أريج محمد أحمد

في الثمانين مِن عُمري لن أرغب في شيءٍ سوى جذع شجرةٍ معمرة تُشبهني .. في أخاديدِ التّجاعيد تنامُ ضحكات الصِّبا وآثار أقدامٍ مِن الماضي المُختبىء في ارتكاساتِ الحنين وأذرعٌ مفتوحةٌ لآخرها تمنحُ الظّلَ وتعكسُ في مداها فكرةَ الحرمانِ مِن تثني الإحتواء أسندُ ظهري عليها وأبدأ في العدِ...
منذ أيام والعتمةُ تُقيم في عينيّ والحرفُ يفترشُ ناصيةَ الوجع ويدي تتلمسُ جُدران الفراغ ِ خوف الإصطدام ... أفتقدُ السّماءَ ونجومها الطرقات وأعمدة الإنارة رفيقة العشاق أنيسة الأرصفة .... يبدو كل شيء جافاً يتكسّرُ عِند عدم قُدرتي على رصفِ الحروف تتطايرُ الصّور بعيداً عن مُخيلتي فيهزمني بياض...
سألتقيك ... مازال هُناك مُتسعٌ مِن الوقت والكثيرُ مِن البراح في مخيلتي الفارهة الحضور سألتقيك رُبما في واحدٍ مِن البيوت التي شيدتها في طفولتي بلا جُدران تُطل على عالمي المحفوف بنضارةِ دوالي العُمر كنت وقتها أرتدي حِذاء أمي عالي الكعب وأتعثرُ في مشيتي عندما تأتي لا تضحك مِن منظري فقط إنتظر حتى...
أضعُ عقلي على الرّف العلوي مِن البرادِ وأشدُ المريلةَ على خصرِي أديرُ المؤشر للحد الأقصى ومع كُل درجة برودةٍ تطعنُ في فرطِ نشاطي العقلي يتماثلُ جسدي للهدوء ... يبدأ الحفلُ في رأسي الفارغ إلا مِن حركات ِ الرقص الشرقي أرتبُ خطواتي على الإيقاع لا أسمعُ إلا جسدي أرقصُ أرقصُ فيصفق...
استوقفني كثيرا عنوان رواية (عطر البارود) للروائي الارتيري الأستاذ هاشم محمود، وخلق لدي تساؤلاً عميقاً لجمعه بين نقيضين في عبارة عجيبة غريبة جدا، فكان لا بد من القراءة لكي أتمكن من الحصول على إجابة مقنعة، ولكي أصل من خلالها لمعرفة كنه هذا العنوان، وإن كان الكاتب قد وفق في إختيار هذا العنوان...
هُناك حيثُ اللاشيء تُرى كيف سنبدوا هذا العالم كبيرٌ بما يكفِي ليجعلنا نتذوقُ طعمَ التلاشي سأدعوكَ إلى مقهى على ناصيةِ كذباتي الصغيرة المدونة في ذاكرةِ أمي تُقدِم التنويمَ المِغناطيسي جنزيراً مُعلقاً في وسطِ السقف تتدلى مِنه قطةٌ مقطوعةُ الذّيل ستنامُ خوفاً أو ستخافُ نوماً نمْ الآن...
حينما يجوعُ الليلَ لا يجد ما يسُد به رمقَهُ يبقرُ بطنَ المدينةِ يُحدث دوياً هائلاً إنفجار يعقبُه سيلٌ مِن أفواهٍ جائعة ينهشُ سيقانَها العارية يجوبُ الأطراف تبدو آثارَ الجريمةِ عليه أصابعَ طفلٍ مشرد عظميةَ الملمسِ وباردة باردة جداً كموت تُصيب دفئه الكاذِب َ بنوعٍ مِن الإشمئزاز ... وضحكات...
عندما تكتُبني القهوة.. سأجربُ أن أكتب على ورقةٍ سوداء علها تمنحُ أحرفي شيئاً مِن الدِّفء هُناك صقيعٌ يدقُ ناقوسَ الخطر ... أخبرتني العرافةُ التي تسكن كهفاً في مُخيلتي بأن الأبيضَ سيملأُ محبرتي ذات قصيدة... ظللتُ قرابة عامٍ أغمسُ سبابتي فيها وأسخرُ منها يالكِ مِن عجوزٍ خرِفة واليوم فقط...
كل يوم أتسللُ عبر النافذةِ حصانٌ أبيض يفردُ لي جناحَهُ أتزحلقُ بهدوءٍ أستقرُ على ظهرهِ ينتفضُ كالعنقاء ويُحلق بي كلُ الفضاء مِلكي والعتمةُ إسفلت الدهشة ِ مجوهرةً بالنجوم ... تتقافزُ الأحلامُ فوقها تلتقطُ النجمات تعبرُ النوافذَ وتزرعُها بالرؤوسِ المُثقلةِ بالنّعاسِ و الأرق يتدفقُ...
حِوارٌ بين الرُوحِ و الرُوح ... بين القلبِ والقلب ... وكُل حواس الجسد ... أراكِ، أشتَمُ عِطرَكِ، أُلامِسُك و أسمعُك وقُبلةٌ قبلة أتذوقُك ... * بُعد عاشر بعدَ اللّانِهاِئي ... مجال يجمعُني معك ... مداراتٌ تعوزُها نِقاطُ الوُصول إليك...
تبدأ الروايه أحداثها بجريمة قتل يرتكبها البطل مما يمنح القاريء دفقاً قوياً من التشويق و الإثارة لكشف مجاهلها معتمداً أسلوب الفلاش باك او الإسترجاع والإستباق ايضا مما يجعل الزمن يتراوح ما بين الماضي والحاضر متعرضا لكل الاسقاطات الواقعة على الشخصيات ومجتمعهم والمناطق التي عاشوا فيها... تقع...
أنا كومةٌ مِن ورق أشقى بحرفِكَ يغتالُني وضح النّهار ... يشربُ العالمُ قهوتَه على تفاصيلِ كلمة أُحبِكِ حينما تُرسلها لي مع دفقةِ النور الأولى (قُبلةً و عِناق ) لتكتُب على جِدارك (حبيبتي عِند الصّباح وردةٌ يلون اقترابي خدها ونجمةٌ تفيقُ في فراشي سماؤها أنا) حبيبتي أنا ....
تخونني قُدرتي لُغتي رعشتي أنا امرأة يهزمها حُبك في الليلةِ عشرات المرات لتصحو منتصرةً على قيدِ المسافةِ و الممكن .. !! أحزمُ أمتعتي سنديانةً و مقطع موسيقي والآحِق دُخان سجائرك عبر الأثير علّهُ يرسِم لي خارطةَ طريق فالبوصلة بيدي وسهم كيوبيد يأبى مُفارقة قلبي فتختلجُ الإتجاهات أضيع تتنهدُ...
حينما أخبرتُ شجرةَ الزنزلخت انهم يصنعون أعواد الثّقاب منها ثُم يعودون لإحراقها بها لملمت ظِلها وتركتني مغروساً وسط خوفها ..... شربَ البحر حتى إرتوى وحينما تثاءب فاحت رائحةُ الغرقى فسلم نفسه إلى الشمسِ بُخاراً ليعود مطراً طاهراً ..... تصدعت الأرضُ وفتحت أحضانها ولم تترك قطرةً...
بعضُ القطارات لا تصل أبداً رغم إمتداد القُضبان رُكابها يخشون الوصول أو ربما النهايات ينفد الوقود يُفرغون الحقائبَ في جنون يُعبئون خزانَ الوقود بقواريرِ عِطرهم وحينما يعمُ الأريج تتشابك العيون وترقصُ القلوب وتمرحُ القبلات في عرباتِ القطار مُغلقةِ النّوافذ هُناك مَن يُعبئون ذات الخزان مِن حقائبِ...

هذا الملف

نصوص
101
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى