قصة قصيرة

كانت الهدية التي أهدتنا إياها صوفي، أنا وسليم، الجنة التي اصطحبتنا إليها مرات كثيرة. ولم أكد أنا، موسى، قد بلغت السابعة من عمري بعد، وكان سليم يكبرني بسنة واحدة أو أكثر قليلاً. كانت الجنة هي حمّام النسوان، أو الحمّام التركي، في أنقرة. لا تزال تتراءى لي صوفي في مخيلتي وهي تنظر بطرف عينها، فيما...
(14) لم ينم أيهم بعد طرد غبريلا من شقته, بدا ملتاشاً, كأنه لم يستوعب الموقف بعد, راح وجاء في الصالون, في محاولة ناجحة لامتصاص الصدمة, لتحييد مشاعره والحكم بنزاهة على كل ما جرى, دون أن يشرب كأساً, دون اعداد فنجان من القهوة, ودون أن يتناول حبة واحدة من المهدئات, ففي الموقف العصيب, اعتاد أن يروض...
لاتملك أمام هذا النهر المتدفق من العطاء والتضحية سوى أن ترفع له القبعة و تعجب به ، بعد أن يأسرك بطيبته ودماثة خلقه ، وجه مشرق ينم عن عزيمة لاتفتر ويشف عن قلب قلما تصادفه في محطات حياتك ، يفيض بالمحبة والشهامة . خلف بريق عينيه تتلألأ دموع تزاحمت ، ترفض أن تنحدر على وجنتيه ، لتبقى تلك الأيقونة...
إنَّهُ ليلٌ خَاصٌ يَتَضَوَّعُ فِيهِ شَذَا الجِنْس، حيث الإباحة تنضو عنها أستار المحظور، وترخي عنان ما هو إباحي. ليل يذرعه البوّاب الشاب متدثّراً باللهفة، مبلّلاًً بزخّات من شهوةٍ تموت إن تأجلت. وها هو يقرع بقدمين مضطربتين حيّز الانتظار بين وقتٍ كسول يأتي متباطئاً، ووقتٍ يحْرن إن استعجلهُ أحد ولا...
- نحن نمتلك رخصة يا سيدي. هذا ما سمعه من الشاب داكن اللون، لعله جراء عدم الاستحمام، في واحدة من شركات التسويق، التسويق لماذا؟ لا أحد يعرف، لعله التسويق لكل شيء وأيّ شيء. تلك مهنة دخلت مصر في ثمانينات القرن الفائت، عصر الانفتاح، بدأت بشركات توظيف الأموال وانتهت بشركات الياناصيب وبيع ما لا يمكن...
قال يعقوب ليوسف: أخفِ حُلمَك حتى لا يَقتلك. لكن إخوة يوسف كانوا دائمي التفتيش في ذاكرته ومذكراته وموبايله حتى عثروا بالصدفة أو بلعبة القدر الغادرة والتي يمارسها دائمًا الآلهة على الحُلم الجنين؛ فألقِيَ يوسف في البئر حتى يَغرق حُلمه. *** أَخرجَ السقا يوسفَ من البئر ونسى حُلمَه فيه، وذهبَ به إلى...
فراشة رقيقة تطير من زهرة إلى أخرى ، تشبه الحلم ، ضحكاتها أجراس فرح تسحر الألباب و تشيع الفرح أينما حطت ، ناثرة عطرها الفواح في حارات الشام العتيقة ، ترنيمة قلب أمها حيث ترتلها نهار مساء ولسانها الذاكر لايفتر عن الدعاء لها ، سكنت في سويداء قلبها وتربعت على عرشه . قطعة موسيقى باذخة من روح أمها...
الأستاذ قصة قصيرة د.محمد عبدالحليم غنيم دائما ما أصل متأخرا - أذهب إلى هناك كل يوم جمعة - عندما يكون خطيب المسجد على وشك الانتهاء من الخطبة الثانية ، وبمجرد من الانتهاء من ركن سيارتى وغلق أبوابها بحرص خوفا من عيث الصغار، يكون الخطيب قد شرع فى إقامة الصلاة . أسير مهرولا نحو...
* "حتى دودة طولها بوصة، لديها روح طولها نصف بوصة"/ مقولة بوذية هذا هو الربيع. بالتأكيد. الهواء الذي يشبه حالة نشوة خفيفة من بداية السكر. درجة الإضاءة الساطعة دون ما ألم للعينين. تنشق روائح مبهمة تخلط ما بين طمي الأرض، زهور الأوركيد، وأريج الماء. البشرة في تفتحها، والذاكرة كذلك. حملت بين يديها...
وجد صعوبة بالغة في ارتداء بدلته الإيطالية هذه المرة ، في الأونة الأخيرة اكتسب عدة كيلوجرامات من الشحوم نتيجة شراهته المفرطة ، وبعد طول عناء ، نجح في حشر كرشه المتدلي داخل البدلة ، كان يتصبب عرقاً وتقطعت أنفاسه . وضع ساعة الروليكس في معصمه ولم ينس أن يتعطر بأفخر العطور الباريسية ، طالع نفسه في...
وقف "السي الخمار"عند منتصف الورشة بين العمال واضعا يديه على خاصريه ،حاميا وجهه بقبعة من الحلفاء . عيناه كانت تنظر الى أبعد نقطة يمكن أن يرصدها بصره . أي شئ كان يشغل باله ؟ ربما كان يسترجع شريط الحرف التي زاولها و غادرها الواحدة تلو الأخرى. و ربما كان يستعيد حلقات المسلسل الطويل الذي انتهى به الى...
بدأت السماء تندف غيمات قطن ناصعة البياض وارتدت الأرض حلتها البيضاء ، تعرت الأشجار وخلعت رداءها الأخضر ، سقطت أوراقها اليانعة بعيد أن تلاعبت بها الريح فطوحت بها بعيدأ ، الأغصان عارية ومثقلة بالثلوج ، تجمدت الجداول والغدران وأصبح سطحها شفافاَ مع هبوب ريح باردة تخترق العظام عميقاً ، تحيل الجسم إلى...
"حكاية غرامي حكاية طويلة"، والغرام غرْم وغرامة ... أنا مثل طائر البطريق، لا أصلح سوى لامرأة واحدة، زوجتي تغار عليّ حتى من مذيعات الأخبار، في التلفزيون، الناس - وقد صارت قصتي على كل لسان- تعتقد أنها نفثت لي النفاثات في العقد ، لكني أعرف السبب، والمشكلة هي في زوجتي. وزوجتي هي الوحيدة التي تعرف...
بدأت قطرات المطر تتساقط تباعاً وهي تعانق أسطح المنازل والشوارع لتمتزج مع التراب مكونة تلك الرائحة المضمخة بأجمل العطور والتي يفهم سرها العشاق فتجعل صباحاتهم ندية بعبق اَخاذ ، حتى العصافير تصطف فوق أسلاك أعمدة الكهرباء والأشجار وهي تنفض ريشها بجذل ، الكون برمته يصيخ السمع لتلك السمفونية التي...
مدخل في قريتنا البعيدة.. المرمية تحت التل.. الرجال ..مشغولون بنسوة السياح..ونسوة السياح ملونات..ممصوصات كأعواد الذرة الناشفة..والحريم مشغولة بإغراء السياح لشراء(الجعارين)المسروقة..والسياح مشغولون بالفرجةعلى القرد العجوز..يحدقون فيه مبهورين..يطوفون حوله أسرابا..يتمسسحون فيه ويمسحونه في قدسية...
أعلى