د. سامي عبدالعال

لا تسود الخطابات( شكلاً واسلوباً ومرجعيةً ) بصور متشابهةٍ إلاَّ في ثقافة التقليد. تلك الثقافة التي نتعثر في منزلقاتها بحكم أنَّها تحدد جوهر الأفكار المتداولة. ولا سيما أنَّ تاريخنا الثقافي العربي يمثل عصوراً من السلفيات وأقنعتها التي تُسلّم إحداها إلى الأخرى بالتتابع، حيث لا يستطيع المُتلقي...
من حينٍ إلى آخر، تتصايح حناجر البعض بضرورة تجديد الخطاب الديني، ويرى آخرون أهمية تجديد خطاب التنوير، بينما يؤكد سواهم على مراجعة خطاب الفكر، حتى غدت الأصوات بضائع راكدةً على أسنة المنابر والمنصات العامة. كأننا في ورشة لغوية ضخمة بحجم الحياة تجاه الثقافة التي لم ولن تستقر. وقد يكون مطلوباً هذا...
تاريخياً، لم يكُن التسامح خالصاً للإنسان بما هو كذلك، لأنَّ السياسة تعتبره أحد وجوه الهيمنة الناعمة على المجتمعات. حيث لم تتراجع الأنظمة الحاكمة عن هذه المنحى طويل الأمد، ولو كان الأمر بإشاعة ثقافةٍ تلتقي مع أهداف سلطتها بطرق مراوغةٍ. في كلماتٍ واضحةٍ: سيكون التسامح محدَّداً بما يُراد له أنْ...
" عندما تريد الثقافة العربية التّحلُل من وجود الآخر، تحيله إلى مجرد تابعٍ اخلاقي..." " المفارقة أننا نتحدث عن تسامح بلا تنويرٍ مما يجعله مهدداً بالإكراه والصراعات ..." " يجب أنْ يكون التسامحُ فعلاً إنسانياً حُراً من أجل الإنسان لا غير ..." تقديم: يشكِّل التسامحُ إطاراً ضرورياً للحياة...
يبدو أنَّ مجال السياسة باتَ مجالاً لإنكار الواقع طوال الوقت، فأحد أوجُه السياسة ألَاَّ تخضع لقوى خارج حدودها وبالوقت نفسه ترسم صورة الاحداث انطلاقاً من مركزيتها. لو أردنا تعريفاً آخر للسياسة بخلاف إدارة الشأن العام، فهي خطاب الانكار الدائم الذي يبرر الأحوال القائمة، أي هي برامج عمل واسع لإبقاء...
" الأم هي الحياة حين يختفي كلُّ شيء.." " كانت الفلسفةُ أُمّاً للعلوم ورغم ذلك تجاهلت وضع الأم كسؤالٍّ بلا إجابةٍ" ماذا لو طرحنا سؤال الأم بصراحةٍ فلسفيةٍ؟ هل تكشف الأم عن شيء جديد للتفلسف؟ كيف يتم التفكير فيها وما أهم القضايا التي تفرزها؟.. لم يناقش الفلاسفة " مقولة الأم" بشكلٍّ بارزٍ رغم...
" الأوهام وسائد وثيرة تأخذ عقولَّنا إلى نوم عميقٍ" " حتى لو كُّنا نحن زارعيها، ليست اللغة إلاَّ أرضاً تنبت الغرائب حدَّ الإدهاش " في عبارته النافذةِ فلسفياً، يقول أوسكار وايلد:" الأنا هو مَوضِّع لأوصافِ الآخر واختلافاته، وكذلك هو لوحةٌ لنقراتِ أفكاره، حتى أنَّ العواطف- التي هي أخص ما...
في حوارهِ الأخير عام 1966 مع مجلة دير شبيجل Der speigel الألمانية والذي نُشِر بعد موتهِ بناء على رغيته، قال مارتن هيدجر: " وحدُه إلهٌ فقط باستطاعته انقاذنا. وفيما أعتقد ليس لنا إلاَّ الفكر والشعر لتهيئة ظهوره appearance أو اختفائه في حالة سقوطنا decline: ذلك أننا سنهلك بلا معنى meaningless في...
" ليست اللوحات الفنية جغرافيا للألوان، بل وطنٌ للجمال والحياة...." الأثر، الجمال، الدلالة في الأعمال الفنية المُبدعة هناك أثر جمالي ما. ليس هو الخطوط، وليس هو الألوان، ولا يعدُّ مظهراً للعلاقة بين مفردات اللوحة، وربما لا يمثل بنية صورية تحط على معالم الرسم. ولكنه طاقة إبداعية لها...
بعضُ الخطيئةِ– كما يوضح تاريخُ الأديان- يُشبِه الأوبئةَ لمَنْ يصادفُها. الاجتياح واحد والفعل واحد وكذلك ردود الأفعال واحدة، هذا عدا تأثيرهما الذي يتجاوز الأفراد ... هكذا قد يصور رجال الدين خطورة الخطايا التي يرتكبها البشر، يصفونها بلغة العدوى معتمدين على نبرة التعميم ويقين النتائج وانتظار...
في دائرة التداول العام، من يُعطِّكَ حبْلاً، ضَّعه( لِفه) حول رقبتهِ. تقول الأمثال الشعبية" من ذقنهِ وافتلْ له" كأحد الأساليب لكشف تناقضات المتحدث( الكاتب/ الخطاب) ونقض مبرراته وإظهار زيفها. وبخاصة إذا كانت صيغ الكلام عنيفة ولا تترك المتلقي وشأنه إنما تلاحقه بقيود غير مرئية. إنَّ أعمق ما يُفكِّك...
كمْ راجتْ مقولةُ: "السياسة فن الممكن" art of possible ردحاً طويلاً ومازالت، تعلقت بما هو متاح، رسخّت احتمالات بعينها( هي الممكن لا غير). وبدا الحاكم العربي مهتماً بإدارة ممكناته كما يدير خِرافه الضالة، لأنَّ مقولات الأنظمة العربية بمثابة الخبز السياسي الوحيد، يعجنونه بماء القهر ليلاً ونهاراً،...
تبدو المجتمعات عاريةً كأشجارِ الخريف، عندما تفتقد الأسئلةَ الضرورية لحياتها. الحياة بدون أسئلةٍ مجرد أوقات تصادفُ أخرى بلا آفاقٍ للمستقبل. من هنا كان السؤال خارج التوقُّع، كما لا يُطرح في الغالب إلاَّ بمهامٍ أكثر جذرية. إنَّه يصوِّب سهامه المارقة نحو الحقائق الإنسانية التي لا تتزحزح. والمثير...
البحر معنى، فكرة، حقيقة، كذلك خيال وأوهام، هو الكائن واللاكائن، الحياة والموت... إنه يشكل رقعة أحلامنا وهواجسنا.. هذا التناقض هو مجمل صورته. لماذا لا يكون موضُوعاً فلسفياً؟! كيف نقرأ دلالات البحر ( في اللاهوت والفكر والسياسة) بحيث يكون لدينا تاريخ فكري للماء؟ إذ اعتبرت التقاليد الفلسفية أنَّ...
ليس هذا السؤال ساذجاً رغم أنَّه مألُوف الطرح، وفيما يبدو لن تكون إجابتُه بسيطةً. صحيح أنَّ الكراهية جزءٌ من نسيج الحياة الإنسانية، وأنَّها جانب مُراوِغ يتم تبريره على مستوياتٍ عدةٍ، ولكنها لا تُعْطّىَ مجاناً، فهي ليست واقعةً عشوائيةً. إذن يتجدد الاستفهامُ بطرقٍ أخرى: لماذا تكره( أنتَ) شيئاً ما؟...

هذا الملف

نصوص
157
آخر تحديث
أعلى