قصة قصيرة

في ذكرى زواجنا الأربعين قررت أن أخرج من نطاق الصمت الذي ظلت فيه روحي لسنوات عدة قررت كسره وأن أنطق أخيرا ولكن بخفية وخلسة بيني وبين ورقتي رفيقة دربي التي لطالما حدثتها عن حياة أبنائي وعن أحلامهم ولكني لم أحدثها قط عن زوجي العاق والذي كفر بحقوقي الزوجية وتجرد من إنسانيته تركني ضعيفة هشة غير قادرة...
في جلستنا حيث لا حدود لأي شئ، حيث يتعدد الإنسان من فيلسوف إلى حكواتي. في جلستنا حيث يحق لك السؤال عن أي شيء، ويأتيك جواب صريح عن كل شيء أو كما وصفها صديقٌ صدوق لي حين قال “إنها غرفة اعترافات خارج جدران الكنيسه قسيسها منتصف الليل“. ذات يوم وعلى غير عادتها كانت الجلسة مختلفه لا طعم لها ولا ريحة...
ارتفع آذان الفجر بنفس النّغمة الأنيقة لمؤذن المسجد …الله أكبر … الله أكبر … فتململ مصطفى في فراشه، فهذا هو التوقيت ذاته الذى تعوّد فيه على نداء أمه معلنة بدء يوم جديد مفعم بالحيوية والحركة، أم مصطفى سيدة فى الخامسة والثلاثين من العمر، ضئيلة الجسم ككل نساء البلدة، لا تكل، ومتعودة على العمل...
(1) هرول الخادم على ضجة صدرت من غرفة الأمير، التي دخلها و القلق يرتسم على ملامح وجهه الذي ترك الزمن عليه أخاديد عميقة، تمتم بصوت لا يخلو بالحرص: ماذا حدث لك سيدي … هل هو نفس الحلم ؟! بعد ان ترك برهة بين السؤالين . لم يمر وقت طويل حتى اندفعت إلى داخل الغرفة السيدة الأم، ألقت بنفسها قريبا من...
أطلت برأسها الصغير الواجف والحيرة تنطق من وجهها.. توقفت هنيهة وبدت عليها علائم التفكير المضطرب.. كان القلق يمزقها والخوف يضنيها والمستقبل يرعبها وليس أمامها خيار آخر دغدغت أنفها روائح البخور المحترق وانعكست في عينيها صور دامعة لشموع مضيئة..كان المكان الذي تجلس فيه أشبه بوكر ثعلب بري.. فقد شذ في...
الرئيسية ثقافة على أرض الصقيع وفي بلاد تآكل فيها النهار وتربع الليل على طاولة الايام مما أخجل الشمس من الظهور ، أتعبته قساوة المناخ حيث سافر قطاره مسرعا الى محطات الخريف ، نذر حياته من أجل شقيقه الوحيد المبتلي بافة الفقر ، أرسل اليه ما حصل من اموال بعد جهد مضني . كان يعد الايام والليالي بل...
انتظرَ كثيراً، تماماً حيث تلك الشظايا تتطاير في كل مكان، وأغمض عينيه حتى لا يسمع تلك الأصوات المفزوعة التي كانت تناديه أن يعود! كان واضحاً أنه يريد أن يموت، فلماذا يكترث الغرباء والجيران لموتنا، وخاصة أنك بعد أن ترضخ لتوسلاتهم، الصادقة غالباً، سيديرون لك ظهورهم بعدها مباشرة وسيكون عليك أن تشرب...
لا يختار الحزن فريسه ، لكنه يختار رفيقه ! وأختار الحزن " مختار " خيرة أبناء الحج منصور ، وأختارت الاقدر مثله ، " مختار" اجمل أبناء الحج منصور ، وأعذبهم ، وأحنهم قلباً فحين أختار الحزن " مختار " جعله يلتحف دوماً بالصمت ، حتى في احلك الساعات التي يحتاج " مختار " ان يصرخ فيها ، إن لم يكن بفمه ،...
أحسّ دبيباً يجولُ في رأسهِ مثل دودٍ جائعٍ ينهشُ تلافيفَ دِماغِهِ الهامد المستسلم طوالَ الوقتِ حتى باتَ هذا الدبيبُ مألوفاً، أوهامٌ عتيقةً وعفنةً ركَدَتْ بعيداً في قعر الرأسِ واستقرّتْ دونَ أن يشعرَ لتبيضَ وتفقس كثيراً من ديدانها القديمةِ، بدا مُتبرماً مما آل إليه الحالُ لا يكادُ يطيق حملَ رأسه،...
*أميرة* فتاة فائقة الجمال .. تغرب الشَّمس إذا أشرق جَمالُ وجْهها الصَّقيل, عُمرها لَم يتجاوز التاسعة عشرة ربيعاً, كانت حياتُها عادية جدّاً .. لكنَّ القدر لم يُمهلها فرصة للفرح مع والدتِها التِي لطالَما حلُمتْ برؤيتها ترتدي الفستان الأبيض، مُحلِّقةً عالياً فِي فضاء السعادة، والحبور .. كما تُحلِّق...
نحنيت بثقلي وثقل عدتي التي أحمل جزء منها على كتفي والجزء الآخر على يدي ، كنت راجعة من المدرسة وعدتي دفاتر الواجبات ، أوراق الامتحانات ، سجل الدرجات ، شكاوى أولياء الأمور ، وبجانبه هم ثقيل يعيي روحي المهلهلة ، وبقايا ذاكرة ، هذا كل ما احمله يومياً في نفس الشارع ونفس الخطوات ، ونفس الوجوه ، حتى...
وضع ضياء نادل البار كأس الويسكي أمام مراد عامر بعد أن حرص على ان يملأه ويهزه بطريقة استعراضية، وكأنه مشهد يومي يتقنه و يمارسه بجدارة وهو يقول : استاذ مراد هذا آخر كأس لك .. لقد شربت كثيراً هذه الليلة .. و قبل أن يفتح مراد فمه ليحتج .. جاء صوت مدام جورجيت : هذا الكأس القادم على حسابي يا مراد...
كانت تتأمل الكأس القابع بجانب المدفأة التي لادفء فيها ولا أموات. لمحتهم يعبرون بنصف الكأس الفارغ كالأحصنة برؤوس بشرية خالية من العيون والأذان، بينما ألسنتهم راحت تلهث في أفواههم."نادتهم"إذاك وجهت نظرها تتأمل الطاولة الواقفة بجانب المدفأة على أقدام شبه مخلعة، تراءآ لها خمسة من الأطباق والملاعق...
تُـرَاودُنِي هواجسُ عابرة أثناء نقاشي مع المدير على امتداد طاولة الاجتماع، لن أتناسى كيفَ نسبَ لنفسهِ إحدى اقتراحاتي؛ لينال رضا الإدارة العليا. كم شعرتُ بالحنق؟ وكم شعر بالغضبِ حينما ترددت أصداء صوتي على مسامع ِأعضاء الإدارة؟ انتشل نفسي من طاولةِ الاجتماع لتطفوْ على سطح الذاكرة صورُ متفرقة...
جَرّ السيد (عاهد) الحقيبة ذات العجلات متزحلقة مزغردة على إسفلت ساحة المطار. لفحته نسمات هواء حار رغم أفول الشمس واندحارها في المحاق. نسمات لم تلسع وجهه منذ مدة. استنشق ملء رئتيه هذا الهواء الذي ما زالت بقاياه مستوطنة في قصباته. ذكّرته هذه النسائم اللافحة بأيام الحصاد وطقوس البيادر ومباهجها...
أعلى