّف عن الشعر
والتقصِّي عن مزاجٍ شفيفٍٍ آخر للماء
لأن الريح الشاهقة في الصحراء
متصالحةً جدًّا مع صعلكة الفكرة
ليتنزّل النصُّ مغسولاً ب"ميلق" القريحة
مثل أطايب العُشب الزاهد على أطراف الجفاف
يا صديقي
لم تتوصَّ بقلبي
وأنتَ توصيه التوكأ على من...
يهطل مثل شلّال كوكبٍ ما ورائي
يتنزّلُ كفايةً عمّا سلف ذِكره في الكتب
صوتها الذي أنضجته نارٌ هادئة في الخلق
معجونًا بصهيل مُهرةٍ وليد
مُجنَّحًا بالضوء والعطر
كبُرهانٍ من الرب
ونهرٍ من جبال الأساطير
موصًى عليه من الرسل في معراجهم
روته التفاسير عن أقداس إصحاحها
والأحاديث في أوج تدوينها
مُعنى بذهول...