أريج محمد أحمد

أنا امرأة بلا مرايا فكيف آتي اليك، وقد تهشمت مرآتي؟ بلا إنعكاس ولا نظرات رضا هذا إعلانُ موت! وخط المشيبُ جدائلي على طولِها و حنجور كحلي استعضتُ عنه بهالتين من سوادِ السُّهاد و مطاردةِ الأحلام والقمر هجرَ لياليّ وأهداني السواد سِتارةَ حدادٍ بقيت معلقة على نافِذتي ، أرتديها في سكونٍ صارِخ، إذ...
أنا في الهروبِ مُسافرٌ.. أقتاتُ صبركِ و إنهمارُ الدمع من عينيِكِ يسقيني الظمأ... أستلهِم الكلماتَ عجزاً سافراً (وترُدَني)... لا ترتضِي فيكِ الحروفُ تجهماً وتعللاً... لا تقبل النسماتُ هجرَكِ عُنوةً فيصيب نُضرتك الوهن... لا هجرَ يغزو ذلِك الوطنُ المُعلق في العيون... لا غدرَ يُشبِه ذلِك...
عفواً صديقي لا تمد يداً فأنا أبكي بشكلٍ معكوس تنهمر دموعي إلى الداخِل عصية على المسح عفواً صديقي فإنها مأساتي مُفصلةٌ على مقاساتي فإن ضاقت ستخنقني فلا جدوى مِن مواساتي و إن وسعت غرِقتَ وفي الحالين لاجدوى مِن مُناجاتي سألبسها مُبطنةً بغدرٍ غاص في ذاتي مُشربةً بلون الخوف و التزييف مُزركشةً بآهاتي...
مشهد أول ... ألقى حجراً في الماء مُعكراً صفوه مدَّ بصره للبعيدِ متأملاً إستيقظتُ اليوم مبكراً على غيرِ عادتي عصفور على شباك غُرفتي يملأُ الدنيا غناء الغريب إنني كنتُ أسمع هذا الصوت كل صباح ولكن لم أكن أعتقد انه حقيقي ! ظننتُه بعض من هذياني الذي لا يفارقني حتى و أنا نائم لأستفيق...
طلبت منه أن يضعها بين محتويات حقيبة رحيل أشواقها اليه منديلاً مُحملاً بزهرات الاقحوان وسألته أن يتلقاها كلما أمطرت السماء حبتين من المطر ووعدته أن تذرفهما من عينيها ... الحب في حقيبه ... عقدٌ من الصدف لم يفارق جيدها لسنوات ... خصلة من شعرها تميمةَ حبٍ يضعها في جيب قميصه قُرب القلب تماماً ...
قبالتك كما كُنا قبل شهرٍ و ثلاثة أيام و نصِف نهار... ظِلي مُمدد على قبرِك... تذكرتُ تذمرك من حرارةِ الشمس دوماً و نحن نقطعُ المسافات يداً بيد مُتسارعي الخُطوات نحو غدٍ كان يعرفُ تماماً إنه لن يأتي ... أشتري الصحيفة كل يوم لتهنأ بظلٍ مائل على جبينك وخدِك الأيسر ذات الصحيفة إحترقت بنار نعيك في...
عبثاً تحينتُ الفُرص كي التقِيك ... سيرت قافلتي صيفاً شتاءً علها في غمرةِ التسفار تُوصلني اليك ... وصنعتُ ساعاتَ الرِمال شواهداً ... على الزمنِ العصيِّ يمرُ ركضاً وكل أيامي أنا وقف ٌ عليك ... عبثاً نثرتُ خيولَ الكلِم غاديةً اليك ... وجمعتُهن روائحا ظمأى يُكابِدن الأسى أن لا عليك ... ويلي...
أنا مُقيدةٌ ... أظنني في الأسرِ منذُ زمنٍ بعيد ... أخافُ مِن كُلِ شيء ... أرتبِك اذا شعرتُ بنسمةِ الحُرية تقترِبُ مِني ... أظنني نسيت كيفَ أتنفس خارِج جُدران أسرِي ... في داخلي شيءٌ يكبُر رغم كل شيء ... أهابهُ كثيراً ... أشعر أنه سيبتلعني ذاتَ يوم ... وتبقى جدرانُ الأسر مُحيطةٌ بطيفي ... الآن...
امتلأ دفتري الزهري ... ليس غريباً ولكن أن تكون نهايته التي لم تكتبْ فيه هي البدايةُ هنا هذا ما إسترعى إنتباهي ... بدايةٌ وليدةُ نهايه ... كان زهرياً و الجديد رمادي !!! ... أقف دائماً أمام هذا اللون وصفاً وصِفةً ... خليطٌ من الوضوح الشديد أسود و أبيض كيف يمكن أن يكون بهذا البُهتان ، و إن...
ليتَك أتيتَ بالأمس ... حيثُ كان القلبُ وردا ... و العُيون سِفر عِشق يضج حرفاً و إحتضان ... كانت الوردة تتفتح كُل صباح فتسبحُ قُزحية عيني حِيناً في البنفسج و الأُرجواني ... ليتَك أتيتَ بالأمس... فلقد كانت لِروحي نافِذةٌ تاهت مِني أتلمسُ الجُدران داخلي فلا أشعر بتحليقِ يدي خارجِها ولا تُداعِب...
عشرون عاما ... كانت أرضا بيني وبينك ... إحتضنتَها بين جنبيّ ... بذرتُها من خصِب روحي وروداً وياسمين ... كنتُ أُرسِل ناظريَّ كل يومٍ أراها ملونةً وحُبلى بسعادةِ الإقتراب ... تعهدتها سُقيا مِن عذِب أحرفُي لك ... نثرتُ عِطري في أرجائها قُرباناً يسألك الرِضى والقبول ... عشرون عاما ... لم...
قد تأتيكَ الأشياءُ صادمةً قاتمة ... تقصِمُ الظّهر ... تشعُرُ فجأةً ... أن هُناكَ فجوة ... مكان القلبِ تحديداً ... ليدخُلك الفراغ ... مقصومُ الظّهرٍ ... قلبُك فجوة ... وكُل ما حولَك يمضِي ... بِسلام ... الاَيامُ وساعاتُها والبشرُ و تفاصِيلهُم ... لستَ ميتاً ... فعلَتها الرُّوحُ ... وتخلَتْ ...
أُصلي لأجلك ... صلاةٌ لكَ وحدك ... من دون العالمين ... بلا تراتيل أو ترانيم ... صلاةٌ لأجلك ... تقدِس الرَّبَ وسِرهُ ... وقُدرته على الخلقِ أجمعِين ... صلاةٌ تُقيمها الروح ... مكللةٌ بالدموع ... لِتعبر بها كل المِساحات و كل الجِراح ... تُزاوجُ القُلوب تحِلُها كرسُلِ السّلامِ والسّماح ...
الأمكنةُ ... تسافر وتنتقل ... تتجولُ في خفة الفراش ... تنسلخ من حالة الجماد وتحيا بارواحنا ... تتماهى في وجدان كل منا فلا انفصال ابدا ... (جُغرافيّاً هي نقاط على الخرائط عند تقاطع خطوط الطول والعرض) ... تنتظرنا ... ربما عبرناها آلاف المرات ولم ننتبه ... فقط عندما تخطوها القلوب وتغمرها...
ذات مساء ... هي وفنجان قهوة... على نفس طاولة السنة الماضية ... ومن البعيد صدى خطواته المتباعدة ... يصم أذنيها ... وضعت الفنجان فارغا ... تساقطت عبرات سوداء ... نما التوليب الاسود على كفتيها ... تنهدت بارتياح ... وغادرت ... أريج محمد احمد _السودان

هذا الملف

نصوص
107
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى