فلسفة

لي صديق من أفاضل العلماء يحب أن يجادلني على الدوام، فنلعب بالمعاني والكلام؛ ومن أساليب جداله قوله (أين المنطق)؟ ومررت منذ أيام بدار الرسالة فأعطاني الأستاذ الزيات كتاباً في المنطق صدر أخيراً لأكتب عنه. فرحبت بالفكرة، وقلت في بالي سأستفيد من هذا الكتاب الحديث فهو آخر ما صدر في هذه الأعوام،...
كتب ديكارت إلى الأميرة اليزابيث رسالة بتاريخ أول سبتمبر سنة 1645، قال فيها: (إننا لسنا نجد فرداً واحداً لا يرغب في أن يكون سعيداً، ومع ذلك فإن عدد الذين ينالون السعادة فعلاً عدد ضئيل، لأن كثيرين من الناس لا يعرفون الوسيلة التي بها يحققون لأنفسهم السعادة). وليست سعادة الإنسان - في نظر ديكارت -...
ثبتت الخرافة كذلك دعائم الملكية الشخصية وحفظتها، إذ مما لاشك فيه إن هذه الملكية متأخرة في الوجود عن الملكية العامة، فالناس عرفوا متاع الجمعية ومال القبيلة قبل أن يعرفوا مال زيد وعمرو. والملكية العامة نفسها ظهرت في شكلها الأول على صور الملكية المقدسة، فنشأت في أعمال الخرافة وتربت على حسابها. وقد...
أخذت ألتمس الناس رجلاً فرجلاً وأنا عالم بما أثيره في الناس من غضب كنت آسف له وأخشاه، ولكنها ضرورة لم يكن عن المضي فيها محيص. إنها كلمة الله، ويجب أن أُحلها من اعتباري المكان الأسمى، فقلت لنفسي: لابد أن أحاور أدعياء العلم جميعاً لعلي أفهم ما قصدت إليه الراعية. وأقسم لكم أيها الأثينيون أغلظ القسم...
لعل المشكلة التي تلبَّست، كما شهَّرت عبارة ديكارت وهي المعروفة بـ" الكوجيتو " كانت موجودة قبله، وهو من صاغها، ليطرحها كي تنتقل ليس إلى الآخرين ممن يتكلمون لغته " اللاتينية- الفرنسية " إنما كل اللغات، وهي : Cogito ergo sum ، لتتنامى بعده، ومن بعدنا، أي " أنا أفكر، إذاً أنا موجود "! لا بد أن...
(صفحة مهداة إلى الآنسة المهذبة (أ. م.)) في ظلال الوحدة القاسية، ومن خلال الحياة العقلية الباردة، أرسل نيتشه صيحته العالية: (إن ما تسمونه الحب، ليس إلا سلسلة من الحماقات القصيرة المتتالية. أما الزواج فهو الحماقة المستقرة الكبرى التي تجيء خاتمة لتلك الحماقات)! وليس من عجب أن يعلن نيتشه مثل هذا...
تمهيد: في آخر كتاب لســـــتيفن هوكينــغ الموسوم ب «التصــميم العظيم «الصادر عام 2012، نجد إشكالية الواقع مطروحة بحدّة[1]، فالسؤال الذي يوجّه ستيفن هوكينغ في جزء مهمّ من هذا الكتاب، هو التالي: مـا هو الواقع؟ وهذا السؤال يحيل إلى إشكالية أعمق و أعمّ تخص "الواقع" بأل التعريف، سواء من حيث ماهيته...
اسمحوا لي أن أذكر أنه سبق لي أن قدمت- في إطار آخر- اقتراحات واضحة حول دور المثقف في المجتمع، فسواء أكان محافظاً أو مجدداً أو مبتكراً فإنه يقوم بعدة وظائف متفاوتة منها: وظيفة بيداغوجية، تقنية: إذ يُمرس غيره على قضايا الفكر والفن، بحيث يعطي المثال بنفسه. وظيفة اجتماعية: فسواء أكان ملاحظاً أو...
بالرغم من اختلاف عصري كل من المفكرين الكبيرين (أوريليوس أوغسطين) قديس المسيحية، و (الغزالي) حجة الإسلام وزين لدين؛ فإن بين الرجلين تشابهاً يكاد يكون عجيباً. تشابهاً في الحياة الخاصة، وتشابهاً في الحياة العامة وفي التفكير والإبداع، حتى في الشخصية تكاد تلامس روحاً واحدة في جسمين مختلفين. عاش...
- مالي أراك يا بني مزوراً عن الدرس نافراً؟ - أخشى، يا أبتاه، أن يثقل على سمعي فيثقل ذلك على نفسك، فما لشبابي الغض وهو في شرخه وعنفوانه ولهذه النظرة البائسة العابسة، وهي نظرة المدبرين العاجزين - انظر يا بني إلى هذا الفضاء الطليق، وأرسل بصرك في أرجاء الكون الفسيح. . . أو ينقص من عنفوان شبابك يا...
✍ كما انتهى عصر السرديات الكبرى في الفلسفة ؛ وعصر العالم (بكسر اللام) الموسوعي ؛ وسقطنا في التخصص الدقيق وتقسيم العمل وفق الرؤية الرأسمالية التي أشار اليها آدم اسميث في كتابه الشهير ثروة الأمم ، كذلك بلغنا عصر التأليف الشذري. وعصر الأطروحات العلمية الشذرية. ماذا أعني بذلك... لقد انتهى عصر الكم...
لم تكد تقذف الحياة بهذا الإنسان فوق ظهر الأرض ضعيفاً خائراً، حتى دأب المسكين يسعى ويلح في السعي كلما ألحت عليه ضرورة البقاء، ولم تكن الحياة حين ألقت به رحيمة كريمة فلم تبسط يدها في العطاء بحيث تمنحه من قوى التفكير والغريزة ما يرد به غائلة الضرورة واعتداء الطبيعة في سهولة ويسر، بل كانت مقترة...
ومن أحق من الفلاسفة بالبعث العاجل والنشور السريع؟ وهل تظن أن تلك القبور الضيقة المقفرة تستطيع أن تضم في جوفها هذى العوالم الفسيحة العامرة حينا طويلا من الدهر؟ أفتظن أن تلك الأجداث الشرهة التي لا تنفك فاغرة الأفواه تلتهم الفريسة تلو الفريسة بقادرة على سحق هذي العقول الجبارة، وأثارتها نقعا تسفيه...
تمهيد وثبت الفلسفة في عهد الإغريق وثبة جريئة، كانت من غير شك شذوذا نابيا لا يستقيم مع طفولة العقل عندئذ، ولا يتفق مع سير الإنسانية الوئيد المتثاقل. وما ظنك بثلاثة من قادة الفكر وأفذاذهم البارزين الذين لا تزال فلسفتهم إلى هذا اليوم موضوعا للبحث والدرس، واغلب الظن أنها ستظل موضوعا للبحث والدرس...
تطغى على العالم موجة مادية تجتاحه أصولاً وفروعا، وتريده على أن يحمل تراث الإنسانية الأدبي، منذ فجرها حتى اليوم الراهن، فيأخذ سمته نحو أليم، فيلقي بذلك التراث في لجة مالها من قرار، ثم يعود وقد أزاح عن كاهله ذلك العبء المضني من دموع الشعراء وأنينهم وهزّات نشوتهم وسرورهم، وغير ذلك من نزوات الطفولة...
أعلى