قصة قصيرة

ـ 1 ـ صحوت على زقزقة عصفور فى داخل الحجرة . لمحته ـ وأنا بين اليقظة والنوم ـ فى زاوية السقف . بدا كحلم بجسده الصغير ، وزقزقته الجميلة ، وريشه المتداخل الألوان .. أسرعت بإغلاق الباب والنافذة . أرهقنى حتى استطعت أن أمسك به . ـ 2 ـ عدت إلى البيت ، وفى يدى قفص من الأسلاك...
روزنامة الريفيين تشير إلى الشتاء القاسي بصقيعه, وهاأنا أتحسسه بوجع أطرافي من قضمات أسنان الصقيع. قررت اليوم أن أحمل ما بقي من جسدي سليماً من قضمات البرد إلى ملجأ يحميني, وعلى ظهري كيس اللبان. أحث خطوات روحي على المضي, أفتش في ذاكرة الأماكن, و أستنشق رائحة استراحة الظهيرة, ورائحة زيت شعرك تفوح...
عندما أشرقت شمس قرية الصَّفافة، كفَّ الديك عن الصياح، فيما استمرت العصافير تزقزق بسرور” فرحانة بالنور...ماأجمل الضياء “.‏ كان الهواء طرياً يعبق برائحة التراب حتى ليمكن جس نبضات قلوبه. حملت النسائم صوت رباب المخملي. كانت تغني في شبّاكِ دارها.‏ صباحُ ساحر..‏ من الوديان طلعت كثبان الغمام مثل أسراب...
أشرقت شمس اليوم الأربعين، شمس بوجهٍ كئيب، انتهت فيه مراسم العزاء وعدت أحمل بين يدي سلسلة مفاتيحها التي عهدت بها إلى قبل موتها، دخلت غرفتها، توجهت إلى خزانتها، أدارت أحد تلك المفاتيح في قفل الخزانة، فانفحت، وانبعث من بين تلك القمصان عبيرٌ فواح، حملني على تذكرها. لقد أضحت مؤخراً هزيلة وشاحبة،...
- قال الطالب: الحمد لله أن قامت الثورة حتى أتغيب عن المدرسة، فالمدرس كثير الشرود والكلام عن الخصومات التعسفية من راتبه والطلاب من يعرف المدير وله قرابة فهو المميز والناجح والمنهج مكرر ولا يحتاج لأكثر من خمسمائة ريال انقدها للمراقب وقت الاختبار أو الجلوس قرب ابن المدير أو المعلم. - قال المعلم...
تلك الأصوات التي أسمعها يومياً من خلال نافدة غرفتي, قد اعتدت عليها. لكن أن تصحو يومياً على صوت جارك فهذا شيء مزعج. على شجرة غراب, يكاد يكون نفس الغراب الذي أشاهده يومياً, أطل جاري من نافذة بيته وقال يحدثني بلكنة متذمرة : هذا الطائر اللعين, إنه يتعمد يومياً أن يزعجني. لم أعلق على حديث جاري ولو...
كنت على موعد معها. قالت أن لها أشياء مهمة ومستعجلة لابد أن تحدثني بشأنها. تلك هي طريقتها دائما، لتجبرني على تلبية دعوتها لشرب فنجان قهوة وتجديد اللقاء بي. لقاء غالبا ما ترتب تفاصيله بينها وبين نفسها وتباغتني بالدعوة إليه. وصلت إلى المقهى قبل الأوان بحوالي ساعة. فقررت أن أتفسح قليلا في محلات...
نط "ثهوان العزير" إلى وسط الطريق فارداً ذراعيه، فاضطر سائق الحافلة المتوسطة إلى الدوس على الكوابح بشدة، فسُمع صوت زحفها على الإسفلت في الحي كله، وانقدح الشرر من عجلاتها. هرول "ثهوان" وصعد إلى الحافلة، متجاهلاً شتائم السائق البذيئة بحق أمه، وحين لم يجد مقعداً شاغراً، وقف عند الباب ورأسه خارجاً...
"لعيون ذكّرتْني بغابِر الأيام"... نسجتُ عنوانا لجميلِ الأحلام وتأبَّطتُ حزني والأسى وبدأتُ رحلة التّيه في عالم أثخَنني بالجراح واستكثرَ عليَّ أن أكون شاعرَا. سرتُ مُتعثرا في ظلمة السّراديبْ، فعسكرتْ في دواخلي مخاوفُ الأزمنة وعشّشتْ على جدران روحي غربانٌ بوجوه الخطايا. كتمتُ عن الكون أسرارَ...
إنه خلفي تماماً، يفصلنا مقدار خطوة لا أكثر. لا أشعر بمدى دنوه مني في البداية، فقط عندما يوشوشني بأن المنحوتة الفرعونية التي أمامي تعود إلى المملكة الحديثة. أدرك كم هو قريب. أكاد أحسّ بدفء أنفاسه في برد القاعة. رطوبة يخلفها همسه على رقبتي من الخلف. ونفحة من رائحة معجون أسنانه مختلطة بحموضة فمه...
النافذة مفتوحة ينبعث منها ضوء ينصب على الزربية الحمراء. لون أبواب النافذة جوزي. الزربية تتوسط الغرفة. مكتب فخم في الزاوية اليمنى تتوسطه مزهرية. أوراق وردية في الجهة اليسرى من المكتب ذي اللون البني الفاتح.. منقوش الأرجل. مصباح للقراءة. أقلام تظهر من بعيد لا ملامح لها توحي بالكثرة وبتعدد الألوان...
"أراد الله أن يعيش وحيداً ويموت وحيداً ذلك الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس." طه حسين. "مع المتنبي" " الله يعلم ما تركي زيارتكم = إلا مخافة أعدائي وحرّاسي" يبتسم أحمد جالساً وحده في عتمة ركن غير مرئي تقريباً. الرجل الذي يعشق الشهرة يتخفّى في لياليه بعيداً عن الأعين. تعيد المغنية البيت...
ستّي: كيف عليَّ أن أسلِّم عليك؟ هل عندكم صباح ومساء فوق؟ هل عندكم أوقات؟ أكتب إليك بخجلٍ يا ستّي. أسباب خجلي عديدة، فمثلاً أنا لا أكتب إليكِ الآن مدفوعاً من ذاتي، من اشتياقي أو حزني أو حبي، وهي كلها دوافع موجودة، وإن لم تكن بالقوة التي أرغب، إنّما أكتب إليكِ مدفوعاً بسؤال طرحوه عليَّ، ليس...
المُعجزة الأخيرة كانت الأشياء التي لم تصلها خيوط الشمس، بعدُ، في أماكنها، كالمعتاد، في هذه الساعة المبكرة من صباح المعسكر. كلّ شيء باقٍ كما وقعت عليه العينان قبل ساعات، إلا في مهجع الجنود. فما حدث لم يحدث من قبل ولن يحدث، إذ استفاق هؤلاء على أنفسهم أطفالاً في سنّ الرَّضاعة، وكل الأسلحة وأدوات...
أعلى